Мои страницы... Моя жизнь (часть первая)

Наваль Эль Саадави d. 1442 AH
102

Мои страницы... Моя жизнь (часть первая)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

Жанры

فجأة انفتح باب العنبر واندفعت أبلة عزيزة الضابطة في يدها كشاف الضوء، لسوء حظنا كانت تقضي نهاية الأسبوع في المدرسة ولم تخرج كعادتها، سمعت صراخ المولود وهي تمشي في الممر أمام غرفتها، تصورت أن واحدة من البنات قد حملت سفاحا.

مظاهرات البنات

انقلبت الدنيا في مدرسة حلوان الثانوية للبنات، كان المفروض أننا بنات عذراوات لا نعرف شيئا عن «الجنس» أو الحمل السفاح، هذه الكلمة يجب ألا ننطقها في السر أو العلن باللغة العربية، وإن كانت مقررة علينا في إحدى الروايات فيمكن النطق بها باللغة الإنجليزية فقط، وداخل الفصل فحسب، وليس في عنبر النوم.

لم يكن لنا أن نعرف كيف يمكن للحمل الطبيعي أن يحدث، فما بال الحمل السفاح! كانت هناك حصة اسمها «رعاية الطفل»، تدخل ضمن المقرر في مدارس البنات فقط، في الحصة نهبط إلى بدروم المدرسة حيث غرفة كبيرة بها حوض يشبه البانيو، يمتلئ بالماء، وطفل من البلاستيك الأصفر تمسكه أبلة حكمت من تحت إبطيه وتشرح لنا كيف نحميه دون أن يغرق في الماء، ودون أن يدخل الصابون في عينه، لم تكن تشرح لنا كيف يأتي هذا الطفل إلى العالم. أبلة «حكمت» كانت تعطينا حصة أخرى تحت عنوان «الصحة والأحياء»، تشرح لنا كيف يحدث التلقيح بين الزهور والنحل والديدان، أما التلقيح عند الإنسان فكان من المحرمات، ومحظور علينا أن نعرفه.

في مكتب الناظرة الشبيهة بنبوية موسى وقفت أرتعد، في يدها تذكرة مكتوب عليها: مسرح الحرية يقدم صرخة في الليل، تأليف نوال السعداوي، دليل الجريمة المادي تلوح به في وجهي، عيناها جاحظتان من وراء النظارة كعيني طنط فهيمة، رذاذ لعابها يتناثر فوق وجهي من شدة الغضب. - واحدة طويلة زيك طول الباب تعمل حاجة فظيعة بالشكل ده! - يا أبلة الناظرة، دي مجرد قصة خيالية. - عاوزاها تبقى حقيقة؟! أما بنت قليلة الأدب بصحيح! وأصدرت الناظرة قرارا بنقلي من القسم الداخلي إلى القسم الخارجي وخصم ثلاث درجات من السلوك والأخلاق، تدخلت مس سنية لتخفيف العقاب، قالت للناظرة إني موهوبة. «يعني إيه يا ست سنية؟ الأخلاق عندي أهم من أي حاجة، دي بنت جريئة وممكن تفسد كل بنات الداخلية!»

لم تغير الناظرة قرارها إلا بمجيء ولي الأمر؛ أي أبي. عدت إلى مكاني في القسم الداخلي، إلا أن مسرح الحرية مات ، أصبحنا نكتفي بالغناء في ليالي الجمعة، نحن واقفات في النوافذ مثل السجينات، نسهر على ضوء القمر، نسترجع الذكريات الماضية، أو نحلق في السماء مع أحلام المستقبل. نتجمع حول فاطمة وهي تغني: «هو صحيح الهوى غلاب! ماعرفش أنا»، نرد عليها في كورس جماعي، قد نهبط إلى غرفة الموسيقى، تدق فاطمة على البيانو، وتلف صفية الحزام حول وسطها وترقص، نشاركها الرقص حتى يتصبب منا العرق.

لم تكن سامية تشترك في هذه الألعاب، تمط شفتيها المطبقتين في امتعاض. «البلد في أزمة، وأنتم نازلين لعب؟!»

كانت سامية تشعرنا دائما بالإثم، كأنما نحن السبب في احتلال الإنجليز لمصر، أو فساد الملك، أو انتشار الثالوث المشهور حينئذ: «الفقر والجهل والمرض»، أطلق عليها العنبر اسم بعبع أفندي.

نمت الصداقة بيني وبين فكرية، الرسم عندها مثل الكتابة عندي، أقرأ لها ما أكتب وتريني لوحاتها، في الليل بعد أن تنطفئ الأنوار تقرب سريرها من سريري وتهمس في أذني: «حادخل كلية الفنون الجميلة وأبقى رسامة مشهورة.»

حققت فكرية النصف الأول من حلمها، بعد التوجيهية دخلت الفنون الجميلة، ثم انقطعت أخبارها عني خمسة عشر عاما، كنت أبحث عن اسمها بين الرسامات دون جدوى. في صيف عام 1961 كنت على شاطئ البحر في الإسكندرية ألعب مع طفلتي الصغيرة «منى» في المياه الزرقاء، أحملها فوق الأمواج وأسبح بها كما كانت أمي تفعل معي وأنا في الرابعة من العمر، لمحت فكرية فوق الرمال حافية القدمين تمسك حذاءها في يدها، عيناها السوداوان شاردتان، وشفتها السفلية ممطوطة إلى الأمام بازدراء لكل ما في الكون. ابتسمت حين لمحتني داخل المياه، أشرقت أسنانها البيضاء في الشمس، تعانقنها بحرارة الصداقة بعد غيبة خمسة عشر عاما، سألتها عن الرسم، انطفأت بسمتها وهربت عيناها بعيدا وهي تمط شفتها: «أصلي أنا اتجوزت.» ثم أفلتت منها ضحكة قصيرة ساخرة: «على العموم جوزي فنان كبير، وهو يرسم لنا احنا الاثنين.» ضحكت: «يعني زي غاندي؟» سألتني ما علاقة غاندي بالرسم؟ حكيت لها عن غاندي حين سافر إلى قصر ملك الإنجليز في لندن، وسأله الملك حين رآه يدخل عليه شبه عار: لماذا لم ترتد ملابسك؟ فرد عليه غاندي: أنت ترتدي لنا نحن الاثنين!

Неизвестная страница