وهبيه الآن في يدك الرخصة الناعمة التي أودع الله فيها سر ثمرة من أحلى وأنضر ثمار الجنة فتذاق منها حلاوة الجنة بالتقبيل، إنه يلمسك ... إنه تحت أنفاسك يرتقب كلام شفتيك ... وربما فكرت قليلا فأطرقت إطراقة فلمست به خديك، وربما أغمضت عينيك ليسعدك فكرك العميق بأسلوب مقلوب ... فإذا أنت في ذلك قد ألصقت القلم بشفتيك، ولبثت ساكنة ولبثت ساكنا ...!
ويك يا قلمي الخبيث! أتريد أن تدعني ... لكأنك والله نفس معلقة في أصابعي تحب وتشتاق! •••
وماذا عسى أن يكتب إلي قلمي وهو ذاهل في راحتك سكران من أنفاسك، مضعضع من لمسة خديك، مترفع على الوجود كله بموضعه من شفتيك، وهو كالميت من إفراط هذه الحياة كلها عليه؟
أحسبه يكتب إلي من يدك هذه الرسالة:
سيدي الأستاذ الفيلسوف ...
لم يخالجني الريب قط في أنك من نزعاتك الروحانية ومن ذهولك الرباني كأنك في جو كوكب ... لا في جسم إنسان، وكأن عناصرك المطهرة قد أنضجها اللهب القلبي الذي يحرق الإنسان ورغائبه وأهواءه في شعلة متقدة تفني منه شكله الأدنى؛ لتوجد منه شكله الأسمى، وتدعه ذؤابة نور ترتعش.
وإن الساعة التي قرأت كتابك فيها لتكاد تشعرني بأنها من غير هذا الزمن، فكأنها خلقت لي تأتيني مع بريد من الملائكة حين يوافي البريد بكتابك.
وتالله إن كتابك يا سيدي لزهرة من روحك تحيتها عندي في تأملها والإعجاب بها، أما بلاغته فبالله أحلف صادقة ما رأيت أكمل منك لسان قلم ... ولا أذكى مع هذا القلم ... قوة طبع، ولا أبلغ طبيعة نفس، ولكأن قلمك ... مهبط إشعاع تلتقي إليه سبحات روح الجمال المنبثة المالئة هذا الوجود مما بين أزهار الأرض، إلى كواكب الفلك إلى حدود الحور في مقاصير الخلد.
وسألتني اللقاء، ولكن قلمك ... ساحر قدير فهو يستطيع أن يحملك إلي دائما في رسائلك البليغة، ولو شاء هذا القلم الساحر ... لجعل من الصحيفة روضا يفرشه تحت أقدامنا نثار الورد
4
Неизвестная страница