148

فمدت إلي نظرة طويلة كلها براهين على قوة هذا الشيطان الفاتن، وقالت: اسكت اسكت!

ثم لا أدري ما الذي أسكتني حينئذ ... أحسب أن الشيطان سد فمي بفمه! ... •••

آه! وأنا حين أقول آه! أحسبها شعلة تتلوى ذاهبة ممتدة في قلبي!

آه! وأنا حين أقول آه، أشعر أن قلبي يمدها طويلا طويلا؛ لتصل إلى قلب آخر!

آه! وأنا حين أقول آه، أراني بعدها كأن روحي طارت إلى آخر مدها ووقعت، آه!

هل أخطأت ...؟

قالت له يوما في أمر من الأمور: «قد أخطأت!» وغضبت أو تغضبت ... فكتب إليها هذه الرسالة:

لقد قلت يا حبيبتي إني أخطأت، ورميتني بها كلمة مقفلة لا منفذ منها ولا مخرج، ولا أدري والله كيف أخطأت، ولكنك لما قلتها وتغضبت فيها وتعتبت لها أثبت في الكلمة معناها ...

ولو أني راجعتك في ذلك مئة مرة، ولكل مرة برهان، ومع كل برهان اقتناع، لما استطعت أن أنتزع دلالك أو نعتك من هذه الكلمة. فأنا بدلالك أخطأت لا بعملي، وبرغبتك في الإساءة إلي قد صرت مخطئا لا بإساءتي، والتهمة ثابتة عندك لا بواقعة ولا دليل، ولكن بثبوت حبي لك ...!

ولقد نظرت إليك حين قلتها ونظرت إلي، فكانت شفتاك تتهمان، وعيناك تعتذران، وكان لساني يعتذر، وعيني تتهم، وكانت الكلمة نفسها تكاد تقول: ما جئتك لأدل على معنى وقع منك أنت؛ بل على معنى وقع فيها هي ...

Неизвестная страница