وتأوه حسين قائلا: لولا حبك الباقي في قلوبنا لمقتنا الناس إلى الأبد!
عند ذاك قال علي: لن يرتاح لنا بال حتى نكفر عن جبننا.
وعندما غادروا المقبرة متجهين نحو الخلاء، كان النور يصبغ الآفاق بمثل ذوب الورد الأحمر.
62
لم يعد أحد من الصحاب الأربعة يظهر في حارة الجبلاوي. وظن ذووهم أنهم غادروا الحارة خفية وراء رفاعة اتقاء لتحرش الفتوات. وعاش الرفاق في أطراف الخلاء في حال نفسية متوترة، يصارعون بكل قواهم وطأة الألم وحز الندم. كان فراق رفاعة أشد من الذبح على قلوبهم، وكان تخليهم عنه معذبا قاتلا. لم يبق لهم من أمل في الحياة إلا أن يتحدوا موته بإحياء رسالته، وأن ينزلوا العقاب بقاتليه كما صمم علي. أجل لم يكن في وسعهم العودة إلى الحارة، ولكن كان في مأمولهم أن يقابلوا من يشاءون خارجها. وذات صباح استيقظ ربع النصر على صوات عبدة؛ فهرع الجيران إليها يستطلعون الخبر فصاحت بصوت مبحوح: قتل ابني رفاعة.
ووجم الجيران وتطلعوا إلى عم شافعي الذي كان يجفف عينيه فقال الرجل: قتله الفتوات في الخلاء.
وعادت عبدة تنوح هاتفة: ابني الذي لم يؤذ أحدا في دنياه.
فتساءل البعض: وهل علم بذلك فتوتنا خنفس؟
فقال شافعي غاضبا: كان خنفس ضمن القاتلين.
وقالت عبدة باكية: وخانته ياسمينة فدلت بيومي عليه!
Неизвестная страница