67

Начало осени

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Жанры

ذهبت للبحث عنه؛ لأنها كانت تعرف أنه لن يأتي مطلقا إلى هناك ليواجه الآخرين جميعهم؛ وإنما كان سينزوي بعيدا مثل حيوان جريح. عرفت أنه كان يوجد شخص واحد فقط يمكنه تحمل رؤيته. معا كانا قد ناضلا من أجل حياة الصبي، ومعا يجب أن يواجها الحقيقة الصعبة والقاسية لموته.

وجدته واقفا في الشرفة، خارج النوافذ الطويلة لغرفة الجلوس، وحين اقتربت منه، رأته شاردا في حسرته لدرجة أنه لم ينتبه إليها. كان أشبه برجل واقع تحت تأثير تعويذة ما. كان واقفا هناك بكل بساطة، بقامته الطويلة عابسا ومتجهما، محدقا عبر الأهوار صوب البحر، وحيدا كما كان دوما، محاطا بدرع الوحدة المفجعة الذي لم ينجح أحد منهم، ولا حتى هي نفسها، في اختراقه. رأت حينئذ حزنا أفظع من حزنها. كانت قد فقدت ابنها ولكن في حالة جون بينتلاند كانت تلك هي نهاية كل شيء. رأت أن العالم بأكمله قد انهار من حوله. كان الأمر وكأنه هو أيضا قد مات.

في البداية، لم تتحدث إليه، وإنما ببساطة وقفت بجواره، وأخذت يده الضخمة النحيلة في يدها، وقد أدركت أنه لم ينظر إليها، وإنما ظل يحدق عبر الأهوار صوب البحر. وأخيرا، قالت له برفق: «قضي الأمر، أخيرا.»

ظل على حاله لا ينظر إليها، لكنه أجابها بنبرة هامسة تكاد لا تكون مسموعة: «أعلم.» كانت دموع تسيل على وجنتيه المجعدتين الهرمتين. كان قد خرج في عتمة الحديقة المعبقة بالروائح الذكية لينتحب هناك. كانت هذه هي المرة الوحيدة التي رأت فيها الدموع في العينين السوداوين المتقدتين. •••

لم يهدأ الصخب المكبوح والدارج الذي يحيط بالموت ليعم الصمت مرة أخرى إلا بعد منتصف الليل بوقت طويل، لتبقى أوليفيا بمفردها في الغرفة مع سيبيل. لم تتبادلا حديثا؛ لأنهما كانتا تعرفان جيدا عجز الكلمات عن التعبير، وفيما بينهما لم تكن ثمة حاجة إلى الكلام.

وأخيرا، قالت أوليفيا: «يجب أن تنامي قليلا يا عزيزتي؛ فغدا سيكون يوما مرهقا.»

عندئذ، أقبلت سيبيل، كطفلة صغيرة، وجلست على حجر والدتها وأحاطت عنقها بذراعيها وقبلتها.

قالت الفتاة بصوت خفيض: «أنت رائعة يا أمي. أعرف أنني لن أكون أبدا امرأة رائعة جدا هكذا. كان ينبغي علينا، جميعا، أن نريحك الليلة، وبدلا من ذلك، كنت أنت من توليت تدبير كل شيء.» قبلتها أوليفيا وحسب، بل وابتسمت لسيبيل قليلا قائلة: «أظنه أسعد الآن. لن يتعب ثانية أبدا كما اعتاد.»

كانت قد نهضت لتنصرف حينها سمعتا، من مكان ما على مسافة بعيدة، صوت موسيقى. وصل إليهما الصوت غامضا ومتقطعا محمولا مع النسائم الآتية من ناحية البحر، صوت موسيقى زاخرة بإيقاع ثائر وجامح، يرتفع ويهبط مصحوبا بإحساس متقد بالحياة. بدا لأوليفيا أن قوة خفية داخل أنغام الموسيقى اخترقت سكون البيت العتيق، وحطمت الصمت المهيب الذي خيم في النهاية على المكان مع اقتراب شبح الموت. بدا وكأن الحياة تحتفل بانتصارها على الموت، بظفر شرس وجامح ومبهج.

كانت الموسيقى تبدو أيضا غريبة وحماسية في ظل الأجواء الخفيفة والصافية لليلة من ليالي نيو إنجلاند، موسيقى لم يسمع أحد منهم مثلها من قبل؛ وتدريجا، مع تصاعد أنغامها الجامحة، تعرفت عليها أوليفيا؛ كانت الموسيقى الحماسية البربرية للرقصات القبائلية لأوبرا «أمير إيجور»، تعزف عزفا بارعا بحس من بهجة متحررة.

Неизвестная страница