46

Начало осени

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Жанры

كانت أوليفيا محقة في اعتقادها بأن آنسون شعر بالخجل من تصرفه ليلة الحفل الراقص. لكنه لم يعتذر لها ولم يأت على ذكر الأمر. واكتفى بعدم الحديث عنه ثانية. ولأسابيع بعد الواقعة لم يذكر اسم أوهارا، ربما لأن الاسم كان يثير حتما ذكرى حديثه المباغت المهين؛ غير أن شعوره بالخجل منعه من مضايقتها بالحديث في الموضوع. ما لم يعرفه مطلقا هو أن أوليفيا، رغم استيائها من الإهانة التي وجهت إلى والدها، شعرت أيضا بالسرور النابع من فساد أنثوي؛ لأنه أظهر ولو للحظة نوبة مفاجئة من الغضب الحقيقي. للحظة أوشك أن يصير الزوج الذي قد يثير اهتمام زوجته.

ولكنه في النهاية غاص من جديد في بحر من اللامبالاة التامة حتى إن حملة تلميحات العمة كاسي ومقترحاتها الخفية عجزت عن استثارته للإقدام على أي تصرف. تمكنت المرأة العجوز من الانفراد به مرة أو مرتين، قائلة له: «آنسون، والدك يكبر في السن ولا يمكنه تدبير أمر كل شيء أكثر من ذلك. يجب أن تشرع في اتخاذ موقف بنفسك. فلا يمكن للعائلة أن تعتمد على امرأة. بالإضافة إلى أن أوليفيا دخيلة حقا. ولم تفهم عالمنا قط.» وبعد ذلك كانت تهز رأسها بأسى، وتتمتم قائلة: «ستقع مشاكل يا آنسون، حين يموت والدك، إن لم تصبح سندا للعائلة. وستواجه مشكلة مع سيبيل؛ فهي غريبة وعنيدة بطريقتها الهادئة، تماما مثلما كانت أوليفيا في مسألة إلحاقها بمدرسة في باريس.»

وبعد فترة صمت، تعاود الحديث قائلة: «أنا آخر شخص في العالم يتدخل في شئون الآخرين؛ ولكنني أتحدث فقط من أجل مصلحتك ومصلحة أوليفيا ومصلحة جميع أفراد العائلة.»

ولكي يتخلص منها، كان آنسون يمنحها وعودا، مواجها إياها بعينين تتحاشيان النظر إليها في إحدى زوايا الحديقة أو المنزل القديم حيث كانت قد حاصرته بذكاء حتى لا يتمكن من الهروب منها. وكان يتركها، مضطربا وقلقا؛ لأن العالم وهذه العائلة التي أثقلت كاهله دون قصد، لن يدعاه ينعم بالسلام ليكمل كتاباته. كان يمقت العمة كاسي بشدة لأنها لم تتركه ينعم بالسلام مطلقا، منذ كان صغيرا حين جعلته يرتدي بنطالا من القطيفة وتركت شعره مجعدا فبدا أشبه باللورد الصغير فنتلوري مما أثار سخرية سابين الصغيرة الصهباء القبيحة. ولم تتوقف أبدا عن توبيخه على «عدم كونه رجلا يدافع عن حقوقه.» وبدا له أن العمة كاسي كانت تحوم دائما في الجوار، كثورة غضب خفية ملحة، تزعجه دائما؛ ومع ذلك كان يعرف، من منطلق الغريزة أكثر من أي عملية استدلال منطقي، أنها كانت حليفته في مواجهة الآخرين، حتى في مواجهة زوجته ووالده وابنيه. فهو والعمة كاسي كانا يعبدان نفس الإله.

لذلك لم يفعل شيئا، أما أوليفيا، فأوفت بكلمتها، وتحدثت مع سيبيل عن أوهارا في أحد الأيام وهما جالستان بمفردهما يتناولان وجبة الإفطار.

كانت الفتاة قد امتطت فرسها برفقته ذاك الصباح، وجلست وهي مرتدية زي ركوب الخيل، وقد تورد وجهها بفعل النشاط البدني الذي بذلته في الصباح الباكر، وكانت تخبر أمها عن جمال ريف دورهام، وعن جراء البيجل الوليدة، وعن وفاة سميث «العنيد»، الذي كان آخر مزارع في المقاطعة ينحدر من نسل سكان نيو إنجلاند القدامى. وقالت إن ابنه الأبله، سيرحل إلى ملجأ. وقالت إن أوهارا سيشتري قطعة الأرض الصخرية التي كانت ملكا له.

وعندما أنهت حديثها، قالت والدتها: «وماذا عن أوهارا؟ أنت معجبة به، أليس كذلك؟»

كانت لدى سيبيل طريقة في النظر إلى الأشخاص، وكأن عينيها البنفسجيتين كانتا تحاولان أن تخترقا كل الادعاءات المزيفة وتكشفا النقاب عن الحقيقة. كانت تتسلح بقوة نابعة من الصدق والبساطة كانت كفيلة بتبديد أي شكوك تماما، واستخدمت هذه القوة في تلك اللحظة، مبتسمة لوالدتها، بصدق.

وقالت: «أجل، أنا معجبة به كثيرا ... ولكن ... ولكن ...» وضحكت برقة. ثم قالت: «إن كنت قلقة بشأن زواجي منه، ووقوعي في حبه، فلا داعي لذلك. فأنا مولعة به لأنه الشخص الوحيد هنا الذي يحب الأشياء التي أحبها. إنه يحب ركوب الخيل في الصباح الباكر، بينما لا تزال قطرات الندى على العشب، ويحب أن يتسابق معي عبر المرج السفلي إلى جانب مقلع الحجارة، ولا أنكر أنه رجل مثير للاهتمام. فعندما يتحدث، يكون كلامه منطقيا. ولكن لا تقلقي؛ فلن أتزوجه.»

قالت أوليفيا: «شغلني الأمر، لأنك تقابلينه أكثر مما تقابلين أي أحد آخر هنا.»

Неизвестная страница