31

Начало осени

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Жанры

عدلت ابتسامتها، وواجهت الرجل المسن، قائلة: «إنها تبدو بحالة جيدة جدا اليوم ... جيدة جدا.»

وعندما فتح الباب، عبأت الرواق بأكمله رائحة كثيفة ومعقدة تتصاعد من الأدوية التي تفوق الحصر المتراصة في صفوف فوق بعضها في عتمة الغرفة المظلمة. دخل الرجل المسن الغرفة وأغلق الباب خلفه بسرعة؛ نظرا لأنها كانت تتأثر بالإضاءة الشديدة. فلم يكن يمكنها أن تتحمل وجود باب مفتوح أو نافذة مفتوحة بالقرب منها؛ وحتى في هذا اليوم المشرق أبقت الستائر المنسدلة الغرفة في ظلام دامس.

كانت قد ترسخت لديها فكرة أن أناسا بالخارج كانوا ينتظرون ليتلصصوا عليها ... مئات منهم يضغطون وجوههم على الألواح الزجاجية ليختلسوا النظر إلى غرفة نومها. مرت أيام تعذر فيها تهدئتها إلى أن غطيت ستائر النوافذ بطبقات سميكة من القماش الأسود. وكانت لا تنهض من سريرها إلا عند حلول الظلام خوفا من أن تراها الوجوه التي بالخارج واقفة مرتدية ثياب نومها.

وفقط عندما يحل الظلام كان بوسع الممرضة، عن طريق التحايل والمراوغة، تهوية الغرفة، ولهذا كانت تفوح منها رائحة كريهة منبعثة من الأدوية التي لم تتناولها قط، ولكنها ظلت موضوعة مرتبة بجوارها، صفا تلو الآخر، كما لو أنها تعاويذ أطباء مشعوذين. هكذا كانوا يجارونها مثلما كانوا يجارونها في حجب أشعة الشمس؛ لأن هذه كانت الطريقة الوحيدة التي أمكنهم بها أن يبقوها هادئة ويتجنبوا إرسالها إلى مكان ما كان من شأنها أن تحبس فيه خلف القضبان. وهذا أمر ما كان جون بينتلاند ليفكر، مجرد تفكير، فيه.

عندما دخل وجدها مستلقية على الفراش، وجسدها النحيف والهزيل لا يكاد يبين من تحت أغطية الفراش ... مجرد شبح امرأة كانت يوما جميلة بطريقة رقيقة. ولكن لم يبق الآن شيء من هذا الجمال باستثناء الشكل البديع للذقن والأنف والحاجبين. كانت مستلقية هناك، امرأة عجوز غريبة الأطوار غير واقعية، ذات شعر أبيض خفيف، وبشرة رقيقة أشبه برق كتابة، ووجه أخرق خال من التعبيرات بلا تجاعيد وكأنه وجه طفل. وعندما جلس بجانبها، انفتحت العينان الزرقاوان المستديرتان الخاليتان من التعبير وحدقتا فيه دون أي أمارة على أنها تعرفت عليه. أمسك في يده بإحدى اليدين النحيفتين ذواتي العروق الزرقاء، ولكنها ظلت، فحسب، هامدة، بينما جلس في صمت وترفق يراقبها.

مرة واحدة تكلم، مناديا إياها بلهفة باسمها، «أجنيس»؛ ولكن لم تأته أي علامة على رد، ولا حتى اختلاج واهن للجفون البيضاء الشفافة.

ومن ثم جلس طويلا هكذا في الظلام الدامس، تحيط به الرائحة الكريهة للأدوية، إلى أن استفاق على طرق على الباب وظهور مفاجئ لضوء النهار عندما فتح الباب ودخلت الآنسة إيجان، بعدما ضبطت ابتسامتها الخاطفة الكاشفة عن أسنانها، وقالت: «انتهت الخمس عشرة دقيقة يا سيد بينتلاند.»

وبعدما أغلق الباب خلفه، غادر مبتعدا وهبط على مهل وبتأن درجات السلم المتهالكة مرة أخرى وخرج إلى أشعة شمس نيو إنجلاند الربيعية الساطعة جدا. مارا بالشرفة الخضراء، المحاطة بباقات كبيرة من زهور السوسن والفاوانيا وعدد قليل من زهور التوليب الجديدة، شق طريقه إلى ساحة الإسطبل، حيث كان هيجينز قد ترك الفرس الحمراء في عهدة صبي بولندي كان يؤدي مهام غريبة في أرجاء المزرعة. وقفت الفرس، التي تضاهي في جمالها ورقتها زنبركا فولاذيا جميلا، في توتر تنبش الحصى بحوافرها وتهز رأسها الجميل. وبعيدا عنها وقف الصبي، الذي كان صبيا أخرق جدا ذا شعر أصفر كثيف، ممسكا بزمامها وذراعه مفرودة.

وما إن رآهما الرجل المسن حتى ضحك وقال: «يجب ألا تدعها تستشعر خوفك منها يا إجناز.»

أفلت الصبي الزمام وتراجع إلى الخلف مسافة قصيرة، وهو لا يزال يراقب الفرس باستياء. ثم قال متجهما: «حسنا، حاولت أن تعضني!»

Неизвестная страница