ويمضي في طريقه حتى يبلغ أيلة،
2
وينتظر الناس موكب أمير المؤمنين يحسبون أنه سيطلع عليهم في زينته، يحيط به جنده ورجاله. والذي رأى منهم هرقل حين فتح بيت المقدس قبل عشر سنين، أو شهده من بعد في حل أو ترحال، تخيل عمر قادما في موكب كموكب هرقل، أو موكب دونه، ولكنه موكب ملك أو أمير.
لما دنا عمر من أيلة تنحى عن الطريق، وتبعه غلامه، فنزل فمشى قليلا، ثم عاد فركب بعير غلامه، وعلى رحله فرو مقلوب، وأعطى غلامه مركبه.
وكأن عمر خاف أن يداخله الزهو وهو على مركبه في غير زينة، فآثر أن يشعر نفسه أنه وخادمه سواء، فتحول إلى رحل غلامه.
فلما تلقاه أوائل الناس قالوا: أين أمير المؤمنين؟ قال: أمامكم «يعني نفسه». وذهبوا أمامهم، فجازوه، حتى انتهى هو إلى أيلة فنزلها، وقيل للمتلقين: قد دخل أمير المؤمنين أيلة ونزلها. فرجعوا إليه،
3
واجتمع الناس إلى رجل جسيم أصلع أشقر، شديد الحمرة، كثير السبلة
4
في أطرافها صهبة، وفي عارضيه خفة؛ رجل لا تقع العين منه إلا على الوقار والتواضع، والشدة في الحق، والرأفة بالضعفاء. رأوا ملكا في زي ناسك، وراعي أمة في صورة راعي ثلة،
Неизвестная страница