فصل في بيان ِ تَحْرِيْمِ الوَقفِ لِلمَشاهِدِ وَالنذْرِ لها وَإسْرَاجِهَا
وَكمَا لا تَصِحُّ الصَّلاة ُ مُطلقا في شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ المسَاجِدِ المبْنِيَّةِ عَلى القبوْرِ، أَوْ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْهَا: فلا يجُوْزُ الوَقفُ عَليْهَا، وَلا يَصِحُّ، فإنْ أَوْقفَ: لمْ يُعْمَلْ بهِ، وَكانَ الوَاقِفُ آثِمًا.
وَلا يجُوْزُ إسْرَاجُ ضَوْءٍ فِيْهَا، لأَنهُ ﷺ لعَنَ مَنْ يتَّخِذُ القبوْرَ مَسَاجِدَ، وَلعَنَ مَنْ يتَّخِذُ عَليْهَا السُّرُج.
وَقدْ عَدَّ ابنُ حَجَرٍ الهيْتَمِيُّ في «الزَّوَاجِرِ، عَن ِ اقتِرَافِ الكبَائِر» (١/ ٣٢٠): إيْقادَ السُّرُجِ عَلى القبوْرِ مِنَ الكبَائِرِ العِظامِ، وَجَعَلهَا كبيْرَة ً في مَوْضِعَيْن ِ مِنْ كِتَابهِ، فجَعَلهَا الكبيْرَة َ الرَّابعَة َ وَالتِّسْعِيْنَ، ثمَّ أَعَادَهَا (١/ ٣٦١) وَجَعَلهَا الكبيْرَة َ الثّانِيَة َ وَالعِشْرِيْنَ بَعْدَ المِئَة.
وَلا يَصِحُّ النذْرُ لها، بَلْ هُوَ نذْرُ مَعْصِيَةٍ، تجبُ فِيْهِ التوْبة ُ وَالكفارَة ُ، وَكفارَتهُ كفارَة ُ يَمِيْن ٍ، كمَا ثبتَ فِي «صَحِيْحِ البُخارِيِّ» (٦٦٩٦) عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «مَنْ نذَرَ أَنْ يُطِيْعَ الله َ فليطِعْهُ، وَمَنْ نذَرَ أَنْ يَعْصِيَ الله َ فلا يَعْصِه».
وَذكرَ هَذَا شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمية َ ﵀ ُ في «شَرْحِ العُمْدَةِ» وَرَجَّحَهُ، وَلا يَسَعُ أَحَدًا خِلافه (٢/ ٤٥٠).