فصل في زَعْمِ جَمَاعَةٍ مِنَ القبوْرِيِّينَ: أَنْ لا عَوْدَة َ لِلشِّرْكِ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ، وَلا حَاجَة َ لِسَدِّ ذرَائِعِهِ وَوَسَائِلِهِ، وَأَنَّ قوْلَ النَّبيِّ ﷺ «لا يَجْتَمِعُ دِيْنان ِ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ»، وَقوْلهُ ﷺ «إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أَيسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المصَلوْنَ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ»: دَلِيْلان ِ عَلى صِحَّةِ أَعْمَالهِمُ الشِّرْكِيَّةِ المنافِيَةِ لِلإيْمَان ِ، وَبيان ِ فسَادِ اسْتِدْلالهِمْ وَنقضِهِ، وإخْبَارِ النَّبيِّ ﷺ بعَوْدَةِ الشِّرْكِ إلىَ جَزِيْرَةِ العَرَبِ بَعْدَ انتِشَارِ الإسْلامِ، وَإكمَال ِ الرِّسَالةِ، لِتَفرِيْطِ النّاس ِ في سَدِّ ذرَائِعِ الشِّرْكِ، وَمَنْعِ أَسْبَابه
قدْ زَعَمَ جَمَاعَة ٌمِنْ سَدَنةِ القبوْرِ، وَدُعَاةِ الضَّلالةِ إلىَ دَارِ الثبوْرِ: أَنَّ قوْلَ النَّبيِّ ﷺ «إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أَيسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المصَلوْنَ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ، وَلكِنْ في التَّحْرِيْش ِ بَيْنَهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ في «صَحِيْحِهِ» (٢٨١٢) مِنْ حَدِيْثِ جَابرِ بْن ِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ الله ُ عَنْه.
وَزَعَمُوْا كذَلِك َ: أَنَّ قوْلهُ ﷺ: «لا يَجْتَمِعُ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ دِيْنَان ِ» رَوَاهُ الفاكِهيُّ في «أَخْبَارِ مَكة َ» (٣/ ٤٤) (١٧٦٢) وَالبَيْهَقِيُّ في «سُننِهِ الكبْرَى» (٦/ ١١٥) مِنْ حَدِيْثِ ابْن ِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيْدِ بْن ِ المسَيِّبِ عَنْ أَبي هُرَيْرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْه (١).
(١) - وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزّاق ِ في «مُصَنَّفِهِ» (٦/ ٥٣) (٩٩٨٤) مُرْسَلا ً، مِنْ حَدِيْثِ سَعِيْدِ بْن ِ المسَيِّب.
وَرَوَاهُ مَالِك ٌ في «الموَطإ» (١٦٥١) عَن ِ ابْن ِ شِهَابٍ مُرْسَلا ً. وَهَذَان ِ المرْسَلان ِ مَوْصُوْلان ِ حَقِيْقة ً، مِنْ حَدِيْثِ أَبي هُرَيْرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ، وَقدْ تقدَّم.