وفيه أنه لو كان التأكيد ما ذكره لم يصح أنه يؤكد التقديم في: أنا سعيت تارة بوحدي، وتارة مرة بلا غيري فالصحيح: أن التأكيد إعادة ما أفيد بشيء بمفيد آخر، وفيما ذكره المصنف بحيث؛ لأن المسند إليه عند التحقيق: ما أضيف إليه كل، وكل لبيان أفراد المسند إليه، ولذا لا يوصف، بل المضاف إليه فالنفي عن الجملة أو عن كل فرد لا يستفاد إلا من الإسناد إلى ما أضيف إليه، وأيضا لا يجرى ما ذكره لو وضع لام الاستغراق موضع كل؛ لأن المفيد للنفي في الصورتين الإسناد إلى أمر واحد، فاللام لتأكيد ما يفيده الإسناد وتقريره، فإن قلت: هذا الجواب ينافي الجواب الذي بعده؛ لأن مقتضاه: أن كلا على هذا التقدير في # الصورتين تأسيس لا تأكيد، ومقتضى قوله: (ولأن الثانية) أي: السالبة المهملة، نحو: لم يقم الإنسان (إذا أفادت النفي عن كل فرد فقد أفادت عن الجملة فإذا حملت) كل (على الثاني لا يكون تأسيسا) إن كلا إذا أفادت ما أفاده التركيب قبل دخوله تأكيد: قلت: الجواب الثاني مبني على تسليم أن كلا تأكيد، ففي هذا الجواب تسليم ما منع في الأول وقد نبه عليه المصنف في الإيضاح حيث قال: وإن سلمنا أن يسمى توكيدا يعني: لو اصطلح على تفسير التوكيد بما يفيد معنى يحصل بدونه، ولا مسامحة فيه، فالثانية بعد الحمل على ما حملت لا يكون تأسيسا، بل تأكيدا، ولا يكون فيه ترجيح التأسيس على التأكيد، بل ترجيح تأكيد على تأكيد، ولا يخفى أنه يمكن أن يناقش حينئذ- أيضا- بأن ما هو المشهور: أن التأسيس خير من التأكيد بالمعنى الاصطلاحي (¬1)، ولهذا أوضح بأن الإفادة خير من الإعادة، وأما كون التأكيد بهذا المعنى خيرا من التأسيس المقابل له فغير بين ولا مبين، وكيف ولا يتحاشى أحد من استعمال بعض الإنسان لم يقم، ولم يقم بعض الإنسان مع أنه يفيد فائدتهما مع الإنسان لم يقم، ولم يقم الإنسان؟ وأجاب الشارح عما ذكره المصنف بأن إفادة النفي في الجملة في ضمن إفادة النفي عن كل فرد خلاف بعض مع الثبوت لبعض، وكل إفادته على الوجه المحتمل؛ لأن يكون في ضمن النفي عن كل فرد، وفي ضمن النفي عن بعض مع الثبوت لبعض، والكل يفيد الثاني، والمفاد قبل الكل هو الأول فيكون تأسيسا وفيه ضعف؛ لأن: لم يقم كل إنسان لنفي الشمول مع بقاء أصل الفعل كما سيجيء.
Страница 398