مع تمسكهم به١.
١ يثبت التاريخ أنه كلما قام رجال بالدعوة للدين الصحيح، وتطهير الاعتقاد، وقمع البدع، فإن الإسلام يقوى ويحيى فيه الجهاد، وتعتز الأمة وتسترد ما سلب من أوطانها، ومن شواهد ذلك ما حصل من استرداد بيت المقدس من الصليبيين، ودحر حملاتهم المتأخرة –ومنها الحملات التي قادها لويس- على أيدي رجال أمثال: نور الدين زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، ومن جاء بعدهم واقتفى أثرهم في الصلاح والجهاد، قال ابن كثير –﵀ في ترجمة نور الدين زنكي:"كان مجاهدًا في الفرنج آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، محبًا للعلماء والفقراء والصالحين، مبغضًا للظلم، صحيح الاعتقاد مؤثرًا لأفعال الخير، ولا يجسر أحد أن يظلم أحدًا في زمانه، وكان قد قمع المناكر وأهلها، ورفع العلم والشرع، وكان مدمنًا لقيام الليل، إلى أن قال: قال ابن الجوزي: استرجع نور الدين محمد بن زنكي –رحمه الله تعالى- من أيدي الكفار نيفًا وخمسين مدينة".
البداية والنهاية للحافظ ابن كثير ١٢/٣٨٧، دار الفكر العربي.
ففي مثل هذه الأحوال التي يقام فيها الإيمان الصحيح، وينصر تتجلى آثار الإيمان المباركة –التي هي موضوع هذه الدراسة- ومنها ولاية الله لعباده بحفظهم، والدفاع عنهم وتمكينهم في الأرض، كما يشهد لذلك ما حصل للموحدين في نجد، في القرن الرابع عشر الهجري الذين دعوا إلى ما دعا إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب –﵀ من تصحيح الاعتقاد ونبذ البدع واتباع السنة والجهاد في سبيل الله، فحفظهم الله في الجزيرة العربية، في وقت اكتسح فيه الاستعمار الصليبي جميع البلاد الإسلامية تقريبًا، فحفظهم الله وحفظ بهم منهج السلف الصالح. وإذا قورنت هذه الأحوال بالأحوال التي ضاعت فيها بلاد المسلمين نجد أن السبب الأهم هو الانحراف عن الإيمان، وكثرة البدع والعصيان، ومن شواهد ذلك ما قاله ابن كثير وهو يبين سبب انتصار الروم على المسلمين وانتزاعهم الكثير من بلادهم:" ... وذلك لتقصير أهل ذلك الزمان، وظهور البدع الشنيعة فيهم، وكثرة العصيان من الخاص والعام منهم، وفشو البدع فيهم، وكثرة الرفض والتشيع منهم، وقهر أهل السنة بينهم".
البداية والنهاية المصدر السابق ١٢/٣٤٣.