قال خفاف بن نُدْبَة١:
ألا مَن مُبْلغٍ عمرًا رسُولًا ... وما تُغْنى الرسالةَ شطْر عمْرو
وهذا كله مع غيره من أشعارهم يُبيِّن أن شطر الشيء: قصدَ عين الشيء، إذا كان مُعَاينًا فبالصواب، وإذا كان مُغيَّبًا، فبالإجتهاد بالتوجه إليه، وذلك أكثر ما يمكنه فيه٢.
إذًا كلما كان المسلم يرى الكعبة بعينه المجرّدة، فلا يجزئه عند الصلاة إلاّ استقبال عينها، كما لو كان قذيفة أُطلقت من مَدْفَعٍ نحو الكعبة، وكلما بَعُدَ عن مركز البيت الحرام اتسعت جهة القبلة إليه، كوضع (الفرجار) يكون طرفاه مُتطَاَبِقين، ثم يأخذ كل طرف يبتعد عن مركز الدائرة حتى تصل الزاوية بينهما إلى (١٨٠ْ) درجة.
فمن صلّى في المسجد الحرام استقبل عين الكعبة، ومن كان بمكة استقبل جهة المسجد الحرام، ومن كان خارجها استقبل جهتها، ومن كان خارج جزيرة العرب اتجه نحو جزيرة العرب٣.
والكعبة البيت الحرام منذ إنشائها إلى أن ترك إبراهيم الخليل ﵇ بعض أهله في موضع قرب البيت العتيق، لم يستقر حولها من السكان أحد