164

آثار ابن باديس

آثار ابن باديس

Исследователь

عمار طالبي

Издатель

دار ومكتبة الشركة الجزائرية

Номер издания

الأولى عام ١٣٨٨ هـ

Год публикации

١٩٦٨ ميلادية

Жанры

نعمة الإظهار والبيان بالرسول والقرآن: لقد كان الناس أهل الكتاب وغيرهم قبل بعثه النبي ﷺ في ظلام من الجهل بالله وبأنبيائه وبشرعه. ومن الجهل بآيات الله في أنفسهم وفي الكون. ومن الجهل بنعم الله عليه في أنفسهم بالعقل والفكر والإستعداد للخير والكمال، وفي العالم المسخر لهم بما أودع فيه من مرافق العيش والعمران والحياة، ومن الجهل بقيمة أنفسهم الإنسانية وكرامتها وحريتها. فلما بعث الله محمدًا ﷺ كان بقوله وبفعله وبسيرته معرفًا للخلق لما كانوا يجهلون. فكان نورًا ساطعًا في ذلك الظلام الحالك فبدده عن البصائر. وكما أن النور الكوني يجلو الموجودات الكونية للأبصار فكذلك كان محمد ﷺ ذلك النور الروحي الرباني يجلو تلك الحقائق للبصائر، وكما أن النور الكوني يظهر الموجودات الكونية فلا يحرم منها إلا معدوم البصر فكذلك كان محمد ﷺ ذلك النور الرباني مجليًا للحقائق البشرية كلها ولا يحرم من إدراكها إلا مطموسو البصائر الذين زاغوا فأزاغ الله قلوبهم. وكما كان محمد ﷺ نورًا تنبعث من أقواله وأفعاله وسيرته الأشعة الكاشفة للحقائق، كذلك كان الكتاب الكريم الذي أنزله الله عليه يبين بسوره وآياته وكلماته تلك الحقائق أجلى بيان. فبمحمد ﷺ وكتابه تمت نعمة الله- تعالى- على البشرية كلها بإظهار وبيان كل ما تحتاج إلى اظهاره وبيانه. ولما دعا الله إلى تصديق رسوله بالحجة العلمية الخلقية من بيانه وتجاوزه ذكر بهذه النعمة العظمى في قوله تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾. محمد ﷺ والقرآن نور وبيان: في هذه الآية وصف محمد ﷺ بأنه نور

1 / 167