وكان الشيخ البلشفي اسكربنك وزير التربية في أوكرانيا ضحية ذلك الانقلاب الثاني، فأخرج من بلده، واضطر إلى الانتحار لهذا السبب ولغيره من الجرائم «الفكرية».
ولكن المشرفين على هذه المأساة الهازلة لم يكونوا يسمحون بأقل نقد لها وقت تمثيلها، وعدنا نحن الرفاق الخمسة إلى بيتنا ذات مساء بعد أن استمعنا إلى خطبة ألقاها الرفيق اسكربنك في امتداح سياسة الأكرنة الجديدة والإشادة بنعمها، وأثر فينا جميعا إخلاصه هذا وذكاؤه، على الرغم من ارتيابنا في حكمة السياسة اللغوية الجديدة.
وقال فانيا: «قد يكون الرجل على حق، ولكن تبا له! إني لا أستطيع دراسة شيء ما باللغة الأوكرانية، وحسبي ما ألاقي من صعاب في دراسته باللغة الروسية.»
فلما سمع منه فجورا هذا السؤال هز رأسه وهو محزون وقال له: «ليس من حقك أن تنطق بهذه الأقوال، إن الحزب يرى هذا فرضا واجبا وعلينا نحن أن نصدع بما نؤمر.»
فأجابه ألكسي بقوله: «إن النظر إلى الأمور هذه النظرة الرسمية لا يجدي نفعا، وإنك يا جورج لا تفيد الحزب أقل فائدة بإصرارك على عدم التفكير المستقل، وإن منهج الأكرنة المتطرف لا ينفع قضيتنا بل يضرها، ومهما يكن من شأننا فإنا أقدر على تبين النتائج واضحة من الهيئة السياسية العليا في الكرملن.»
وقلت أنا: «إن ألكسي على حق فيما يقول، وهذا العمل كله خرق وحماقة، ومن حق الناس أن يستخدموا أية لغة يشاءون.»
وصاح فجورا قائلا: «إنك الآن تطعن في الكرملن ، إن المسألة قد أصبحت من الأمور المقررة، وأنا أرفض البحث فيها بعد أن تقررت.»
ولما واصلنا بحث الموقف وتحليله، وجهرنا بأملنا في تغييره، غادر فجورا الحجرة وهو غاضب ، وأقبل اليوم الثاني وإذا أمين سر لجنة الحزب يستدعيني أنا وألكسي، فلما دخلنا عليه بدأ يتحدث عن أمور أخرى، ولكنه لم يلبث أن انتقل إلى برنامج الأكرنة، وقال إنه قد بلغه أننا ننتقد هذا البرنامج، وأننا نشيع حوله جوا من الشك.
وتبين لنا أن فجورا نقل أخبارنا إليه؛ ولهذا جلسنا نحن الأربعة في انتظاره حين عاد من العشاء في مساء ذلك اليوم، وكان فانيا أول من تكلم، فقال: «يا جورج، إنك تستطيع أن تساعدنا في الوصول إلى رأي كنا نتناقش فيه، إنك تعرف الكتاب المقدس، أليس كذلك؟» - «بلى، إني أعرفه.» - «إذن فقل لنا كم كان عدد أولاد نوح وما هي أسماؤهم؟»
فأجاب فجورا الأديب المثقف: «كان لنوح ثلاثة أولاد: سام وحام ويافث.»
Неизвестная страница