156

Я выбрал свободу

آثرت الحرية

Жанры

N. K. V. D. )، لكن تبدل الأسماء لم يغير شيئا لا من أساليبها ولا من الاسم المخيف الذي شاع في النفوس عن «سيف الثورة المسلول» الذي يتمثل في هذه الهيئة، ولبث المشتغلون بهذه الإدارة الشرطية ينعتون بأول أسمائها، وهو اسم التشيكيون

Chekists ، كما لبث الروس أعواما يطلقون عليهم ثاني الأسماء

G. P. U.

حتى بعد أن تغير الاسم بحيث أصبح

N. K. V. D. .

كانت صلتنا برجال الشرطة السرية المحلية تتفاوت شدة، فهي أضعف برئيسها «دوروجان» منها بمساعده النشيط «جرشجورن» الذي كان منوطا به القسم الاقتصادي من تلك الشرطة السياسية الخاصة بمدينة نيقوبول وما حولها، وإن «جرشجورن» هذا ليحتل مكانا خاصا بين مجموعة من يجللهم العار في ذاكرتي، فهو رجل بدين، له عينان صغيرتان سريعتا الحركة، ركزتا في وجه مليء حليق، ورأسه كذلك حليق فترى جمجمته صاعدة في تدرج حتى تبلغ نقطة كأنها قمة الجبل، وكان إذا ما تحدث أخذ يسترضي أو يهاجم بالسباب حسب طبيعة الشخص الذي يتحدث إليه، ولئن كان في تركيب هذا الرجل ذرة واحدة من كرم النفس الإنسانية ، فلم يتح لي أن أراها في الأعوام التي عرفته فيها معرفة كان يضيق لها صدري.

كان أهم ما خصصت له الشهر الأول من أعمال هو جمع الآلات وغيرها من الضروريات الأولية لتنظيم الإنتاج، وكان هناك فرعان ثانويان من المصنع خصصا لخراطة الأنابيب في كل منهما نحو ألف وخمسمائة من العمال والعاملات، ولم ألبث طويل زمن حتى أسندت إلي إدارة أحد هذين الفرعين، فما دنا شهر يونيو من ختامه حتى كانت عجلة الإنتاج دائبة السير، إذ صادف تكليفي بهذا المنصب وتبعاته هوى من نفسي على الرغم مما فيه من مخاطر، فلم أكد أفسح لنفسي من فراغ الوقت ما يكفي للنوم حرصا مني على أن تتصل حركة العمل على أساس ثلاث نوبات في اليوم الواحد.

وكنت كلما سرت آنا بعد آن في أرجاء المصنع وأدركت أن كل ما فيه يطن طنينا سويا شعرت بسعادة تعز عن التعبير، وفي مثل تلك اللحظات كنت أفهم فهما صادرا من أعمق أعماق نفسي معنى قولهم: «لذة العمل»، فما كان أجمل هذه الحياة لو قل الجواسيس عددا وقلت الريبة وذهبت عن الناس حالة الفزع التي تشل عقولهم عن التفكير وتضيق الخناق على أنفسهم أيما تضييق!

لقد كنت أعلم علم اليقين أن كل خطوة أخطوها لها أعين ترقبها وتسجلها، ولست أعني سلوكي في المصنع فحسب، بل كذلك ما يتعلق بحياتي الخاصة، ولم أشك لحظة في أن أمينة سري واسمها «توفينا» - وهي امرأة نصف صارمة قادرة - كانت تقدم عني التقارير، كما كان يقدم عني التقارير كذلك سائق سيارتي وخادمة داري، وواحد على الأقل - إن لم يكن أكثر من واحد - من مساعدي في العمل، لكني تجاهلت علمي بهذا تجاهلا لم ينسني إياه نسيانا تاما، فقد كان لي بمثابة الواخز الذي يؤرقني إذا ما عملت أو فكرت.

فلطالما تبين لي أن كل كلمة مما كان يدور في اللجان العادية التي نعقدها للنظر في شئون الإنتاج، كانت تبلغ «هانتوفتش» رئيس الإدارة الخاصة، وهذا بدوره يبلغها بالطبع إلى «جرشجورن» صاحب العينين المترجرجتين، ولم يكن ما يدور في هذه اللجان سرا، كلا ولا كان فيها شيء مما يستوقف النظر، ولكم كان يسرني أن أدون محاضرها لكل من يريد أن يعلم عنها شيئا، ولم يكن يضايقني أشد الضيق إلا أساليب التجسس؛ ذلك لأني لم أستطع أن أتخيل نفسي قط عاملا من عوامل التخريب؛ فلذلك كانت محاولات التجسس تسوءني أشد الإساءة حتى لأعدها إهانة وسبابا.

Неизвестная страница