141

Я выбрал свободу

آثرت الحرية

Жанры

ذهبت إليه فأدخلني ظنا منه أني مريضة، لكنه لم يكد يغلق الباب من دوننا حتى جثوت أمامه على ركبتي وصارحته بما ذهبت إليه من أجله والدمع يتساقط من عيني، وكان رجلا طيب القلب، لكن قصتي التي رويتها له أفزعته حتى أطارت صوابه، وتوسل إلي أن أنصرف عنه، قائلا: إن عمله في السجن سر لا يفشى فلا يستطيع أن ينبئني بشيء.

قال: «اذكري من فضلك يا عزيزتي أنني رجل ذو زوجة وأبناء، ولا أستطيع أن أعرض نفسي للخطر، الحق أني آسف، لكني لا أستطيع إزاءك شيئا، لا أستطيع شيئا، بالله اتركيني وإذا كنت تكنين الحب لأسرتك فلا تجلبي الشقاء لأسرتي.»

لكني أبيت أن أتركه، وأخذت أبكي تارة وأتحدث طورا حتى غلبته على أمره فوافق أن يعين لي موضع أبي إن كان حقيقة في مستشفى السجن، واتفقنا أن أتصل به بعد ثلاثة أيام عن طريق المسرة من تليفون عام.

وظلت أمي تعد لفائف الطعام لأبي، وظللت آخذ هذه اللفائف فأعطيها للسائلين، وأخذت أرقب الموعد المضروب بيني وبين الطبيب، حتى إذا ما آن، اتصلت به خلال المسرة.

قال لي منذرا: «تشجعي وتملكي نفسك، فلدي أخبار لا تسر، أبوك في المستشفى، وأرجح ظني أن حالته لا تبعث على رجاء لأن رئتيه ملتهبتان ... زيدي على ذلك ...» وهنا تردد قليلا «إن بجسده كدمات خطيرة، مع السلامة، أنا شديد الأسف.»

ذهبت إلى مكتب الشرطة السياسية كارهة، وأرسلت اسمي للرئيس، فلم يلبث أن دعاني للدخول، وقابلني عند الباب يبتسم ابتسامة عريضة. - «ماذا أتى بك من جديد؟ هل اتخذت قرارا حاسما؟»

قلت: «كلا، فقبل أن أحسم قراري لا بد أن أرى أبي.» - «إن تدبير ذلك عسير، ولست أريد لك اضطرابا، فأبوك في المستشفى، وليس في حالة تسمح بزيارته.» - «أرجوك، أرجوك أن تأذن بزيارتي إياه، فأنت إنسان من البشر أيا ما كانت الحال ...» - «ليس من هنا ناس من البشر يا «إلينا بتروفنا»، بل هنا رعاة الثورة، ليس هنا مكان لعاطفة، وما أدواتنا التي نقاتل بها أعداء الدولة سوى العذاب والموت، وخير لك أن تتبيني هذه الحقيقة عاجلا والشر في التسويف، سآذن لك برؤية أبيك على أساس واحد وهو أني أريد معونتك، اذهبي إلى السجن، ففي طريقك إليه سأرسل أمري بذلك، وفكري في الأمر الذي أعرضه عليك ودعي عنك هذه البلاهة الحمقاء.»

ساروا بي إلى عنبر حيث كان أبي وحده في غرفة نقلوه إليها استعدادا لزيارتي، كان راقدا على سرير من الحديد، ساكنا سكون الموت، وقد طالت له لحية بيضاء في هذه الشهور التي افترقنا خلالها، لم يبق له من جسده إلا جلد وعظام، ورأيت على جبهته وعلى صدغيه الغائرين أشرطة قبيحة من الجلد، كما رأيت أربطة على أصابعه وذراعيه، دنوت من سريره فلم يكن لديه من العافية ما يعينه على ابتسامة الترحيب، ولما أخذ في الحديث رأيت ما راعني إذ رأيت أن أسنانه الأمامية قد خلعت عن فكه خلعا.

قال بصوت متكسر: «لا تبكي يا يولوشكا.» هذا هو الاسم الذي كان يدللني به منذ طفولتي.

كنت قد أوصيت أن أتحدث في أمور عائلية وألا أعرج بالحديث على شئون السياسة، لكن الحارس الذي صحبني هاله ما رأى فأدار وجهه عنا تلميحا لنا بأنه لن ينصت إلى الحديث، وأشار أبي إلي بإصبعه أن أنحني إليه، ثم همس في أذني: «ها أنت ذي تشهدين حالي يا «يولوشكا»، لقد جعلوا يضربونني يوما بعد يوم، فأداتهم هي التعذيب، ومئات ممن سجنوا في «الحجر المنفردة» ها هنا يجلدون بالقطائل المبتلة ولا يخلى بينهم وبين النوم أسابيع متوالية، أو هم يوضعون في غرف هي الجليد في بردها، لقد ضربوني في غير رحمة لأسمي لهم شركائي في المؤامرة.

Неизвестная страница