قلعه، ولا يتأتى نقبه، وإذا رأى الناظر إلى تلك الهيكل والقبة والبئر وحسن بنيتها، مال قلبه إليها وتأسف على فساد شيء منها.
ومن عجائب الصين ما ذكر صاحب تحفة الغرائب ان بها طاحونة يدور حجرها التحتاني، والفوقاني ساكن، ويخرج من تحت الحجر دقيق لا نخالة فيه، ونخالة لا دقيق فيها، كل واحد منهما منفرد عن الآخر.
وبها قرية عندها غدير فيه ماء في كل سنة يجتمع أهل القرية ويلقون فرسًا في ذلك الغدير، والناس يقفون على أطرافه، كلما أراد الفرس الخروج من الماء منعوه، وما دام الفرس في الماء يأتيهم المطر، فإذا أمطروا قدر كفايتهم وامتلأ الغدير، أخرجوا الفرس وذبحوه على قلة جبل، وتركوه حتى يأكله الطير، فإن لم يفعلوا ذلك في شيء من السنين لم يمطروا.
وبأرض الصين الذهب الكثير والجواهر واليواقيت في جبل من جبالها، وبها من الخيرات الكثيرة من الحبوب والبقول والفواكه والسكر، وفي جزائرها أشجار الطيب كالقرنفل والدارصيني ونحوها، قالوا: القرنفل تأتي بها السيول من جبال شامخة لا وصول إليها وبها من الهوام والحشرات والحيات والعقارب شيء كثير، ولا تظهر بالصيف لأنها ملتفة بأشجارها، تأكل من ثمارها وأوراقها وتظهر في الشتاء.
ولأهل الصين يد باسطة في الصناعات الدقيقة، ولا يستحسنون شيئًا من صناعات غيرهم، وأي شيء رأوا أخذوا عليه عيبًا، ويقولون: أهل الدنيا، ما عدانا، عمي إلا أهل كابل، فإنهم عور! وبالغوا في تدقيق صنعة النقوش حتى انهم يصورون الإنسان الضاحك والباكي، ويفصلون بين ضحك السرور والخجالة والشماتة، وإذا أراد ملكهم شيئًا من المتاع، يعرضه على أرباب الخبرة ولا يتركه في خزائنه إلا إذا وافقوا على جودته.
وحكي أن صانعًا اتخذ ثوبًا ديباجًا عليه صورة النابل وقعت عليها العصافير، فعرضها الملك على أرباب الخبرة واستحسنوها إلا صانع واحد؛ قال: العصافير
1 / 54