188

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Жанры

- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيْلِ﴾: هَذَا مِنِ اسْتِعْمَالِ أَفَعَلِ التَّفْضِيْلِ فِيْمَا لَيْسَ فِي الطَّرَفِ الآخَرِ لَهُ مُشَارَكَةٌ. (١)
- فِي الآيَةِ الأُوْلَى وَالثَّانِيَةِ فَائِدَةُ أنَّ الإِنْسَانَ يَرِثُ آبَاءَهُ وَأَجْدَادَهُ إِذَا كَانَ عَلَى نَهْجِهِم وَعَلَى طَرِيْقِهِم؛ فَيُخَاطَبُ خِطَابَهُم، حَيْثُ أَنَّ مَنْ جُعِلُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيْرَ قَدْ هَلَكُوا، وَهَؤُلْاَءِ عَلَى دِيْنِهِم وَإِنْ لَمْ يَكُوْنُوا مِنْ نَسْلِهِم أَصْلًا؛ وَمَعْ ذَلِكَ خُوْطِبُوا نِيَابَةً عَنْهُم لِكَوْنِهِم عَلَى نَهْجِهِم وَمُقِرُّوْنَ بِصِحَّةِ مَا كَانُوا عَلَيْهِم.
- (القُذَّةُ): وَاحِدَةُ رِيْشِ السَّهْمِ.
- قَوْلُهُ (لَتَتَّبِعُنَّ): خَبْرٌ بِمَعْنَى النَّهْي، أَيْ: لَا تَتَشَبَّهُوا بِهِم وَلَا تُقَلِّدُوْهُم (٢)، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ). (٣)
- قَوْلُهُ (زَوَى لِيَ الأَرْضَ): أَيْ جَمَعَ لِيَ الأَرْضَ وَضَمَّهَا لِي.
- قَوْلُهُ (فَرَأَيْتُ): أَيْ: بِعَيْنِي (٤)، وَقَدْ تَكُوْنُ مَنَامًا.
- قَوْلُهُ (أُعْطِيْتُ): هُوَ بَعْدَ مَوْتِهِ ﷺ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ؛ كَانَ ذَلِكَ لَهُ.
- قَوْلُهُ (الكَنْزَيْنِ): أَيْ: ماَلُ الرُّوْمِ الَّذِيْ غَالِبُهُ الذَّهَبُ، وَمَالُ الفُرْسِ الَّذِيْ غَالِبُهُ الفِضَّةُ وَالجَوْهَرُ.
وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِيْ نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيْلِ اللهِ). (٥) (٦)
- قَوْلُهُ (بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ) السَّنَةُ: القَحْطُ وَالجَدْبُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِيْنَ﴾ (الأَعْرَاف:١٣٠): أَي الجَدْبِ المُتَوَالِي. أَوْ بِسَنَةٍ: أَيْ: عَامٍ زَمَنِيٍّ، وَالمَعْنَى هَلَاكُهُم كُلُّهُم فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.

(١) قَالَهُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيْرِ (١٤٤/ ٣)، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِيْنَ﴾ (المُؤْمِنُوْن:١٤)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُوْنَ﴾ (النَّمْل:٥٩).
(٢) وَهَذَا الإِتِّبَاعُ المُرَادُ بِهِ تَقْلِيْدُ الأُمَمِ المَاضِيَةِ كَاليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى فِي عَادَاتِهِم مِمَّا لَا نَفْعَ فِيْهِ وَلَا خَيْرَ؛ كَمَا فِي الحَدِيْثِ هُنَا، وَالحَدِيْثُ يَشْمَلُ أَيْضًا فَارِسَ وَالرُّوْمَ كَمَا فِي البُخَارِيِّ (٧٣١٩) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(٣) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (٥١١٤) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (٢٨٣١).
وَفِي لَفْظٍ (لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وبَاعًا بِبَاعٍ؛ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُم دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ دَخَلْتُم، وَحَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُم ضَاجَعَ أُمَّهُ بِالطَّرِيْقِ لَفَعَلْتُم). صَحِيْحٌ. الحَاكِمُ (٨٤٠٤) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (١٣٤٨).
(٤) قَدْ تَكُوْنُ تَقْوِيَةَ بَصَرٍ لَهُ ﷺ حَتَّى أَمْكَنَهُ رُؤْيَةُ مَا بَعُد مِنَ الأَرْضِ.
(٥) البُخَارِيُّ (٣١٢٠)، وَمُسْلِمٌ (٢٩١٨).
(٦) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٦٢٥/ ٦): (وَقَدْ اسْتُشْكِلَ هَذَا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الفُرْسِ؛ لِأَنَّ آخِرَهُم قُتِلَ فِي زَمَنِ عُثْمَان، وَاسْتُشْكِلَ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الرُّومِ! وَأُجِيْبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ المُرَادَ لَا يَبْقَى كِسْرَى بِالعِرَاقِ وَلَا قَيْصرَ بِالشَّامِ، وَهَذَا مَنْقُوْلٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ).

1 / 188