Тайны дворцов: политические, исторические, любовные, литературные
أسرار القصور: سياسية، تاريخية، غرامية، أدبية
Жанры
هذا دعاء أخلص عبيدك وأشدهم لك احتراما.
عبد العزيز
وذكرت الجرائد بعد نشرها هذا الكتاب أن جلالة السلطان مراد أمر في الحال بإجابة طلب عمه.
وقد دهش الجميع من رضوخ ذلك السلطان الجبار وطاعته، وتفاءلوا خيرا وأمنوا على حياته؛ لأنه - كما قلنا - كانت العادة الجارية لذلك العهد قتل السلاطين لا خلعهم، كما أنهم كانوا يقتلون أولياء عهدهم لراحتهم.
ولما جاء المساء انجلت الأستانة كالعروس بزينتها البهية، وبالغت في ذلك حتى كانت كأنها شعلة نار، وكان السلطان مراد في القاعة الكبرى يقابل وفود المهنئين، وقد أمر بدخول جميع الناس عليه، وكانوا على اختلاف طبقاتهم يرون منه مزيد اللطف والإيناس.
الفصل السادس عشر
موت السلطان عبد العزيز
قلنا: إنه كان للكتاب الذي أنفذه السلطان عبد العزيز إلى السلطان مراد رنة عظيمة في محافل الأستانة ونواديها، وقد علق عليه حزبه القديم أهمية كبرى، وظنوا أنها حيلة لإخماد الضغائن، وتسكين الخواطر، وتدبير وسيلة للانتقام متى عاد فتغير الرأي العام. فلما نقل السلطان عبد العزيز إلى سراي جراغان، وأبدلوا له خدمه وحشمه وخصيانه جميعا بغيرهم ممن عرفوا بإخلاصهم للسلطان الجديد، أدرك أن لا أمل من العود إلى العرش، واستولى عليه اليأس والقنوط، فعرف حينئذ صعوبة السقوط وزوال النعمة. ولما كان لا نفس كبيرة في صدره تشجعه على احتمال الأرزاء ومصائب الدهر وتقلبات الأيام، كبر عليه مصابه، وتغلبت عليه طبيعته الفطرية، فتغيرت أطواره، وتبدلت أخلاقه، وصار يقضي ليله ونهاره بالسباب والشتائم، واستمطار اللعنات على جميع الناس يبكي عرشه المنثل، وينوح على عزه السابق ومجده القديم، وكانت والدته مع بقية نسائه وحرمه يحاولن عبثا تطييب خاطره وتهدئة باله، وهو يزداد حنقا وغضبا حتى خشي عليه من الانتحار؛ لعدم احتمال معيشة الأسر في إحدى زوايا قصره، وفي نفس عاصمته، ولا يخفى أن النفي يثقل جدا على الملوك فكيف السجن إذا كان على أبواب قصورهم، وخصوصا إذا كان السجين كالسلطان عبد العزيز معدودا في مقدمة ملوك المشرق في حب الأثرة والملك؛ ولذا ثقلت عليه هذه الحياة، ففارق عينيه الرقاد، واستولى عليه السهاد، وبقي خمسة أيام لا يلذ له طعام ولا شراب، وهو لم يذق غمضا، ولم تلامس جنبه أرضا ...
وبزغ فجر الأحد الأول من شهر حزيران والسلطان عبد العزيز جالس على ديوان ينظر بعين جامدة بهاء ذلك النهار، ووالدته إلى جانبه تنظر بعين حزينة إلى ما صار إليه ولدها بعد الإقبال والسؤدد، والسلطانة مهرى تصك أسنانها ملتحفة في فراشها ليس من البرد، بل من جراء نوبة عصبية كانت تثيرها عليها الهواجس والأحزان وسوء المآل.
ولما طلعت الشمس قام السلطان يتمشى في غرفته ذهابا وإيابا كالأسد السجين في قفصه الحديدي، وكانت أقدامه لا تكاد تقوى على حمل جسمه، ثم التفت إلى والدته فقال: أتتذكرين يا أماه أني لما أمرت ببناء هذا القسم قال المهندس: إن هذا المكان كان قبرا لأحد الدراويش من ذوي الكرامات، وإن ذلك يعود علينا بشر، أتتذكرين ذلك؟ فأجابته: نعم أتذكر، وأذكر كيف أن مهرى أيضا سخرت من نبوءته وألحت بوجوب إتمامه ...
Неизвестная страница