28

Обнародованные тайны

أسرار معلنة

Жанры

قالت لويزا بنبرة فيها حشرجة: «يجب أن ألحق بالحافلة.» تنحنحت وتابعت قائلة بقدر أكبر من السيطرة على مشاعرها: «حافلة متجهة إلى خارج المدينة.» ورحلت عن المكان، ولو أنها لم تكن تمشي في الاتجاه الصحيح الذي يفضي بها إلى محل سيمبسونز. الواقع أنها فكرت في إلغاء فكرة الذهاب إلى سيمبسونز، أو إلى محل بيركس لشراء هدية الزواج، أو حتى الذهاب إلى السينما لمشاهدة فيلم. ستتجه إلى محطة الحافلات فحسب، وتجلس هناك حتى يحين موعد حافلتها وتعود إلى البيت. •••

كان يفصلها عن محطة الحافلات نصف بناية حين تذكرت أن الحافلة لم تقلها إلى هناك صباح ذاك اليوم. كان العمل جاريا من أجل هدم المحطة وإعادة بنائها، وثمة محطة مؤقتة تفصلها عنها عدة بنايات. لم تنتبه بالقدر الكافي للشارع الذي كانت فيه الحافلة؛ هل كانت في شارع يورك شرقي المحطة الأصلية أم في شارع كينج؟ على أية حال، كان عليها أن تنعطف لأن هذين الشارعين كانا مغلقين، وكاد رأيها يستقر على أنها ضلت الطريق عندما أدركت أن الحظ حالفها بالقدر الكافي إذ عثرت على المحطة المؤقتة في طريق عودتها. كانت المحطة المؤقتة بيتا عتيقا؛ واحدا من تلك البيوت الشاهقة الرمادية المائلة إلى الصفرة المبنية من الطوب، التي ترجع تاريخيا إلى الفترة التي كانت المنطقة فيها سكنية. لعل استغلاله كمحطة مؤقتة سيكون الاستغلال الأخير له قبل هدمه، ولا بد أن البيوت التي حوله هدمت لتخصيص تلك البقعة الشاسعة التي تغطى أرضيتها بالحصب لانتظار الحافلات. ما زال هناك عدد من الأشجار على أطراف تلك البقعة، وتحتها صفوف قليلة من المقاعد التي لم تلاحظها عندما نزلت من الحافلة قبل الظهر. ثمة رجلان يجلسان في أطلال شرفة من شرف البيت على مقعدي سيارة قديمة، كانا يرتديان قميصين بنيين يزدانان بشعار الشركة، لكن هيئتهما كانت تنم عن اللامبالاة حيال عملهما؛ حيث لم ينهضا حين سألتهما هل الحافلة المتجهة إلى كارستيرز ستتحرك في تمام السادسة بحسب موعدها، وأين يمكنها شراء مشروب غازي؟

في تمام السادسة على حد علمهم.

ثمة مقهى في نهاية الشارع.

الجو أكثر برودة بالداخل، لكن لم يتبق من المشروبات سوى الكولا والبرتقال.

أخرجت لنفسها زجاجة من الكولا من المبرد الموجود في غرفة انتظار صغيرة متسخة تفوح منها رائحة المراحيض؛ لا بد أن نقل محطة الحافلات إلى هذا البيت المتهالك جعل الجميع يسترخون ويتكاسلون. كانت هناك مروحة في الغرفة التي استخدموها كمكتب، ورأت أثناء مرورها بعض الأوراق وهي تتطاير من فوق المكتب، قالت عاملة المكتب: «اللعنة!» وأسرعت الخطى للحاق بالأوراق.

كانت الكراسي المغبرة الموضوعة في ظل أشجار المدينة خشبية قائمة دهنت أصلا بألوان مختلفة، فبدت وكأنها استعيرت من عدة مطابخ، وأمام الكراسي كانت توجد قطع بالية من السجاد العتيق ومماسح الأرجل المطاطية كي تقي الأرجل من الحصى المنثور على الأرض. ووراء الصف الأول من الكراسي، حسبت أنها رأت كبشا مستلقيا على الأرض، لكن اتضح أنه كلب أبيض رث الهيئة، أسرع الخطى نحوها وتطلع إليها للحظة بنظرة رصينة شبه رسمية، وشم حذاءها سريعا، ثم ابتعد عنها. لم تلاحظ إن كانت هناك أي شفاطات لتناول المشروبات، ولم تشعر برغبة في العودة للبحث مجددا. احتست الكولا من زجاجتها وهي تميل رأسها إلى الوراء وتغلق عينيها.

عندما فتحت عينيها، وجدت رجلا جالسا يفصله عنها كرسي واحد ويتحدث إليها.

قال: «وصلت هنا بأسرع ما يمكن. قالت نانسي إنك ستستقلين حافلة. فور أن انتهيت من إلقاء كلمتي، انطلقت مسرعا، لكن محطة الحافلات متهدمة.»

قالت: «لفترة مؤقتة فقط.»

Неизвестная страница