117

Асл аль-Зари шарх Сахих аль-Бухари - Манускрипт

أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط

Издатель

عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري

Место издания

https

Жанры

وأنهم كان يرون جواز البناء كما قدمناه عن ابن عمر وغيره من الصحابة، والحديث الذي ذكره لا يدل على الفرق أصلًا؛ لأنَّ إلقاء النبيِّ ﵇ نعليه يحتمل أن يكون قبل شروعه في الصَّلاة، ويحتمل أن يكون في وسطها، والظاهر: الأول؛ لأنَّ قوله: (يصلي بأصحابه)؛ أي: يتهيَّأ للصلاة بهم، فرآهم جبريل يريدون الصَّلاة، فجاء، فأخبر النبيَّ ﵇: بأنَّ فيهما قذرًا، ويدل لهذا مجيء جبريل، فإنه لا يجيء إليه وهو في الصَّلاة؛ لأنَّه ﵇ مشغول بعبادة ربه، فلا يلتفت لما سواه، وجبريل أيضًا لا يخبره وهو في حال العبادة؛ لأنَّ كلًّا منهما ﵉ في غاية من الأدب في عبادة الربِّ جلَّ وعزَّ. وقوله في الحديث: (فلما قضى صلاته): لا يدل على أنَّ الخلع كان في الصَّلاة؛ لأنَّه ﵇ لم يرهم خلعوا نعالهم إلا بعد فراغه من الصَّلاة، بدليل قولهم: (رأيناك ألقيت نعليك)، ورؤيتهم له ﵇ كانت بعد أن شرع في الصَّلاة، فرأوه قد خلع وشرع في الصَّلاة، فخلعوا وشرعوا معه، فبعد فراغهم من الصَّلاة رآهم، والله تعالى أعلم. (وقال ابن المسيِّب)؛ بكسر التحتية وفتحها: هو سَعِيْد التابعي (والشَّعْبي)؛ بفتح المعجمة وسكون المهملة: هو عامر التابعي، قال في «عمدة القاري»: وقع للأكثرين: (وقال ابن المسيب)، ووقع للمستملي والسرخسي: (وكان ابن المسيب) بدل (قال). فإن قلت: فعلى هذا؛ ينبغي أن يثنِّي الضمير؛ لأنَّ المذكور اثنان؟ قلت: أراد كل واحد منهما، انتهى، قلت: ويجوز أن يكون خبر (كان) محذوفًا؛ أي: يقولان؛ فتأمل. وزعم ابن حجر أن الأكثر بلفظ (قال)، وهو الصواب، وللمستملي والسرخسي بلفظ: (وكان) انتهى. قلت: وهذا تناقض، فإن قوله: (وهو الصواب)، وتصريحه بالرواية الأخرى كلام من غير رويَّة ولا معنًى؛ لأنَّ المستملي أحفظ الرواة، فجعْلُ روايته خطأ غيرُ صواب، كما لا يخفى، وأيُّ داع إلى قوله: (وهو الصواب)، وما هو إلا كلام مناف فيه تناقض، كما لا يخفى؟ وليس هذا شأن شارح هذا الكتاب، وتمامه في «إيضاح المرام فيما وقع في الفتح من الأوهام»؛ فافهم. (إذا صلى) أي: الشخص (وفي ثوبه): الواو للحال؛ أي: والحال أنَّ في ثوبه الذي هو عليه (دم) أقل من قدر الدرهم، (أو) صلى وفي ثوبه الذي عليه (جنابة) أي: أثرها؛ وهو المني، وكان أقل من قدر الدرهم، ففيه: إطلاق الجنابة على المني من قبيل إطلاق السبب وإرادة المسبب، (أو) صلى (لغير القبلة)؛ كالمشارق، والمغارب، والشمال وكان على اجتهاد، (أو تيمم)؛ أي: لعدم وجود الماء المطلق الكافي وكان بينه وبين الماء ميل فأكثر، (وصلى) وفي رواية: (فصلى)؛ أي: فأتم صلاته، (ثم) بعد فراغه منها (أدرك) أي: وجد (الماء) المطلق الكافي لطهارته (في وقته)؛ أي: في وقت هذه الصَّلاة التي صلاها؛ فإنه (لا يعيد)؛ أي: تلك الصَّلاة التي صلاها في هذه الحالة، أمَّا الدم؛ فلأنَّه لمَّا كان أقل من قدر الدرهم؛ كانت الصَّلاة معه صحيحة، لكن مع كراهة التحريم، ويجب إعادتها جبرًا؛ لما حصل بها من الكراهة؛ لأنَّ كلَّ صلاة أديت مع كراهة التحريم؛ يجب إعادتها على وجه غير مكروه، والأولى: هي الفرض، والثانية: جابرة للأولى. وأما الجنابة -أي: أثرها-؛ فكالدم كما علمت؛ لأنَّ المني نجس عندنا، كما شهدت به الأحاديث الصحيحة، وهذا الأثر يدل له أيضًا؛ فافهم. وأما على زعم من زعم أنه طاهر؛ فلا كلام له. وأما الصَّلاة لغير القبلة؛ فإذا كان قد صلى عن تحرٍّ واجتهاد، ثم تبيَّن الخطأ بعد فراغه من الصَّلاة؛ فصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه عند الإمام الأعظم، وأصحابه، ومالك، وأحمد، والجمهور، وزعم الشافعية: أنه ليس عليه الإعادة في القديم، والمعتمد عندهم: وجوب الإعادة، وهو القول الجديد، وهذا الأثر حجَّة عليهم؛ لأنَّ الشخص فعل ما في وسعه. وأمَّا التيمم؛ فإنه إذا لم يجد الماء وكان بينه وبين الماء ميل فأكثر فصلى بالتيمم؛ فصلاته صحيحة، فإذا وجد الماء بعد ذلك؛ فلا إعادة عليه عند الإمام الأعظم، وأصحابه، والثلاثة، وقال في «عمدة القاري»: (وهذا الأثر إنَّما يطابق الترجمة إذا عمل بظاهره على الإطلاق، وأمَّا إذا قيل: المراد من قوله: «دم»: أقل من الدرهم عند من يرى بذلك، أو شيء يسير عند من ذهب إلى أنَّ اليسير عفو، فلا يطابق الترجمة على ما لا يخفى، وكذلك الجنابة لا تطابق عند من يراه طاهرًا) انتهى. وزعم العجلوني فقال: (إن عمَّمنا في القدر في الترجمة بين القليل وغيره؛ حصلت المطابقة) انتهى. قلت: ما ذكره قد أخذه من كلام إمامنا الشارح؛ لأنَّه صدَّر كلامه بقوله: (إذا عمل بظاهره على الإطلاق)؛ أي: إن عمَّم في القدر؛ حصلت المطابقة، وقد يقال: بل يتعين حمله على القليل، فلا يطابق الترجمة؛ لأنَّ مراد المؤلف: القليل؛ بدليل الآثار التي ساقها، فإنها تدل على القليل المعفوِّ عنه، كما لا يخفى على من تتبَّع. [حديث: أن النبي كان يصلي عند البيت وأبو جهل] ٢٤٠ - وبالسَّند إلى المؤلف قال: (حدثنا عَبْدان)؛ بفتح العين، وسكون الموحدة، مثنَّى: عبد: هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي (قال: أخبرني) بالإفراد (أبي): هو عثمان بن جَبَلة؛ بفتح الجيم، والموحدة، المروزي، (عن شُعْبة)؛ بضمِّ المعجمة، وسكون المهملة: هو ابن الحجاج، (عن أبي إسحاق): السَّبِيعي؛ بفتح السين المهملة، وكسر الموحدة، واسمه عمرو بن عبد الله الكوفي التابعي، (عن عَمرو)؛ بفتح العين المهملة (بن مَيمُون)؛ بفتح الميم الأولى، وضم الثانية: أبو عبد الله الكوفي الأَودي؛ بفتح الهمزة، وبالدَّال المهملة، أدرك زمن النبيِّ ﵇، ولم يَلْقَه، وحج مئة حجة وعمرة، وأدَّى صدقته إلى عمال النبيِّ ﵇، وهو الذي رأى قردة زنت في الجاهلية، فاجتمعت عليها القردة ورجموها، مات سنة خمس وسبعين، كذا في «عمدة القاري». قلت: فهو تابعي مخضرم، وهو غير عمرو بن ميمون المخزومي؛ فافهم. (عن عبد الله)؛ أي: ابن مسعود ﵁؛ لأنَّه المراد حيث أطلق، كما أنه إذا أطلق الإمام الأعظم؛ فالمراد به: أبو حنيفة النعمان إمام الأئمَّة، ورئيس المجتهدين رضي الله تعالى عنه (قال) وفي رواية: (قال عبد الله): (بينا) بغير ميم، فإن أصله: (بين)؛ بلا ألف زيدت؛ لإشباع الفتحة، قال في «عمدة القاري»: (وهو مضاف إلى الجملة التي بعده، والعامل فيه: «إذ قال بعضهم لبعض» الآتي بعد التحويل إلى الإسناد الثاني) انتهى. قلت: وقد تبعه الشراح؛ لأنَّه إمامهم، وهذا هو الصحيح من أن (بينا)؛ بالألف؛ كـ (بينما)؛ بالميم مكفوفان عن الإضافة إلى المفرد، ومضافان للجملة، وهو مذهب الجمهور، وذهب قوم: إلى أنَّ (ما) والألف كافتان عن الإضافة، والجملة بعدهما لا محل لها من الإعراب، وذهب بعضهم: إلى أنَّ الألف لا تكفُّ عن الإضافة إلى الجملة بخلاف (ما)، واختاره المغاربة، كذا في «همع الهوامع»، وتمامه فيه؛ فافهم. (رسول الله ﷺ: فـ (رسول) مبتدأ، خبره قوله: (ساجد)؛ أي: في صلاته، والذي يظهر أنه كان يصلي حينئذ منفردًا، قال في «عمدة القاري»: (وبقية الحديث من رواية عبدان المذكورة: «وحوله ناس من قريش من المشركين...»، ثم ساق الحديث مختصرًا) انتهى؛ فافهم. (ح) مهملة: إشارة للتحويل من سند إلى آخر، هذا هو الأصح من أقوال سبق ذكرها، ولابن عساكر: (قال)؛ أي: المؤلف: (وحدثني)؛ بالإفراد، وللأصيلي: (وحدثنا) (أحمد بن عثمان)؛ أي: ابن حَكِيم؛ بفتح الحاء المهملة، وكسر الكاف، الأَودي؛ بفتح الهمزة، وبالدَّال المهملة، الكوفي، المتوفى سنة ستين ومئتين (قال: حدثنا شُرَيْح)؛ بضمِّ الشين المعجمة، وفتح الرَّاء، وسكون التحتية، آخره حاء مهملة؛ مصغرًا (بن مَسْلَمَة)؛ بفتح الميم، وسكون السين المهملة، وفتح اللام، والميم الثانية، الكوفي التنوخي، زعم الكرماني أنه بالمثناة الفوقية، وبالنُّون المشددة، وبالخاء المعجمة. وردَّه في «عمدة القاري» أن نوخ وتنوخ: حي من اليمن، ولا تشدد النُّون، انتهى. قلت: ويدلُّ لهذا أن أهل اللغة والتاريخ قالوا: بتخفيف النُّون، وعبارة السيوطي في «لبِّ الألباب»: (التَّنُوخي؛ بالفتح، وضم النُّون الخفيفة، ومعجمة: نسبة إلى تنوخ قبائل أقاموا بالبحرين) انتهى؛ فافهم، المتوفى سنة اثنتين وعشرين ومئتين، وهو غير شريح القاضي؛ لأنَّه كان في عصر الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
(قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف)؛ أي: السبيعي، المتوفى سنة ثمان وتسعين ومئة، (عن أبيه): يوسف بن إسحاق، (عن أبي إسحاق): عمرو بن عبد الله الكوفي السبيعي، الذي سبق ذكره قريبًا، قال في «عمدة القاري»: وهنا إسنادان، ومن لطائف إسناد هذا الحديث: أنه قرن رواية عبدان برواية أحمد بن عثمان مع أن اللفظ لرواية أحمد؛ تقويةً لرواية عبدان؛ لأنَّ في إبراهيم بن يوسف مقالًا، فقال: عباس عن ابن معين ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الزوجاني: ضعيف، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. ومن لطائفه: أن رواية أحمد خرجت بالتحديث لأبي إسحاق من عمرو بن ميمون، ولعمرو بن عبد الله بن مسعود. ومنها: أن روايته عيَّنت أن عبد الله المذكور في رواية عبدان هو عبد الله بن مسعود. ومنها: أن المذكور في رواية عبدان: (رسول الله ﷺ، وفي رواية أحمد: (نبي الله ﷺ انتهى. (قال: حدثني) بالإفراد (عَمرو) بفتح العين (بن مَيمُون)؛ بفتح الميم الأولى، وضم الثانية: أبو عبد الله السابق قريبًا: (أن عبد الله بن مسعود) وللكشميهني: (عن عبد الله)، ولا فرق بين الروايتين؛ لأنَّه قد صرَّح بالتحديث في قوله: (أي: ابن مسعود) (حدَّثه)؛ أي: حدَّث عمرو بن ميمون: (أن النبيَّ) الأعظم ﷺ كان يصلي عند البيت) العتيق؛ وهو الكعبة، وإفادة (كان) الدوام والاستمرار (وأبو جَهل)؛ بفتح الجيم: عمرو بن هشام المخزومي، وكان يكنَّى في الجاهلية بأبي الحكم، فكنَّاه النبيُّ ﵇ بأبي جهل، ولهذا قال الشاعر: الناس كنَّوه أبا حكم... والله كنَّاه أبا جهل وقيل: كان يكنَّى أبا الوليد، وكان يعرف بابن الحنظلة، وكان أحول، وفي «المحبر»: (كان مأبونًا)، وفي «الوشاح» لابن دريد: (هو أول من حُزَّ رأسه)، ولما رآه رسول الله ﵇؛ قال: «هذا فرعون هذه الأمة»، وتمامه في «عمدة القاري» (وأصحاب له)؛ أي: لأبي جهل، قال في «عمدة القاري»: وهم السبعة المدعوُّ عليهم بعدُ، كما بيَّنه البزار من طريق الأجلح عن أبي إسحاق، (جلوس): جمع: جالس؛ أي: عند البيت أيضًا، قال في «عمدة القاري»: (أبو جهل): مبتدأ، و(أصحاب له): عطف عليه، و(جلوس): خبره، والجملة: نصب على الحال، ومتعلق (له): محذوف؛ أي: أصحاب كائنون له؛ أي: لأبي جهل، ويجوز أن يكون (جلوس): خبر (أصحاب)، وخبر (أبي جهل): محذوف؛ كقول الشاعر: نحن بما عندنا وأنت... بما عندك والرأي مختلف والتقدير: نحن راضون بما عندنا، انتهى. واعترض البرماوي: بأنَّ الإخبار في البيت عن الجميع متعذر، بخلاف ما هنا، انتهى. قلت: وهذا الاعتراض سهل، فإنه اعتراض في المثال لا في الحكم، وغاية الأمر: أنه يقال: إن الإخبار في البيت عن المجموع، وهو كافٍ وغير متعذر؛ فافهم. (إذ قال) وسقط (إذ) لابن عساكر (بعضهم): هو أبو جهل، كما سماه مسلم من رواية زكريا (لبعض)؛ أي: لأصحابه، وزاد مسلم فيه: (وقد نحرت جزور بالأمس)، وجاء في رواية أخرى: (بينا رسول الله ﷺ قائم يصلي في ظل الكعبة وجمع من قريش في مجالسهم؛ إذ قال قائل منهم: ألا تنظروا إلى هذا المرائي؟!) (أيُّكم)؛ بتشديد التحتية، استفهامية (يجيء بسَلَى)؛ بفتح السين المهملة واللام، وبالقصر: هي الجلدة التي تكون فيها الولد، والجمع: أسلاء، وخصَّ الأصمعي: السلى بالماشية، وفي الناس: بالمشيمة، وفي «المحكم»: (السلى: يكون للناس والخيل)، وقال الجوهري: هي جلدة رقيقة إن نزعت عن وجه الفصيل بساعة يولد، وإلا؛ قتلته، وكذلك إذا انقطع السلى في البطن، وألف (سلى) منقلبة عن ياء مثناة، ويقوِّيه ما حكاه أبو عبيد من أنَّ بعضهم قال: سليت الشاة: إذا نزعت سلاها، انتهى «عمدة القاري»، وقوله: (جَزُور) مضاف إليه؛ بفتح الجيم، وضم الزاي، من الإبل يقع على الذكر والأنثى، وهي تؤنَّث، والجمع: الجزر، يقال: جزرت الجزور أجزُرها؛ بالضم، واجتزرتها؛ إذا نحرتها، كذا في «عمدة القاري». وزعم ابن حجر أن الجزور: ما يُجْزَرُ؛ أي: يُقْطَع. وردَّه في «عمدة القاري» فقال: (قلت: لا يدرى من أي موضع نقله؟). وزعم العجلوني أنه نقله من كتب اللغة؛ كـ «الصحاح»، و«القاموس»، و«المحكم»، قال في «الصحاح»: (جزرت الجزور أجزُرها؛ بالضم، وأجزرتها؛ إذا نحرتها)، وقال في «المحكم»: (الجزور: الناقة المجزورة، والجمع: جزائر)، وقال في «القاموس»: (الجزور: البعير أو خاصٌّ بالناقة المجزورة) انتهى. قلت: ولا يخفى أن هذه النقول دليل واضح لما قاله صاحب «عمدة القاري» من أن الجزور بمعنى: المجزور؛ أي: المنحور، فهي دليل له لا عليه، ولم يصرِّح أحد من هذه النقول أن معناه: المقطوع، كما زعمه ابن حجر، فالردُّ ظاهر؛ لأنَّه لم يجئ بمعنى القطع في اللغة أصلًا، والعجلوني نقل ولم يعلم ما نقل، وما نقل إلا الحق، فإن الشخص إذا أعرض عن الحق لا بدَّ أن الله تعالى يجعل له أسبابًا، ثم يعيده إلى الحق، وهو لا يدري، ويكون مراده غيره، فالحق مع صاحب «عمدة القاري»، والذي زعمه ابن حجر تفسير من عنده لا مستند له فيه، كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في العلم، وتمامه في «إيضاح المرام»؛ فيراجع. (بني فلانٍ)؛ بالتنوين: اسم مبهم لقبيلة من قبائل العرب لم تعرف أسماؤهم، (فيضعه) أي: السلى المذكور (على ظهر محمَّد)؛ أي: النبيَّ الأعظم ﷺ (إذا سجد)؛ أي: في صلاته، وكأنَّهم لا يتيسَّر لهم ذلك إلا في الصَّلاة، وذلك لما أنَّه يدعو عليهم، فيكون أقرب للإجابة، وهل كانت هذه الصَّلاة فرضًا أو نفلًا؟ فيه احتمال، ويدلُّ للثاني أنه ﵇ كان يصلي إذ ذاك وحده، وقد يقال: إنه ﵇ كان يصلي النافلة في بيته، ولعلَّه كان يصلي تحيَّة المسجد؛ فهي تحية المسجد على ما يظهر، وصلاته منفردًا دليل على أنَّها نفل لا فرض؛ لأنَّها لو كانت فرضًا؛ لأداها بالجماعة كما هي عادته؛ فتأمل، والله أعلم، (فانبعث)؛ أي: أشرع، وهو مطاوع (بعث)، يقال: بعثه وانبعثه بمعنًى؛ أي: أرسله فانبعث، كذا قاله في «عمدة القاري». وزعم العجلوني أن معناه: انطلق. قلت: وهو ممنوع؛ لأنَّ الانطلاق يكون عن غير أمر، بخلاف الإرسال، فإنَّه يكون عن طلب من الغير، فالمعنى الصحيح هنا أن معناه: أرسله، كما لا يخفى؛ فافهم. (أشقى القوم) وفي نسخة: (أشقى قومه)، وللسرخسي والكشميهني: (أشقى قومٍ)؛ بالتنكير، قال في «عمدة القاري»: ولا خلاف في أن (أفعل) التفضيل إذا فارق كلمة (من)؛ أنَّه يعرَّف باللام أو بالإضافة. فإن قلت: أي الفرق في المعنى في إضافته إلى المعرفة والنكرة؟ قلت: بالتعريف والتخصيص ظاهر، وأيضًا النكرة لها شيوع؛ معناه: أشقى قوم أيَّ قوم كان من الأقوام؛ يعني: أشقى كل قوم من أقوام الدنيا، ففيه مبالغة ليست في المعرفة. وزعم ابن حجر أن المقام يقتضي الأول؛ يعني: أشقى القوم؛ بالتعريف؛ لأنَّ الشقاء هنا بالنسبة إلى أولئك الأقوام فقط. وردَّه في «عمدة القاري» بأن التنكير أولى؛ لما قلنا من المبالغة؛ لأنَّه يدخل ههنا دخولًا ثانيًا بعد الأول، وهذا القائل ما أدرك هذه النكتة، انتهى.

1 / 117