قال: أعلم ذلك، وقد كنت في تدبير أمر للخروج إلى مكان للنزهة.
قالت: وإلى أين؟ قال: قد دعانا الدكتور «ن» الشهير للمسير إليه في الغد إلى منزله في طرف المدينة؛ حيث نقضي بضع ساعات في النزهة.
قالت: ومن أين عرفته حتى دعانا إلى ذلك؟
قال: إني بعثت إليه لأستشيره في أمرك، فطيب قلبي كثيرا عليك. وقد آنست به كثيرا وأحببته للطفه وكرم أخلاقه.
قالت: وكيف يدعوك إلى بيته وهذه أول مرة التقيت به مع أن عوائد الإفرنج لا تسمح بذلك؟
قال: نعم، إن هذا الدكتور إفرنجي، ولكنه قضى في هذه البلاد نحو الخمسين سنة، فتخلق بأخلاق أهلها، وألف عوائدهم، وأتقن درس لغتهم، وحفظ كل أمثالهم وأساليب كلامهم، فقد رأيته يورد لكل معنى مثلا من الأمثال الدارجة التي تتعذر معرفتها إلا على أبناء اللغة، وقد رأيت أن الشيخوخة لم تغير شيئا من شدة عزمه، وطول أناته، ولطف حديثه، الذي يتخلله نوع من المزاح في غاية الأدب والظرف، وأؤكد لك أنك لو جالسته ساعة لذهب عنك كل كدر، ولكن عوائدنا لا تسمح لنا بذلك، فإذا ذهبنا إلى منزله في الغد تعرفين امرأته، فلا بد أن تكون قد اكتسبت شيئا من أخلاقه الرضية.
قالت: نذهب إليه غدا حسب أمرك.
وقضيا تلك الليلة بأحاديث متنوعة متفرقة حتى كان وقت الرقاد، فذهب كل إلى فراشه، ونامت فدوى نوما هنيئا تلك الليلة على غير المعتاد، فسرت وسر والدها أيضا.
الفصل الرابع والستون
الطباخ
Неизвестная страница