Известные речи и знаменитые ораторы
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Жанры
في الحرب فريقان لا يمكن أن يكون كلاهما على صواب، بل يمكن أن يكون كلاهما مخطئ. وإني أعتقد أنه إذا نظر مؤرخ نزيه في عدد عظيم من الحروب التي نشرت الخراب في العالم - بصرف النظر عن ذلك البعض الذي لا يشك فيه والذي سلت فيه السيوف في شأن الحق والعدل - فإنه يجد أن كثيرا منها قد أثاره الطيش والشهوات والطمع من الجانبين وأن نتائج هذه الحروب كان الندم ولات ساعة مندم عند كلا الفريقين!
ففي تاريخ العالم حروب دينية، وقد جزنا نحن هذا الطور، ولكني لست واثقا من أنه لم يكن لتلك الحروب ما يبررها من التعللات التي نجدها في الحروب الأخرى المدونة في التواريخ، فذلك الجنون الذي قاد الأمم إلى الحروب الدينية هو الذي ساقها بعد ذلك إلى حروب أخرى غير دينية. فقد جرت حروب بين أعضاء الأسر المالكة ينازل بعضهم بعضا ويسفكون دماء الأمم التي يتقاتلون من أجل الاستئثار بالتسلط عليها. واعتقادي أننا قد جزنا هذا الطور أيضا. وهناك حروب أبعد مدى وأخطر أثرا مما ذكرنا، وهي تلك التي تهاج لأجل التوسع والامتلاك. ولست أشك بأن بواعث هذه الحرب طبيعية في الإنسان ولكنها بواعث إجرامية مخطرة، وإني شديد الأسف لما أجد الآن في أيامنا الراهنة من أن الرغبة في الامتلاك والتوسع لا تزال حية في قلوب أمم تعيش في أقدم بلاد أوروبا حضارة.
ولكني أريد أن ألفت نظركم إلى الكيفية التي صارت بها هذه الرغبة في الامتلاك والتوسع سببا في سفك الدماء وإثارة الحروب بدرجة تفوق ما كانت عليه قبلا. فإنما كان ذلك وقت أن شرعت الدول الأوروبية في الاستعمار، كأنما قد ظهر لهم أن هذه الدنيا قد ضاقت بهم. لقد كنا نظن عندما ننظر إلى سعة هذا العالم وعندما نجد أن قليلا منه مأهول الآن، وأقل منه كان مأهولا قبلا منذ قرن أو قرنين من الزمان نرى أنه لم يكن هناك ما يدعو إلى الشجار لأن في هذه السعة مندوحة عنه، ولكن الاستعمار على الرغم من ذلك كان سببا في الحروب الدموية مع جيراننا. وكان أساس هذه الحروب تلك الشهوة القديمة؛ شهوة التوسع وامتلاك الأرضين . وبما أن أحوال أوروبا كانت قد استقرت واطمأنت ولم تجد الدول متسعا لمرضاة شهواتها في التوسع فيها كما كانت تجد لو كان الوقت وقت همجية وفوضى ذهبت بسلاحها وجيوشها عبر المحيط الأطلسي فنشبت هناك الحروب من أجل التوسع والامتلاك.
وهذا كان من شر أغلاط الإنسان وإليه تعزى أكثر حروب القرن الماضي. ولكن لو عرف آباؤنا كما نعرف الآن نعمة التجارة والتبادل الحر للبضائع لكانوا إذن في غنى عن جميع تلك الحروب؛ إذ ماذا كانوا يقصدون من تلك الحروب؟
كانوا يرمون إلى الاستعمار، ولكن الغاية البعيدة التي كانوا ينظرون إليها في الاستعمار لم تكن الامتلاك فحسب وإنما كانت زيادة أرباح الأمة من التجارة بين المستعمرات وبين الدول المالكة لها، ولهذا لم يكن خطأ الاستعمار قاصرا على أمة واحدة، فإن جميع الأمم سواء في ارتكاب هذا الخطأ.
هكذا كان خطأ إسبانيا في مكسيكا وخطأ البرتغال في البرازيل، وخطأ فرنسا في كندا ولويزيانا، وكان خطأ إنجلترا في استعمارها الهند الغربية والشرق. وكان جماع الخطأ في اعتقاد الجميع بأنه متى استعمرت إحدى البلاد القاصية صارت تجارتها وأرباح هذه التجارة وقفا على الدولة المالكة لهذه البلاد دون أن ينال غيرها منها شيئا. وكانت الحروب نتيجة هذا المذهب؛ لأن جميع الدول صارت تعتقد أن الاستعمار لا قيمة له ما لم يقصر امتياز التجارة على الدولة المالكة ومستعمراتها، ومن هنا نشأت أطماع الدول في الغارة على مستعمرات غيرها للحصول على هذا الامتياز.
لقد قضى ذكاء الإنسان المضلل في ذلك الزمن الذي أشرت إليه أن تكون التجارة التي يجب أن تكون سبيل الرابطة بين بني البشر سببا في إثارة الحروب وتبريرها هنا في بلادنا وغير بلادنا، نبررها عند الشروع فيها ونتمجد بها عند ختامها، فنأخذ من الجار مستعمرته ونعتبر هذا العمل توسيعا للمعاملات التجارية وترقية للصناعة في بلادنا. لقد كان هذا خطأ مخطرا جنونيا، وهو أحرى بهذه الصفات إذا اعتبرنا أننا نزعم أننا قد أقلعنا عن الطرق القديمة التي مارسها الإنسان في العصور الأولى؛ طرق الغزو والنهب، وملنا إلى الصلح والسلام. ولكني أرتاح الآن إلى القول بأننا قد أفلتنا من هذا الزعم الخادع، أجل ليس من الحكمة أن نفخر على آبائنا، لقد كانت أخطاؤهم تنسل إليهم انسلالا فلا يلحظونها ولا يقدرون جرائرها، ولعلنا نحن أيضا في هذا المركز تتسرب إلينا الأخطاء فلا نحس بها، وحقيق بنا أن نتواضع عندما نقارن أنفسنا بالبلاد الأجنبية الآن أو بالدول السابقة في العصور الماضية، وأن نقنع بالحمد عندما نرى خطأ قد صحح وعلينا أن نصمم بألا تعود هذه الأخطاء إلى الوجود، بل علينا ألا نني عن معونة أولئك الذين لا يزالون يعتقدون صحة هذه الأوهام، ولست في حاجة إلى القول بخصوص مستعمراتنا إنها لم تعد سببا في الحروب؛ لأننا قد انتهينا إلى الاعتقاد بأن عظمة هذه البلاد لا تتأكد من حيث العلاقة مع هذه المستعمرات إلا إذا جعلناها تتمتع بجميع الحقوق والميزات التي نتمتع نحن بها. وإذا اتفق أن وجدنا عددا كبيرا من السفن الأميركية تتجر في كالكوتة فلن يكون في هذا ما يهيج فينا عواطف الحسد، بل على العكس نمتلئ سرورا؛ لأن معنى هذا زيادة ثروة الإمبراطورية الهندية وسعادة أهلها، وكلما زادت هذه الثروة وهذه السعادة عاد علينا ذلك بالربح بواسطة التجارة. (23) خطبة لبسمارك
كان بسمارك (1815-1898) «رجل الدم والحديد» جمع شمل الدويلات الألمانية العديدة تحت علم واحد هو علم الإمبراطورية بقيادة بروسيا. وكان رأسه من أضخم الرءوس كما ثبت ذلك بعد تشريح جثته عند وفاته، فإذا كان ذكاؤه يعزى إلى ضخامة هذا الرأس أو لا يعزى إليها فالواقع أنه كان من أذكى السياسيين، يدس الدسائس ويدبر الحروب بمهارة الأبالسة، فحارب دانماركا والنمسا وفرنسا وتغلب عليها. وفي سنة 1871 في عقر دار المهزوم في فرساي توج ملك بروسيا إمبراطورا على ألمانيا، فلما تولى الإمبراطور غليوم (الذي يعيش الآن منفيا في هولانده) حسده على عظمته ورأى فيها ما يكسف ضوءه فأخرجه من الحكومة.
والقطعة التالية مختارة من خطبة ألقاها بمناسبة مشروع الدستور الألماني الذي قدمه البرلمان الثوري، ولم يكن هذا المشروع وفق هوى بسمارك لأنه لم ينص على سيادة بروسيا، قال:
أيها السادة، لقد آلمني أن أرى هنا بروسيين بالحقيقة لا بالاسم فقط يعضدون مشروع الدستور هذا بقوة وحماسة، ولقد شعرت بالهوان والصغار كما يشعر بهما الألوف من أبناء وطني عندما رأيت ممثلي الأمراء الذين أحترمهم في مقاماتهم الرسمية الشرعية، ولكني لا أدين لهم بطاعة أو ولاء قد صاروا بهذا الدستور سادة ذوي سلطان. ومما زاد مرارة هذا الشعور أننا في افتتاح المجلس رأينا المقاعد مزينة برايات تخالف رايات الإمبراطورية الألمانية بل كانت على العكس من ذلك مدة السنتين الماضيتين شارة الثورة والتمرد، وهي رايات لا يحملها في ولايتنا باستثناء الديمقراطيين سوى الجنود، يحملونها طاعة للأوامر والأسى ملء قلوبهم.
Неизвестная страница