Известные речи и знаменитые ораторы
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Жанры
ففي رومية وحدها قد اجتمعت جميع الظروف التاريخية والذهنية والأدبية التي تحتم جعلها عاصمة دولة كبيرة، فرومية هي المدينة الوحيدة التي لها من مأثورها التليد ما يخرجها عن أن تكون بلدة ذات أهمية محلية، فإن تاريخها من عهد القياصرة إلى اليوم هو تاريخ مدينة قد رفعتها أهميتها إلى أن تعدو حدودها وإلى أن تكون إحدى عواصم العالم، فاقتناعا بهذه الحقيقة أراني مضطرا إلى أن أصرح لكم وللأمة وإلى أن أناشد وطنية كل إيطالي كما أناشد جميع نواب البلاد بوجوب وقف هذا النزاع حتى يتاح لممثلي أمتنا في البلاد الأجنبية أن يعلنوا أن الأمة تقرنا على جعل رومية عاصمة الدولة. وأظن أن أولئك الذين يخالفونني لأسباب أعرف قيمتها وحرمتها يرون إنني على حق في هذه المسألة، واذكروا أني أنا لي مدينة أخرى (تورين) لا أستطيع ألا أبالي بمشيئتها، وإنه لمن بواعث حزني العميق أن أنبئ أهل بلدتي بأن ينكروا على أنفسهم هذا الأمل في جعل بلدتهم مركزا للحكومة.
أجل أيها السادة، إني باعتبار شخصي لست أسر بالذهاب إلى رومية، فإني غير حاصل إلا على القليل من الذوق الفني، فلذلك عندما أجدني بين أطلال رومية الفخيمة قديمها وحديثها أرثي لبلدتي الساذجة الخالية من الخيال والفنون، ولكني أثق بشيء واحد ألا وهو أن أهل بلدتي بما عرفت من خلقهم وبما عرفت من استعدادهم للبذل والتضحية في سبيل إنجاح قضية البلاد المقدسة ورغبتهم في التضحية لهذه القضية حتى وقت أن كانت بلدتهم تغزوها الأعداء، أقول إني لست أخشى ألا ينصروني وأنا نائبهم وألا يبذلوا مصالحهم في سبيل إيطاليا المتحدة.
وإن الأمل بأن عاصمة إيطاليا ستكون «المدينة الأبدية» يملؤني عزاء بأن هذه المدينة لن تنسى فضل تلك البلدة التي كانت مهد الحرية والتي غرست فيها غراسها فأثمرت وانتشرت فروعها من جزيرة صقلية إلى جبال الألب.
لقد قلت وأعيد قولي بأن رومية ورومية فقط يجب أن تكون عاصمة إيطاليا. (15) خطبة لمازيني
كانت إيطاليا قبل أن تتحد وتصير مملكة واحدة يحكمها برلمان على رأسه الملك فكتور عمانوئيل جزءا من الإمبراطورية النمسوية وغنما مقسما بين أمرائها يسام أهلها الخسف ويجرعون كئوس الذل حتى قيضت لها الأقدار ثلاثة من رجالها هم كافور وغاريبالدي ومازيني فنهضوا بالأمة ونشروا لواء الاتحاد فانضوى إليه جميع أبنائها وقامت الحرب بين الغاصبين الأقوياء وبين الوطنيين الضعفاء. فوجد الوطنيون من حقهم قوة تغلبت به على باطل الغاصبين فانهزموا وتركوا الحق لذويه والوطن لأهله. وكان مازيني (1808-1872) أخطب الثلاثة، وكان دفاعه عن قضية الوطن بالقلم أكثر مما كان بالسيف. وهذه الخطبة التالية ألقاها مازيني في ميلاد سنة 1848 تأبينا لشهداء كوسنتسا الذين قتلهم الأعداء ويحاول فيها الخطيب إثارة الوطنية في نفوس أبناء بلاده، قال:
عندما ندبني شبابكم لكي أفوه ببضع كلمات تقديسا لذكر بانديره وإخوانه الذين قضوا شهداء في كوسنتسا خامرني الظن بأن بعض الذين سيسمعونني سيهيبون بي وقد أخذهم الغضب قائلين: «دعنا من رثاء الموتى فإن التكريم الذي يليق بشهداء الحرية هو أن نظفر في المعركة التي شرعوا في القتال فيها، فإن كوسنتسا التي ماتوا فيها لا تزال مستعبدة والبندقية التي ولدوا فيها لا تزال محوطة بالأعداء، فلنشرع في تحريرهما ولا ندع يمر بأفواهنا قبل تخليصهما سوى كلمات الحرب.»
ولكن خطر ببالي شيء آخر، فإني تساءلت: لماذا لم نظفر للآن؟ ثم لماذا بينما نحن نقاتل للاستقلال في الشمال تموت الحرية في الجنوب؟ ثم لماذا بدلا من أن نقاتل في حرب كان يجب أن نثب وثبة الأسد نحو جبال الألب نرانا الآن وقد مضى علينا أربعة أشهر ونحن ندب دبيب العقرب المترددة قد حيطت بحلقة من النار؟ وكيف تنقلب نهضة أمة قد شملها إحساس قوي سريع إلى جهد المريض الجازع يتقلب في يأسه من جنب إلى جنب؟
أجل، لو أننا كنا ارتفعنا إلى قداسة الفكر الذي مات من أجله هؤلاء الشهداء، ولو كان لواء إيمانهم المقدس يتقدم شباننا نحو المعركة، ولو كنا نحس ذلك الاتحاد الذي كان قويا في قلوبهم، ولو كان هذا الاتحاد يجعل من كل فكر من أفكارنا عملا ويخلق من كل عمل من أعمالنا فكرا، ولو كنا ادخرنا كلماتهم الأخيرة في قلوبنا وتعلمنا منهم أن الاستقلال والحرية وحدة لا تنفصل وأن الله والأمة أو الوطن والإنسانية كلمتان لازمتان لكل أناس يسعون في أن يكونوا أمة متحدة. ولو كنا نعرف أن إيطاليا لن تعيش عيشا حرا حتى تصير مملكة واحدة يزكيها حبها لأبنائها والمساواة التي تشملهم ويعظمها احترامها للحق الأبدي وتستغرق مجهوداتها الأماني العليا فنصير بذلك أشبه بكنيسة أدبية بين أمم أوروبا. أجل لو فعلنا ذلك لما كنا الآن في حرب بل لكان النصر يرفرف علينا، ولما كانت كوسنتسا تحتفل بشهدائها خفية وسرا ولما كانت منعت البندقية من إقامة أثر لذكراهم، ولكننا الآن نهتف لأسمائهم لا يخامرنا الشك في مستقبلنا ومصيرنا ولا تغمنا سحابات الكآبة، ولكنا الآن نقول لأرواحهم: «ابتهجوا فإن أرواحكم قد تجسمت في إخوانكم، فهم جديرون بكم.»
إن الفكرة التي عبدوها لم تشرق للآن على أعلامكم بطهارتها وكمالها، وهذا البرنامج السامي الذي خلفوه للجيل الإيطالي الناشئ هو برنامجكم، ولكن المذاهب الكاذبة المنبوذة التي سكنت إلى قلوبكم قد شوهت هذا البرنامج بل فتتته ومزقته إربا، وإني ألتفت ذات اليمين وذات الشمال فأرى جهود الجماعات وتفانيها وهي تتراوح بين الغضب تسخو فيه بنفوسها وبين الدعة تطمئن إليها فتنزل عن مقامها، وما هو أن نسمع صوت الحرية حتى تطن في آذاننا كلمات العبودية، ولكن أين هي نفس الأمة؟ وأين هو الاتحاد في هذه الحركة المختلفة الأشكال والجهود؟ بل أين هي الكلمة التي يجب أن تسود على جميع النصائح التي تسدى إلى الجمهور لاستهوائه أو استغوائه؟ فإني أسمع أقوالا وعبارات هي بمثابة الافتئات على سيادة الأمة، فهناك من يقول: «إيطاليا الشمالية» أو «عصبة الولايات» أو «اتحاد الأمراء» ولكن إيطاليا أين هي؟ أين هي البلاد التي تجمعنا والتي حيا فيها شهيدنا بنديره؟
إننا ونحن في نشوة الانتصارات الأولى قد نسينا المستقبل ونسينا معه تلك الفكرة التي ألهمها الله أولئك الذين تألموا، وقد عاقبنا الله على نسياننا بتأخير انتصارنا. واذكروا يا إخواني أن هذه الحركة الإيطالية هي بحكم الله حركة أوروبا بأجمعها فإننا نهضنا لكي نسدي إلى العالم الأوروبي ضمانا لتقدمه الأدبي، ولكن لا يمكن إحياء أمتنا ورميها بالأكاذيب السياسية أو أطماع الأسر المالكة أو نظريات الوصوليين؛ وذلك لأن الإنسانية إنما تحيا وتتحرك بالإيمان وما المبادئ العليا إلا نجوم هدى ترشد أوروبا نحو المستقبل، فلنتوجه نحو أجداث أولئك الشهداء الذين ماتوا في سبيلنا ولنستلهمهم نجد في عبادة إيمانهم سر الظفر والانتصار.
Неизвестная страница