مع كل مرحلة عمرية يباغتك سؤال جديد، فيحاصره فشل الإجابة، تهرب منه بمحاولة الإجابة عن سؤال آخر، وهكذا دواليك، لا تعرف حتى متى ستستمر هذه الرحلة التي لا تنتهي!
مع التقدم بالعمر تتضاءل الأسئلة؛ أقصد يتضاءل اهتمامها، تتحول الرغبة في تغيير العالم إلى رغبة ملحة في تغيير الذات التي فشلت في نقل قدم العالم قيد أنملة من مكانها .
بالنسبة إلي، أدرك الآن جيدا أنني لن أجيب عن أي سؤال بحثت عن إجابته، لكن ربما علي أن أشكر تلك «الأسئلة المرة» التي جعلتني أواصل الكتابة، وأبقتني على قيد الحياة.
إخراج الأرنب من القبعة
كصاعقة تضرب رأسك بينما تسير في صحراء، كاكتشاف النار، كلقاء حبيب غائب، كتجربة أولى في معمل العلوم لطلاب صغار، كإخراج الأرنب من القبعة، كسراب يصير ماء، كمراقبة لاعب سيرك يسير على حبل ممتد في الفضاء، كخبر عن ظهور التنين، كمصباح يضيء في نهاية النفق المظلم؛ هكذا هي اللحظة المدهشة أثناء الانغماس في القراءة والكتابة، تضرب القارئ والكاتب معا، يبتسم القارئ وتتسع عيناه ويلتهم ما تبقى من الكتاب، وتنفرج أسارير الكاتب ويغمس قلمه أكثر في الحبر، ويواصل اختراع الدهشة.
لا كتابة حقيقية من دون إدهاش، ولا إدهاش من دون إمتاع. في القصة أو الشعر أو المسرح أو السينما، إنها تلك اللحظة التي تورق فيها الوردة، فتغوص في مقعدك وأنت تحدق أكثر في الشاشة أو الكتاب. الإدهاش هو قدرة الإنسان على الخلق، على الإبداع، على رسم حياة موازية كفيلة بالمتعة. إنها فتح الباب التاسع والتسعين - المغلق دوما في القصص التراثية - والارتماء في العالم الذي يتشكل. ما يفعله الإبداع المدهش هو ما وصفه «نيكانور بارا» في قصيدته «الأفعوانية»:
على مدى نصف قرن
كان الشعر
جنة أشد الناس حمقا
حتى أتيت
Неизвестная страница