قال: «نعم يا سيدتي، قد فهمته جيدا، وهل أذهب الآن؟» قالت: «خير البر عاجله، ولكن احذر يا جرجس أن يطلع أحد على السر.»
فطمأنها وخرج وقد أخفى الكتاب تحت خوذته وتقلد سيفه وقوسه وسار يريد مقر المقوقس.
أما بربارة فنادت مرقس وأجلسته في غرفة بالقرب من غرفة مولاتها، ثم دخلت إلى مولاتها أخبرتها بما فعلت بشأن الكتاب ثم قالت: «وهذا مرقس ينتظر أمرك.»
قالت: «أريد أن يذهب حالا إلى الشام فإذا لاقى في طريقه أحدا فليستطلعه الخبر، وليعد إلينا حالا، وإلا فليصل إلى بيت المقدس، فإن العرب الآن في طريقهم من بيت المقدس إلى هنا، فلعله يعثر بهم في الطريق، أو يواصل السير إلى هناك.»
فخرجت بربارة ونادت مرقس فأسرع إليها، فدخلت به على أرمانوسة، فقبل الأرض بين يديها، وتأدب في الوقوف، فأذنت له بالجلوس، فجلس مطرقا، فقالت له بربارة: «أتذكر يا مرقس أن شيخ عين شمس أخبرنا بمقتل قسطنطين بن هرقل؟»
قال: «نعم يا مولاتي، وأذكر أنه لم يتحقق الخبر.»
قالت: «صدقت، ومرادنا الآن تحقيق الخبر على يدك؛ لأنه يهمنا كثيرا.»
فوقف مرقس وحنى رأسه مطيعا وهم بخوذته ليضعها على رأسه ويخرج، فقالت بربارة : «ماذا تفعل؟» قال: «إني ذاهب لاستطلاع هذا الخبر ومعرفة حقيقته.»
قالت: «بورك فيك أيها الشاب، وقد أعجبتني مبادرتك، ولك علي أن أحمي مارية من عدوها في أثناء غيابك، فسر في حراسة الله، ولكن احذر أن يطلع أحد على ما أنت ذاهب من أجله؛ فإنك إذا أطلعت أحدا عليه وقع عليك غضب مولاتنا، وأنت تعلم ماذا تكون النتيجة.»
قال: «سمعا وطاعة»، وخرج يدبر وسيلة يسير بها، غير أنه ما لبث أن أدرك خطر تلك المهمة لأنه سيسير منفردا في أرض عدوهم، وهو لا يعرف لغة العرب ولا يفهم كلامهم ولا شيئا من أحوالهم، ولكنه صمم على تنفيذ الأمر قياما بواجب الخدمة نحو من كانت السبب في إنقاذ حبيبته من القتل، فمكث بقية ذلك اليوم في بلبيس يفكر في الأمر حتى أمسى المساء، فذهب لوداع بربارة، فحالما رأته بشت له وسألته عما فعله فقال: «ها أنا ذا ذاهب الليلة.»
Неизвестная страница