عمارة القبور في الإسلام - المسودة - ضمن «آثار المعلمي»
عمارة القبور في الإسلام - المسودة - ضمن «آثار المعلمي»
Исследователь
علي بن محمد العمران
Издатель
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٤ هـ
Жанры
عِمَارة القُبُور في الإسلام
(المُسوَّدة)
تأليف
الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني
(١٣١٣ - ١٣٨٦)
رحمه الله تعالى
تحقيق
علي بن محمد العمران
5 ب / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي أوضح لنا خاصّةَ سواء سبيله، وحفظ علينا كتابه وسنن رسوله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
أما بعد، فإني اطلعتُ على بعض الرسائل التي ألِّفت في هذه الأيام في شأن البناء على القبور (^١)، وسمعتُ بما جرى في هذه المسألة من النزاع، فأردت أن أنظر في هذه المسألة نظرَ طالبٍ للحق، متحرٍّ للصواب، عملًا بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ (^٢) [النساء: ٥٩]، وقوله ﷿: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥].
ولا ريب أن الردَّ إلى الله ورسوله بعد وفاته، إنما يحصل بالردِّ إلى الكتاب والسنة، وأن تحكيمه بعد وفاته، إنما هو بتحكيم الكتاب والسنة.
_________
(^١) من هذه الرسائل "الرد على الوهابية" لحسن الصدر الرافضي (ت ١٣٥٤ هـ)، فقد ذكرها المؤلف صراحة في النسخة الأخرى وتعقَّبه في مواضع منها. انظر (ص ٣).
(^٢) ترك المؤلف بعد قوله (فإن تنازعتم ...) فراغًا بمقدار سطر لتتمة الآية.
5 ب / 3
ولا ريب أن من الردِّ إلى الكتاب سؤالَ العلماء، كما أن من الردِّ إلى الرسول اعتبار أقوال خلفائه وورثته من أهل العلم، قال ﷿: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣].
وفي حديث أبي الدرداء مرفوعًا: "العلماء خلفاء الأنبياء" أخرجه البزار (^١)، ورجاله موثقون، كما في "مجمع الزوائد" (^٢).
وله في "السنن" حديث فيه: "وإن العلماء ورثة الأنبياء ... " (^٣) الحديث.
ولا ريب أن الأئمة المجتهدين مِنْ أَوْلى مَن يدخل في ذلك.
_________
(^١) "كشف الأستار" رقم (١٣٦).
(^٢) (١/ ١٢٦).
(^٣) أخرجه أبو داود رقم (٣٦٤١)، والترمذي رقم (٢٦٨٢)، وابن ماجه رقم (٢٢٣)، وأحمد رقم (٢١٧١٥)، وابن حبان رقم (٨٨).
قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص ٢٨٦): "صححه ابن حبان والحاكم وغيرهما وحسَّنه حمزة الكناني، وضعّفه غيرهم بالاضطراب في سنده، لكن له شواهد يتقوّى بها، ولذا قال شيخنا: له طرق يُعرف بها أن للحديث أصلًا" ا؟ . وانظر "فتح الباري": (١/ ١٩٣).
5 ب / 4
[ص ٢] عَرْض هذه القضية على كتاب الله ﷿
قال الله ﷿: ﴿إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: ٢١].
وتقرير الاستدلال بالآية (^١): أن قوله ﷿ قبلها: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ... ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ...﴾ إلخ، يدل أنهم ماتوا، فتنازع الحاضرون في شأنهم ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا﴾، وهذا بناءٌ على قبر. ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ﴾ قال المفسرون: وهم المؤمنون بدليل قوله: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ وهذا اتخاذ مسجد على قبر.
فلما قصَّ الله ﷿ هذا في كتابه، ولم يصحبه بما يدل على حظره، دل على جوازه.
بل إذا لاحظنا أن القَصَص الوارد في القرآن لم يرد لمجرَّد حكاية وقائع تاريخية، وإنما هو للاعتبار والإرشاد والموعظة= تبين لنا دلالة الآية على الاستحباب، وأن الله ﷿ أرشدنا بهذه الآية إلى ما ينبغي أن نعمله إذا مات فينا رجل صالح، أي: أننا على الأقل نبني على قبره بنيانًا، والأكمل أن نتخذ عليه مسجدًا.
* * * *
_________
(^١) يعني على مذهب من يرى جواز البناء على القبور، وسيردّ المصنف على تقريرهم هذا بالتفصيل.
5 ب / 5
تحليل الاستدلال
أولًا: قوله: "يدل أنهم ماتوا".
فيه شيءٌ، فإن الظاهر أن أحد الفتية الذي بعثوه إلى المدينة عاد إليهم ومعه القوم، فدخل [ص ٣] الكهف إلى أصحابه وأخبرهم، ولعل الله ﷿ رفع الرعب الذي كان يعتري من اطلع عليهم، وذَكَره ﷿ بقوله: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ [الكهف: ١٨].
وحالهم تحتمل إحدى صور:
الأولى: أن يكون الفِتْية خرجوا إلى القوم، وجلسوا معهم ريثما تحققت الآية، ثم عادوا إلى كهفهم، وعاد الرعب كما كان، فانتظرهم القوم أيامًا، فلم يخرجوا، فعلموا أنهم عادوا لحالتهم، ولكنهم لا يعلمون أماتوا، أم ناموا كما كانوا؟
الثانية: أن يكون رُفِعَ الرعبُ أولًا حتى دخل إليهم القوم، وتقررت الآية= أمروا القومَ بالخروج عنهم، فخرجوا وعاد الرعب، وانتظر القوم أيامًا، فلما لم يخرج أحدٌ من الفِتْية، علموا أنهم إما ماتوا، وإما عادوا إلى النوم.
الثالثة: أنهم عادوا إلى مضجعهم والقوم عندهم، فعاد الرعب، فخرج القوم فارِّين مرعوبين، ثم انتظروا بباب الكهف أيامًا حتى يئسوا.
الرابعة والخامسة: أن يكونوا خرجوا إلى القوم، أو دخل القوم إليهم، وبعد تقرر الآية عادوا إلى مضجعهم فرآهم القوم كذلك، فحاولوا إيقاظهم، ثم انتظارهم حتى يئسوا.
5 ب / 6
[ص ٤] ويرجِّح إحدى الصور الثلاث الأولى على الرابعة والخامسة قوله ﷿ ــ حكايةً عن القوم ــ: ﴿رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ﴾ [الكهف: ٢١].
فإن هذا يدل أنهم لم يعلموا هل عاد الفتية لنومهم، أم ماتوا؟ ولو كانوا شاهدوهم بعد عودهم لمضجعهم لربما يترجَّح لهم أحد الأمرين.
لا يقال: إن قوله: ﴿رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ﴾ قد يكون المراد به: أعلمُ مَنْ هم؟ ومِمّن هم؟ وما شأنهم؟ لأن الحكمة من الإعثار عليهم، وهي إظهار آية على البعث، لا تتمّ إلا بأن يخبروا القوم بحالهم، وممن هم، وفي عهد من كانوا، فتأمل!
ثانيًا: قوله: "وهذا بناءٌ على قبر".
فيه نظرٌ من وجوه:
الأول: أن الفتية لم يتقرر للقوم موتُهم حتى يصح أن يكون لهم قبر، إذ القبر لا يكون إلا للميت، والعبرة في الحكم بظن القوم لا بما في نفس الأمر.
الثاني: لم يكن لهم قبر، وإنما كانوا في صحن الكهف.
الثالث: أنه على فرض أن الواقع في عودهم إحدى الصور الثلاث المتقدمة، فالبناء إنما يكون على باب الكهف؛ لامتناع أن يدخل البناؤون إلى مرقد الفتية لمنع الرعب.
والبناء على باب الكهف إنما هو بمثابة سدّ جانب انهدم من عرض القبر، إذا صح لنا أن نعتبر القوم مُرجِّحين أن الفتية ماتوا، وأن يُعتبر الكهف بمثابة القبر.
5 ب / 7
وعلى فرض أن الواقع هو إحدى الصورتين الأُخْريين، فيحتمل أن يكونوا أرادوا بالبناء البناء على باب الكهف، وهو الأظهر الأنسب بالحال [ص ٥] لاستغراب القوم هذه الحادثة واشتباههم في الفتية، أعادوا لنومهم، أم ماتوا؟
ويحتمل أن يكونوا أرادوا البناء على جثثهم في داخل الكهف، ومع بُعْدِ ذلك، فلم يكن هناك قبرٌ حتى يقال: إن البناء وقع عليه، وإنما البناء نفسه هو بمثابة القبر، واحتيج إليه لامتناع إخراج الفتية من الكهف، وحَفْر قبورٍ لهم كالعادة؛ لغرابة قصتهم، وعلاقتهم بالكهف، والشك في موتهم.
وهنا احتمال آخر، وهو: أن يكون المراد بالبنيان في الآية ما يُنصب تذكارًا لتلك الآية، وأن المناسب أن يكون بمكانٍ عالٍ مكشوف، إما بأن يكون خارج الكهف بعيدًا عنه، بحيث يظهر للمارة وغيرهم، وإما أن يُجْعَل على رأس الجبل الذي فيه الكهف.
وأن هذا أرجح من الأول؛ لأنه أنسب بالمقصود، وأظهر في معنى "على" كما سيأتي إيضاحه.
والحق الذي لا ريب فيه أن المراد به: البناء لسد باب الكهف؛ لأن مواراة جثث الفتية أمرٌ ضروريٌّ لابد منه، وحمل البنيان في الآية على هذا الأمر الضروري أولى من حمله على شيءٍ آخر.
وقد مر أن كون البنيان لسد باب الكهف أرجح من كونه حول الفتية في جوفه. وسيأتي في تقرير النزاع ما يزيد هذا بيانًا إن شاء الله.
ثالثًا: قوله: "قال المفسرون: وهم المؤمنون ... " إلخ.
5 ب / 8
سيأتي إن شاء الله بيان الخلاف فيه، وأن الراجح أن قائلي ذلك هم أهل الشرك.
رابعًا: قوله: "وهذا اتخاذ مسجد على قبر".
وفيه ما مرّ؛ أن القوم لم يتحققوا موت الفتية حتى يصح أن يكون لهم قبر، ولو صح موتُهم فلم يكن لهم قبر، وإنما كانوا في صحن الكهف.
ومع هذا، فإنه على الاحتمال الراجح أن الواقع هو إحدى الصور الثلاث، فواضحٌ أن بناء المسجد لا يكون داخل الكهف، وكذا على الاحتمال المرجوح أن الواقع هو إحدى الصورتين الأخريين؛ لأنه يمتنع أن يهموا ببناء مسجد محتوٍ على جثث الفتية بارزة، والكهوف وإن كانت أكبر من الغيران، فالغالب أن تكون صغيرة لا تسع بناءً كبيرًا، كبناء يشتمل على جثث تسعة أشخاص، مع بناء مسجد فوق ذلك البناء يتسع للمصلين (^١).
[ص ١٥] ثم اعلم أن "على" في الآية في الموضعين لا تصلح لمعناه الحقيقي، وهو كون المستعلي فوق المستعلى عليه، محمولًا عليه، وكذا أن يكون مُسامتًا له من فوق في الهواء، بحيث لو سقط سقط عليه، فما بقي إلا الاستعلاء المجازي بأحد الأوجه الآتية:
إما بأن يكون المستعلي مجوفًا ينطبق على المستعلى عليه، كالجفنة على البيضة.
وإما أن يكون مستديرًا عليه، كالسور على المدينة.
وإما بأن يكون بمعنى: سدًّا لمنفذ. تقول: بنيت على الضبع جدارًا، إذا
_________
(^١) هذه نهاية ص ١٠ بترقيم المؤلف، ثم أشار إلى أن التكملة في ص ٢٩.
5 ب / 9
سددتَ به بابَ وِجارِها.
وإما بأن يكون مشرفًا عليه من قرب، كالدار على دجلة.
وإما بأن يكون مشرفًا عليه من علو، كالقلعة على المدينة، إذا كانت على جبل مُطلٍّ على المدينة.
والوجهان الأولان ممتنعان هنا؛ لما مرَّ أن الاحتمال الراجح هو أن الواقع إحدى الصور الثلاث الأولى من الصور الخمس المار بيانها، وبيان الترجيح بدليله.
وعلى فرض أن الواقع إحدى الصورتين الأخيرتين، فيمتنع أن يُبْنى مسجد على جثث الفتية بارزة، والكهف يضيق عن بناء المسجد وحده، إذا تصورنا إمكان نحت قبورٍ في جوف الكهف، فضلًا عن بناء بنيان على الجثث، ثم بناء مسجد محيط به يتسع للمصلين.
والوجه الثالث متعين بالنسبة للبناء لما مرَّ، وأما بالنسبة إلى المسجد فكل منه (^١)، ومن الوجهين الأخيرين محتمل.
وبما أن الأخير ألصق بلفظ "على" لظهور الاستعلاء فيه، مع إمكان أن يكون رأس الجبل الذي يكون البناء فيه فوق الكهف على خط مستقيم، فهو الراجح.
ويمكن أن يرجَّح [ص ١٦] أيضًا بأن الظاهر من ذكر المسجد أنهم قصدوا أن يكون معدًّا للصلاة، والظاهر من المقام أنهم قصدوا مع ذلك أن يكون تذكارًا لتلك الآية البالغة.
_________
(^١) "فكل منه" كذا قرأتها، وهي غير واضحة لأنها في طرف الورقة.
5 ب / 10
وبناء المسجد إعدادًا للصلاة إنما يكون بحيث يكثر وجود المصلين، وليس محل الكهف كذلك؛ لأن الفتية اختاروه مخبأً لهم، ولا يختبئون إلا بمكان بعيد عن الناس.
واحتمال أن يكون عَمَر ذلك المكان بعد نومهم يأباه قولهم لما بُعِثوا: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ﴾ الآية [الكهف: ١٩]، مع ما روي أنه ذهب إلى المدينة، القصة التي يذكرها المفسرون. ويأباه أيضًا قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ﴾ [الكهف: ٢١].
والإعثار إنما يستعمل في الشيء الخفي الذي لم يكن مترقبًا، والكهف ــ وإن كان ممنوعًا بالرعب ــ إذا كان بين العمارة يكون مترقبًا بسبب منعه بالرعب، هذا بخلاف رأس الجبل، فإنه لا مانع أن تكون عليه قرية مسكونة، محتاجة إلى مسجد.
وقَصْد التذكار يقتضي أن يكون بحيث يشاهده الناس ويرونه، وباب الكهف كجوفه لا يصلح لذلك، وأما خارجه فإنه وإن أمكن أن يكون مشاهدًا، إلا أن رأس الجبل أظهر في ذلك.
وعليه، فيكون المراد بناء المسجد على رأس الجبل عند القرية التي قدمنا احتمال وجودها، ويُكْتب فيه تاريخ العثور على الفتية وخبرهم، وما يتعلق بذلك.
وحينئذٍ يكون مسجدًا وتذكارًا كما يقتضي الحال.
[ص ١٧] ولكن هذا الترجيح معارضٌ باحتمال أن الغالبين إنما أرادوا بناء المسجد؛ ليكونوا يحضرون لزيارة قبور الفتية، والتبرك بها، والصلاة في
5 ب / 11
المسجد المنسوب إليها.
وعلى هذا، فيجب أن يكونوا عزموا على بنائه بقرب الكهف، إن لم يكن في جوفه.
وسيمرّ بك ما يؤيد هذا، إلا أنه على كل حال لا يحتمل أن يكون في جوف الكهف؛ لما قدمنا.
خامسًا: قوله: "فلما قصَّ الله ﷿ هذا في كتابه، ولم يصحبه ما يدل على حظره، دل على جوازه".
فالجواب: يمنع أن يكون مثل هذا دليلًا على الجواز، سواءً أريد الجواز في تلك الواقعة فقط، أم في شرع تلك الأمة مطلقًا، أم في شرعنا بواسطة أننا متعبدون بشرع مَن قبلنا، أم في شرعنا مباشرة.
فقد قص ﷿ ما جرى من إخوة يوسف، ولم ينص في نفس القصة على حُرْمة كل ما هو حرام من تلك الأفعال، وإن ذكر الحكم في موضعٍ آخر من القرآن، فذلك لبيانه من حيث هو، لا ليكون تنبيهًا على ما في تلك القصة، وإلا لكان ناسخًا ومنسوخًا، ولا قائل به.
وفي القصة أنهم باعوه، وقد بينت السنة منع بيع الحر، وإن كان ابنًا أو أخًا للبائع.
وعلى فرض أن مثل هذا يكون دليلًا على الجواز، فالذي في الآية مجرد العزم، فلا يدل على جواز الفعل.
وعلى فرض التسليم بأنها تدل على جواز الفعل، فذلك لو لم يصحبها التنبيه بالحظر، وقد صَحِبها.
5 ب / 12
أما التنبيه الموعود؛ فهو على أوجه: مصحوبٍ بالآية نفسها، وواقعٍ في محلٍّ آخر من القرآن، وواقعٍ في السنة.
فأما الذي في الآية، فبيانه: أن الله ﷿ قال: ﴿إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ﴾، فدل على تنازعٍ كان بين القوم في أمر الفتية.
ثم قال تعالى: ﴿فَقَالُوا﴾ فدل لوجود الفاء أن هذا بيانٌ وتفصيلٌ للتنازع المجمل قبل، كما تقول: اختلف الأئمة في كذا، فقال فلانٌ كذا، وقال فلانٌ كذا ... إلخ.
ثم إن جُعِلت الواو للجميع بناءً على الظاهر، ففي الكلام حذفٌ لا يتحقق التنازع الذي صرح به في الآية، وقام الدليل على أن ما بعد الفاء بيانٌ له، إلا بتقديره، كأنهم (^١) قال: فقالوا جميعًا: ابنوا عليهم بنيانًا ربهم أعلم بهم. ثم قال أحد الفريقين: لا تزيدوا شيئًا غير البنيان مِن مسجدٍ وغيره= ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا ...﴾ إلخ.
فاتفق القوم أجمعون على بناء بنيان لسَتْر جثث الفتية، وتنازعوا في بناء المسجد.
وإذا جُعِلت الواو لأحد الفريقين أطلقت بلا تأويل، وصحَّ مجيء الضمير مع عدم تقدّم مرجع له؛ لتقدم ما يدل عليه، وهو التنازع الدال على افتراقهم، فكأنه قال: "ففريقٌ منهم قالوا ... " ففي الكلام إيهامٌ، أي: أن القائلين هم الجميع.
_________
(^١) كذا ولعلها: "كأنه".
5 ب / 13
وإذا جعلتها لأحد الفريقين بتأويل، أي: أنها عائدةٌ صناعةً إلى القوم جميعًا، ولكن لا على أنهم قالوا ذلك كلهم حقيقةً، بل على إقامة القائلين مُقام الجميع، فكأن القوم كلهم قالوا ذلك.
فأطلق على الفريق الأول الضمير الذي ظاهره أنه للجميع، لإقامة ذلك الفريق مقام الجميع، كأن الفريق الثاني لا وجود له.
والثاني أرجح؛ لما تقدم أن الفاء تدل على أن ما بعدها تفصيلٌ للتنازع، فلزم أن يكون مدخولها مما وقع فيه التنازع، وهذا إنما يتم على الثاني.
وأيضًا المجاز والإيهام على المعنى الذي قدمناه أبلغ من الحذف.
وأيضًا يؤيده قوله: ﴿ابْنُوا﴾ بالخطاب، ولو كان القائلون هم الجميع، لكان الظاهر أن يقال: "نبني" أو نحوه.
إذا تقرر هذا فأي الفريقين المؤمنون؟ فإن المفسرين اختلفوا في ذلك، كما سيأتي نقل كلامهم إن شاء الله (^١).
فذهب بعضُهم إلى أن الغالبين هم المؤمنون، بناءً على عزمهم على اتخاذ المسجد، وعلى أخبارٍ مأثورة عمَّن قبلنا.
أما نحن فنقول: إن مجرَّد العزم على اتخاذ المسجد لا يكفي، بل ربما كان كفرًا كما ذكره الله ﷿ في أهل مسجد الضرار، وربما فعله المتدينون جهلًا، وهو حرامٌ كبنائه في غير المِلك، أو في طريق عامة، أو نحو ذلك.
_________
(^١) لم يذكر المؤلف في هذه النسخة اختلاف المفسرين الذي وعد به. وذكر طرفًا منه في النسخة الأخرى في آخرها (ص ١٣١ وما بعدها). وانظر "تفسير الطبري": (١٥/ ٢١٧)، و"الدر المنثور": (٤/ ٣٩٢)، و"تفسير ابن كثير": (٥/ ٢١٥٢).
5 ب / 14
وأما الأخبار المأثورة؛ فإن صحَّ شيءٌ منها عن النبي ﵌ نظرنا فيه، وفي الأدلة المخالفة، وأخذنا بالأحسن كما أمرنا ﷿.
وإن كانت عن غيره من أئمة أمته، نظرنا دليلهم، ورجحنا.
وإن كانت عن أهل الكتاب، لم نعبأ بها، فقد أُمرنا أن لا نصدّقهم في شيءٍ، وخاصة في هذه القصة نفسها، قال الله ﷿: ﴿وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ﴾ [الكهف: ٢٢] أي: الفتية ﴿مِنْهُمْ﴾ أي: أهل الكتاب ﴿أَحَدًا﴾.
أما ورود شيءٍ عن النبي ﵌ فلم يبلغنا، وأما عن بعض الأئمة، فنعم، ولكن لم نعلم لهم دليلًا إلا عزم الفريق الثاني على اتخاذ المسجد، وتقرر ما فيه، ومع ذلك ننظر في أدلة القول الآخر.
فننظر أولًا في الآية.
فنجد أولًا: إطلاق ضمير الجميع على الفريق الأول، أو إيهام ذلك، يدل أن له مزية استحق بها أن يُقام مُقام الجميع، وهذه المزية ليست الغلبة؛ لأن الله ﷿ أثبتها للفريق الثاني، فلم يبق هناك ما يصلح لكونه مزية بهذه المثابة إلا العلم والدين.
ونجد ثانيًا: أن الله ﷿ حكى عن الفريق الأول قولهم: ﴿رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ﴾. وهذه كلمة جليلةٌ، تدل على علم قائلها ودينه.
ونجد ثالثًا: تقديم الله ﷿ للفريق الأول، والتقديم يُشْعِر بمزية للمقدم، وأقرب ما يتصور من المزايا: العلم والدين.
ونجد رابعًا: قوله ﷿ في الفريق الثاني: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى
5 ب / 15
أَمْرِهِمْ﴾ فأَشْعَر أن الحامل لهم على هذا العزم هو الغَلَبة، على ما قرره علماء البيان، في باب المسند إليه في مجيئه موصولًا؛ للإيماء إلى وجه بناء الخبر (^١).
وقرّره أهل الأصول (^٢): أن إيقاع الحكم على المشتق يؤذن بِعِلِّية ما منه الاشتقاق، وهو في الموصول أوضح.
والغالب أن الغلبة تكون سببًا للمعصية، والغالبُ في الأمم السابقة: أن الغلبةَ إنما تكون للضالين، والغالبُ في الأمم السابقة أيضًا: التكذيب بالآيات، والضلال فيها نوع من التكذيب بها.
قال الله ﷿: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]. وقال ﵎: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ [الأعراف: ١٠٢].
وعلى كل حال، فوصف هؤلاء بالغَلَبة، مع وصف مقابليهم بما تقدم، يُشْعر بأنهم ذوو جهل وغلو، واتخاذ المسجد لا ينافي الجهل والغلو، كما لا يخفى.
وننظر ثانيًا في غير هذه الآية من القرآن؛ فنجد قوله ﷿: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨]. تدل أنه لا ينبغي بناء مسجد
_________
(^١) انظر "التلخيص ــ شرح البرقوقي" (ص ٦٠)، و"المطوّل شرح التلخيص" (ص ٧٤).
(^٢) انظر "البحر المحيط": (٥/ ٢٠١) للزركشي، و"التحبير شرح التحرير": (٧/ ٣٣٤٩ - ٣٣٥٠) للمرداوي.
5 ب / 16
على قبر، كما سيأتي إن شاء الله تعالى (^١)، وهذا هو القسم الثاني من التنبيه.
وننظر ثالثًا في السنة النبوية؛ فنجدها متواترة بذمّ الذين كانوا من الأمم السابقة يتخذون قبور أنبيائهم وصُلَحائهم مساجد ولَعْنهم، واشتداد غضب الله عليهم، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
وقد جاء النصّ على النصارى بشيءٍ من الأحاديث، كما سيأتي إن شاء الله (^٢)، ولاسيما وأكثر المفسرين على أن القوم الذين أعثروا على أهل الكهف كانوا نصارى، فتبين الصبح لذي عينين.
ونقطع أن الفريق الأول هم أهل العلم والدين، وأنهم محمودون بما ذهبوا إليه من الأمر ببناء جدار على باب الكهف، يستر جثث أولئك الفتية.
وأن الفريق الثاني بخلاف ذلك كله، في مخالفتهم للفريق الأول، وعزمهم على بناء مسجد على باب الكهف، يكون أحد جدرانه ساترًا للكهف، كما يدل عليه معنى الآية، على ما قدمناه من التفصيل.
وهذا هو القسم الثالث من التنبيه.
وعلى فرض عدم التنبيه، فهي واقعةُ عينٍ لا عمومَ لها، وعلى فرض قيام دليل على العموم، ففي حق تلك الأمة فقط، بناء على أننا غير متعبَّدين بشرع من قبلنا.
وعلى تسليم أننا مُتعبَّدون بشرع من قبلنا، فذلك إذا لم يوجد في شرعنا ما يخالفه، وقد وُجِد كما مرَّ مفصَّلًا.
_________
(^١) (ص ٢١).
(^٢) لم يأتِ شيء في هذه النسخة، وانظر الأخرى (ص ٢٤، ١٣٢).
5 ب / 17
فإن قيل: إن الدليل هنا على كونه شرعًا لِمَن قبلنا في الكتاب، والدليل المخالف له في السنة، فيكون نسخًا للكتاب بالسنة.
أجيب: أن في جواز نسخ الكتاب بالسنة خلافًا، ولكن لا حاجة بنا لذكره، وبيان الراجح، فإن ما نحن فيه ليس من نسخ الكتاب بالسنة في شيء، وإنما هو من نَسْخ شرع من قبلنا بشرعنا، والمنسوخ في الحقيقة هو خطاب من الله ﷿ لنبي تلك الأمة.
فأما الآية التي في كتابنا، فأقصى ما يُدَّعى فيها: أنها في قوة خبر، بأن ذلك الفعل كان جائزًا في شرع تلك الأمة، وهذا ــ على فرض صحة الدعوى ــ خبرٌ صادق لا يتصور نسخه أصلًا، وهذا بيِّنٌ، فلا نطيل بزيادة إيضاحه، وذكر أمثلته.
[ص ١٠] بقي أن يكون المراد بالجواز المدَّعى دلالة الآية عليه، الجواز في شرعنا مباشرة، وهذا لا وجه له. وعلى فرض أن له شِبْه دلالة، فأقصى ما يُدَّعَى فيها أنها دلالة ظاهرة.
فيجاب: بأن السنة بينت عدم اعتبارها، ولا حاجة لزيادة الفروض والتسليمات، فالأمر أوضح من ذلك.
سادسًا: قوله: "بل إذا لاحظنا أن القَصَص الوارد في القرآن لم يرد لمجرَّد حكاية وقائع تاريخية، وإنما هو للاعتبار ... " إلخ.
قد يقال: إن قصة أصحاب الكهف نزلت ــ كما في أسباب النزول (^١) ــ لما سألت قريشٌ النبيَّ ﵌ عنهم بإيعاز اليهود إليهم،
_________
(^١) انظر "الدر المنثور": (٤/ ٣٨٠).
5 ب / 18
فكانت الحكمة في إنزالها أن تكون معجزةً له ﵌ بالإخبار عن حالهم، ولا يعلمه أحدٌ إلا أن بعض أهل الكتاب يعلم بعضَه، وهذه الحكمة كافية.
ولما كانت المعجزة لا تتم إلا بحكاية القصة على وجهها، دخل فيها التآمر بالبناء، والعزم على اتخاذ المسجد، فلا يلزم أن يكون لهما حِكْمة خاصة.
على أن الحق الحقيق هو أن نقول: إن لها حكمة خاصةً غير ما ذكرتموه، وهي [أن] في التآمر بالبناء تنبيه الأمة إلى سدِّ القبور، وأن لا تترك فيها فُرْجة، وأن أهل العلم والدين ممن قبلنا كانوا يكتفون بذلك، وينازعون من أراد غير ذلك، كبناء مسجد.
وفي اتخاذ المسجد بيان مخالفة العامة لأولي العلم والدين، وضلالهم من حيث إنهم يَحْسبون أنهم يحسنون صنعًا، وتحذيرنا من مثل ذلك.
وصحَّ تصديق الرسول ﵌ فيما كان يقوله لأصحابه: [ص ٧] "إن من كان قبلهم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصُلَحائهم مساجد" (^١)، إلى غير ذلك من المناسبات.
سابعًا: قوله: "فأرشدنا ﷿ بهذه الآية إلى ما ينبغي أن نعمله إذا مات فينا رجل صالح، أي: أننا على الأقل نبني على قبره بنيانًا، والأكمل أن نتخذ عليه مسجدًا".
الجواب: أن الحق عكس ذلك، كما علمتَ مما قدمناه، دلت عليه الآيةُ
_________
(^١) أخرجه مسلم (٥٣٢) من حديث جندب البجلي ﵁.
5 ب / 19
نفسُها، وغيرها من القرآن والسنة المتواترة.
ولو كان ما زعمتَه مراد الله ﷿، لكان فَهِمَه رسول الله ﵌، وعَمِل به في حياته في حق أصحابه الذين توفوا في حياته، كعثمان بن مظعون، وسعد بن معاذ، وعمه حمزة، ومن معه من الشهداء، وأولاده ﵌.
وعدم فعله ﵌ ذلك كافٍ في إبطال هذا الزعم، فكيف والواقع أنه ثبت عنه النهي عن البناء على القبور، والأمر بتسويتها مطلقًا، وتواتر عنه لعن من اتخذ القبور مساجد، وفي بعض الروايات الصحيحة التصريح بأن المراد باتخاذها مساجد بناء المساجد مشتملة عليها، وسيأتي بيان الأدلة التي تدل على أن مثل ذلك بناء المساجد عند القبور وإن لم تكن مشتملةً عليها، وكذا بناؤها لأجلها وإن كانت بعيدة عنها. وسيأتي إيضاح ذلك إن شاء الله (^١).
ثم جاء مِن بعده أصحابه، فلزموا طريقته، وثبت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه بعث صاحب شرطته لتسوية كلّ قبرٍ مشرفٍ مطلقًا (^٢)، واستمرَّ الحالُ على ذلك في القرون الأولى المشهود لها بالخير، حتى جاء بعض المتشيّعين بعد الألف، يزعم أن الآية تدل على خلاف ذلك كله، سبحانك هذا بهتان عظيم! !
وقال الله ﷿: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨].
_________
(^١) (ص).
(^٢) سبق تخريجه موسَّعًا في المبيضة (ص ٥٠ وما بعدها)، ورواية "صاحب الشرطة" في (ص ٦٦) منها.
5 ب / 20
وتقرير الاستدلال بالآية: أن لفظ "المساجد" عام يتناول كل مسجد، والجملة مفيدة للاختصاص، كما في ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: ١]، بل الأمر هـ؟ هنا أظهر، والحصر هـ؟ هنا حصر إفراد، لقوله: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ أي: أن المساجد كلها لله وحده لا شريك له، خالصةً من كل شرك.
فتبين أن من خواصِّ المسجد أن يكون خالصًا لله، فمن بنى بناءً، وزعم أنه قصد به أن يكون مسجدًا، فإن كانت نيته في بنائه خالصة لله وحده لا شريك له، كان البناء مسجدًا. وإن لم يكن كذلك، كأنْ قَصَد أن يكون على قبر فلان الصالح، [ص ١١] أو بالقرب منه، فهذا لم يُبْنَ خالصًا لله وحده لا شريك له، وبهذا فُقِدَت منه تلك الخاصَّة المعتبرة في المساجد.
ومما يُؤيَّد به هذا الاستدلال حديث مسلم (^١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﵌: "قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عَمِل عملًا أشركَ فيه معيَ غيري، تركتُه وشِرْكَه".
وفي رواية: "فأنا منه بريء، وهو للذي عَمِلَه" (^٢).
والذين يبنون المساجد على القبور لا يحملهم على بنائها إلّا وجود القبور، حتى لو لم يكن هناك قبورٌ لما بنوا.
ويجاب عن هذا: بأن غاية ما فيه أن يكون وجود القبر سببًا حاملًا على بناء المسجد، وهذا كما يمرّ إنسان على قرية آهلةٍ، ليس لها مسجد، فيحمله ذلك على أن يبني فيها مسجدًا، وبأن قَصْد أن يكون المسجد على قبر فلان
_________
(^١) رقم (٢٩٨٥).
(^٢) هذا لفظ ابن ماجه رقم (٤٢٠٢)، وابن خزيمة في الصحيح رقم (٨٩٣) وغيرهما.
5 ب / 21