197

Арбаун Хадисан

الاربعون حديثا

Жанры

الاربعون حديثا :201

فصل: في بيان تقوى العامة

اعلم ايها العزيز انه مثلما يكون لهذا الجسد صحة ومرض ، وعلاج ومعالجا ، فان للنفس الانسانية ايضا صحة ومرضا ، وسقما وسلامة ، وعلاجا ومعالجا . ان صحة النفس وسلامتها هي الاعتدال في طريق الانسانية ، ومرضها وسقمها هو الاعوجاج والانحراف عن طريق الانسانية ، وان الامراض النفسية اشد فتكا بآلاف المرات من الامراض الجسمية . وذلك لان هذه الامراض انما تصل الى غايتها بحلول الموت . فما ان يحل الموت ، وتفارق الروح البدن ، حتى تزول جميع الامراض الجسمية والاختلالات المادية ، ولا يبقى اثر للآلام او الاسقام في الجسد ولكنه اذا كان ذا امراض روحية واسقام نفسية لا سمح الله فانه ما ان تفارق الروح البدن ، وتتوجه الى ملكوتها الخاص ، حتى تظهر آلامها واسقامها .

ان مثل التوجه الى الدنيا والتعلق بها ، كمثل المخدر الذي يسلب الانسان شعوره بنفسه . فعندما يزول ارتباط الروح بدنيا البدن ، يرجع اليها الشعور بذاتها ، ومن ثم الاحساس بالآلام والاسقام التي كانت في باطنها ، فتظهر مهاجمة لها بعد ان كانت مختفية كالنار تحت الرماد . وتلك الآلام والاسقام اما ان تكون ملازمة لها (للروح) ولا تزول عنها ابدا ، واما ان تكون قابلة للزوال . وفي هذه الحال يقتضيها ان تبقى آلاف السنين تحت الضغط والعناء والنار والاحتراق قبل ان تزول ، اذ ان آخر الدواء الكي . قال الله تعالى : «يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم» (1) .

ان منزلة الانبياء هي منزلة الاطباء المشفقين ، الذين جاؤوا بكل لطف ومحبة لمعالجة المرضى ، بانواع العلاج المناسب لحالهم ، وقاموا بهدايتهم الى طريق الرشاد . «اننا اطباء وتلاميذ الحق» وان الاعمال الروحية القلبية والظاهرية والبدنية هي بمثابة الدواء للمرض كما ان التقوى ، في كل مرتبة من مراتبها ، بمثابة الوقاية من الامور المضرة للامراض . ومن دون الحمية لا يمكن ان ينفع العلاج ، ولا ان يتبدل المرض الى صحة .

قد يغلب الدواء والطبيعة على المرض في الامراض الجسمية حتى مع عدم الحمية جزئيا . وذلك لان الطبيعة هي نفسها حافظة للصحة ودواء لها . ولكن الامر في الامراض النفسية صعب ، وذلك لان الطبيعة قد تغلبت على النفس منذ البداية ، فتوجهت هذه نحوالفساد والانتكاس «ان النفس لأمارة بالسوء» (2) ، وعليه ، فان من يتهاون في الحمية ، تصرعه الاربعون حديثا :202

Страница 201