Арам Дамаск и Израиль: в истории и библейской истории
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
Жанры
إن النقد النصي والتاريخي والأركيولوجي لروايات الآباء والخروج قد أوصلنا إلى القول بكل ثقة علمية بأن الوقائع جميعها تنفي نفيا قاطعا وجود كيان إثني اسمه «كل إسرائيل» خلال أية فترة من عصر البرونز الأخير، وصولا إلى مطلع عصر الحديد الأول حوالي 1200ق.م. (2)
إن الشواهد الأركيولوجية من الفترة الانتقالية من عصر البرونز الأخير إلى عصر الحديد تنفي نفيا قاطعا رواية سفر يشوع عن الاقتحام العسكري لأرض كنعان. ذلك أن نتائج التنقيب الأثري في مواقع المدن التي يعزو النص التوراتي تدميرها إلى يشوع؛ تظهر عدم تطابق تاريخ دمار معظم هذه المدن مع التاريخ المفترض لقدوم الإسرائيليين إلى كنعان. أما المواقع التي يتزامن تاريخ الدمار فيها مع قدوم الإسرائيليين، فإن الشواهد الأثرية الصامتة لا يمكن أن ترجح رواية سفر يشوع، بسبب وجود العديد من المرشحين لتدمير هذه المدن خلال تلك الفترة، وخصوصا الفرعون مرنفتاح وشعوب البحر. ومن ناحية ثانية ، فإن المواقع المهدمة التي أعيد بناؤها في سياق عصر الحديد الأول تظهر ارتباطا عضويا بثقافة البرونز الأخير. (3)
إن نتائج المسح الأركيولوجي الشامل لمنطقة الهضاب المركزية ولمنطقة مرتفعات يهوذا، في المستويات الأثرية العائدة لعصر الحديد الأول، تنفي نفيا قاطعا ظهور مجموعة إثنية واحدة في كلا المنطقتين خلال الفترة المفترضة لعصر القضاة والاستقرار في الأرض. فالقرى التي ظهرت بشكل بطيء في الهضاب المركزية خلال عصر الحديد الأول كانت قرى كنعانية من أصل زراعي محلي، مرتبطة ثقافيا بعصر البرونز الأخير، ولا علاقة لها بالقبائل الرعوية التوراتية. وقد سبق استيطان منطقة الهضاب المركزية الاستيطان في منطقة يهوذا بحوالي قرنين من الزمان، الأمر الذي ينفي وجود قاعدة مشتركة بين المنطقتين، كما ينفي قيام كيان إثني يشتمل على «كل إسرائيل» خلال فترة عصر القضاة التي تغطي كامل فترة الحديد الأول. (4)
لم يتوفر خلال القرن العاشر قبل الميلاد الأساس السكاني والاقتصادي اللازم لقيام مملكة قوية في الهضاب المركزية أو مرتفعات يهوذا، ناهيك عن قيام مملكة موحدة متسعة الأرجاء بسطت سلطانها على كامل أراضي فلسطين. فإضافة إلى الفقر المدقع لقرى الهضاب المركزية المبعثرة، فإن منطقة يهوذا كانت شبه خالية من السكان، وأورشليم كانت بلدة متواضعة وغير صالحة لأن تكون عاصمة للمملكة المذكورة في التوراة. (5)
لا يوجد ذكر لكيان سياسي اسمه إسرائيل في وثائق الشرق القديم جميعها قبل أواسط القرن التاسع قبل الميلاد (أي بعد أكثر من قرن على تشكيل مملكة كل إسرائيل التوراتية)، عندما بدأ اسم إسرائيل يظهر في السجلات العسكرية الآشورية، وللدلالة حصرا على مملكة السامرة، التي تشكلت تاريخيا حوالي عام 880ق.م. وكذلك الأمر في مملكة يهوذا، التي لم يرد ذكرها في السجلات الآشورية إلا نحو نهاية القرن الثامن قبل الميلاد، وعندما بدأت مملكة إسرائيل بالأفول. (6)
لا يوجد في وثائق الشرق القديم ذكر لكيان سياسي اسمه إسرائيل بعد دمار مملكة السامرة على يد الآشوريين عام 721ق.م. وسبي أهلها الذين لم يرجعوا إلى أوطانهم قط. أما المقاطعة الآشورية التي قامت في الهضاب المركزية بعد سبي الإسرائيليين وإحلال أقوام جديدة محلهم فقد دعيت بمقاطعة السامرة، واستمرت تدعى بهذا الاسم خلال العصر الفارسي والهيلينستي والروماني. وفيما يتعلق بمنطقة يهوذا، فقد أطلق عليها اسم مقاطعة اليهودية بعد عودة المسبيين إليها من بابل، واستمر هذا الاسم قائما حتى العصر الروماني. (7)
لا يوجد أثر للمعتقد الديني التوراتي في منطقتي إسرائيل ويهوذا، وفي بقية أنحاء فلسطين، خلال الفترة السابقة على السبي البابلي، والديانة التي سادت هنا هي ديانة كنعانية تقليدية. إن جميع المعابد والمقامات الدينية وتماثيل وشارات الألوهة جميعها مما كشفت عنه التنقيبات في المستويات الأثرية العائدة إلى عصر الحديد الأول والثاني، تشير إلى استمرار طبيعي للمعتقدات الدينية لعصر البرونز في فلسطين. أما الإله يهوه، الذي تركز حوله المعتقد التوراتي فيما بعد، فقد كان على ما يبدو المعبود الرئيسي في السامرة ويهوذا، إلى جانب آلهة البانثيون الكنعاني الفلسطيني.
ولعل أوضح برهان على ما أسوقه هنا هو مخطوطات جزيرة الفيلة (= الأفيال) التي اكتشفت في الجزيرة المدعوة بهذا الاسم عند منطقة أسوان بمصر العليا. فلقد عاش في هذه الجزيرة التي تتوسط النيل جالية من منطقة يهوذا منذ مطلع القرن السادس قبل الميلاد، عمل أفرادها كمرتزقة في الجيش المصري فترة طويلة قبل أن يستقروا مع أسرهم في هذه المنطقة النائية عن فلسطين. وقد حافظت هذه الجالية على عاداتها وتقاليدها ومعتقداتها السابقة لتكوين المعتقد التوراتي، وتركت لنا عددا من الوثائق الكتابية باللغة الآرامية يرجع تاريخها إلى الفترة الواقعة بين عامي 495 و394ق.م. وهي الفترة ذاتها التي شهدت إعادة سكن أورشليم وبناء هيكل زربابل المدعو بالهيكل الثاني. وتضم المخطوطات المكتشفة وثائق تجارية وعقود زواج، ومراسلات بين رئيس الجالية المدعو جيدانية وعدد من الشخصيات السياسية في فلسطين. وقد قدم الباحث الإسرائيلي
Bezalel Porten
من الجامعة العبرية أحدث قراءة لهذه المخطوطات، ونشرها تباعا فيما بين عامي 1968 و1979 في عدد من الكتب والأبحاث العلمية.
Неизвестная страница