Арам Дамаск и Израиль: в истории и библейской истории
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
Жанры
توقف اهتمام مصر بالسياسة الدولية إبان حكم الملكة حتشبسوت (1469-1490ق.م.) بسبب انشغال هذه الملكة بالمسائل الداخلية. وعندما خلفها زوجها وشريكها في الحكم تحوتمس الثالث، بدأ عقب وفاتها مباشرة بشن حملات عسكرية متوالية، باتجاه الجنوب نحو أفريقيا، وباتجاه الشمال نحو آسيا الغربية، بلغت اثنتي عشرة حملة خلال فترة حكمه الطويلة التي دامت من 1490 إلى 1436ق.م. وقد وصل في إحدى حملاته الآسيوية إلى الفرات، وأجبر ميتاني على الاعتراف بسيادته، وكانت في ذلك الوقت القوة الرئيسية في منطقة الجزيرة العليا والشمال السوري. كما شن حملة شهيرة في سجلاته على فلسطين معروفة بحملة مجدو، حيث التقى قرب مدينة مجدو الفلسطينية بجيوش تحالف سوري يقوده ملك قادش، وهزمها. وفي عهد خليفته تحوتمس الرابع مالت السياسة المصرية إلى الديبلوماسية، فتزوج هذا الملك من أميرة ميتانية وأنجب منها أمنحوتب الثالث (1413-1377ق.م.) الذي حكم خلال الفترة المعروفة بعصر العمارنة، والتي شملت حكمه وحكم ابنه أمنحوتب الرابع، واشتهرت بالوثائق الهامة التي عثر عليها في عاصمة أمنحوتب الثالث بموقع تل العمارنة، والتي تتضمن مراسلات بين البلاط المصري والملوك السوريين. في عهد أمنحوتب الرابع - الذي دعا نفسه «إخناتون» عقب إصلاحه الديني الشهير، وإعلانه عن معتقده الجديد في إله واحد، دعاه آتون - خف الضغط على مناطق آسيا بسبب انشغال الملك بالمسائل الداخلية والتبشير الديني.
عندما أفلح الكهنة التقليديون في إقصاء إخناتون عن الحكم، رفع إلى العرش الفتى توت عنخ آمون (1358-1349ق.م.) وقد أعقب موت هذا الفرعون الصغير فترة من الاضطرابات والتهديدات العسكرية الخارجية، انتهت بصعود القائد العسكري حور محب إلى السلطة (1345-1318ق.م.) وتأسيسه للأسرة التاسعة عشرة. كان رمسيس الأول أول فراعنة الأسرة التاسعة عشرة، وفي عهده انتقلت العاصمة المصرية إلى الدلتا الشرقية، فبنيت مدينة تانيس عاصمة الرعامسة، في مكان لا يبعد كثيرا عن موقع عاصمة الهكسوس القديمة أفاريس. ثم وليه ابنه سيتي الأول (1317-1301ق.م.) المعروف بحملته على فلسطين، والتي استهدفت البدو المثيرين للقلاقل، والحثيين الذين كانوا يؤلبون حكام الدويلات الفلسطينية ضد مصر. ثم تبعه ابنه رمسيس الثاني (1290-1224ق.م.)
3
الذي اصطدم مع الحثيين في موقعة شهيرة عند مدينة قادش في سوريا الوسطى، ثم وقع معهم بعد ذلك بسنوات المعاهدة المعروفة، وهي أشهر معاهدات التاريخ المشرقي القديم.
وهناك رأي سائد بين المؤرخين يضع تاريخ خروج الإسرائيليين من مصر خلال الهزيع الأخير من فترة حكم هذا الفرعون. (3) ملحمة الخروج
ينتهي سفر التكوين بوفاة يوسف، حيث تقول آخر فقراته: «ثم مات يوسف وهو ابن مائة وعشر سنين. فحنطوه ووضع في تابوت في مصر» (تك، 50: 36). ثم يلتقط سفر الخروج في مطلعه الفقرة نفسها ويقول: «ومات يوسف وكل إخوته وجميع ذلك الجيل. وأما بنو إسرائيل فأثمروا وتوالدوا ونموا وكثروا جدا وامتلأت الأرض منهم. ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف» (خروج، 1: 6-8). رأى الملك الجديد تكاثر بني إسرائيل وخاف من تزايد عددهم، فدفعهم إلى السخرة في أعمال البناء، ووضع عليهم مراقبين أشداء يذلونهم ويسومونهم سوء العذاب، وابتدأت فترة العبودية التي دامت بضع مئات من السنين. بنى المستعبدون لفرعون مدينتين، هما «مخازن فيثوم» و«رعمسيس»، ولكن السخرة والأعمال الشاقة لم تنفع في التقليل من عددهم، فأمر فرعون القابلتين القائمتين على توليد نسائهم بقتل المواليد الذكور في المهد. ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا، مدعيتين أن النساء العبرانيات قويات البنية يلدن قبل وصول القابلة، فنما الشعب كثيرا. وهنا عمد الفرعون إلى أسلوب آخر، حيث أمر الإسرائيليين أن يلقوا إلى النهر بكل مولود ذكر (الخروج، 1: 15-22).
يلي ذلك مباشرة قصة ولادة موسى، حيث يبدأ الإصحاح الثاني بالقول: «وذهب رجل من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي، فحبلت المرأة وولدت ابنا، ولما رأته أنه حسن خبأته ثلاثة أشهر. ولما لم يمكنها أن تخبئه بعد أخذت سفطا من البردي ووضعت الولد فيه، ووضعته بين الحلفاء على حافة النهر. ووقفت أخته من بعيد لتعرف ماذا يفعل فيه. فنزلت ابنة فرعون إلى النهر لتغتسل، وكانت جواريها ماشيات إلى جانب النهر، فرأت السفط بين الحلفاء، فأرسلت أمتها وأخذته، ولما فتحته رأت الولد، وإذا هو صبي يبكي، فرقت له وقالت: هذا من أولاد العبرانيين. فقالت أخته لابنة فرعون: هل أذهب وأدعو لك امرأة مرضعة من العبرانيات لترضع لك الولد؟ فقالت لها ابنة فرعون: اذهبي. فذهبت الفتاة ودعت أم الولد، فقالت لها ابنة فرعون: اذهبي بهذا الولد وأرضعيه لي وأنا أعطيك أجرتك، فأخذت المرأة الولد وأرضعته . ولما كبر الولد جاءت به إلى ابنة فرعون فصار لها ابنا، ودعت اسمه موسى، وقالت: إني انتشلته من الماء» (الخروج، 2: 1-10).
ويبدو أن موسى قد شب وهو يعرف أصله العبراني؛ ففي أحد الأيام رأى رجلا مصريا يضرب رجلا عبرانيا من إخوته، فقتل المصري وطمره في الرمل. ولما انكشف أمره هرب من وجه فرعون الذي طلب قتله، وأتى إلى أرض مديان (عند خليج العقبة) وجلس عند البئر. وكان لكاهن مديان المدعو رعوئيل سبع بنات، فأتين لملء الجرار، ولكن الرعاة صرفوهن، فأعانهن موسى. وعندما عدن وأخبرن أباهن بما حصل، دعاه الأب وأكرمه وأسكنه عنده، وزوجه ابنته صفورة التي أنجبت له ولدا أسماه جرشوم. وعندما كان يرعى غنم حميه، الذي يدعوه النص في هذا الموضع من القصة يثرون عوضا عن رعوئيل، ساق الغنم إلى جبل يدعى حوريب، فرأى شجرة عليقة تتوقد بالنار ولا تحترق، فلما اقترب منها «ناداه الله من وسط العليقة وقال: موسى، موسى. فقال: ها أنا ذا. فقال: لا تقترب إلى ها هنا. اخلع حذاءك من رجليك؛ لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة. ثم قال: أنا إله أبيك، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله. فقال الرب: إني قد رأيت مذلة شعبي وسمعت صراخهم ... فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين، وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة، إلى أرض تفيض لبنا وعسلا ... والآن هلم فأرسلك إلى فرعون، وتخرج شعبي بني إسرائيل من مصر. فقال موسى لله: من أنا حتى أذهب إلى فرعون، وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر؟! فقال: إني أكون معك، وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك. حينما تخرج الشعب من مصر، تعبدون الله على هذا الجبل ... وقال الله لموسى: هكذا تقول لبني إسرائيل: يهوه إله آبائكم؛ إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم» (الخروج، 3). «فأجاب موسى وقال: ولكن ها هم لا يصدقون ولا يسمعون لقولي، بل يقولون: لم يظهر لك الرب. فقال الرب: ما هذه في يدك؟ فقال: عصا . فقال: اطرحها إلى الأرض. فطرحها فصارت حية، فهرب موسى منها. ثم قال الرب لموسى: مد يدك وأمسك بذنبها. فمد يده وأمسك به، فصارت عصا في يده. لكي يصدقوا أنه قد ظهر لك الرب إله آبائهم؛ إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب.» وبعد أن يزوده بآيتين أخريين؛ يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء، وماء النهر الذي يسكبه على اليابسة فيصير دما، يطلب منه التوجه فورا إلى مصر لأن الفرعون الذي كان يطلب دمه قد مات. فيشتكي موسى من ثقل لسانه وقلة فصاحته، فيأمره الرب أن يستعين بأخيه هارون الفصيح اللسان، والذي تقع عليه مهمة مخاطبة الشعب، ويكون لموسى فما. فأخذ موسى امرأته وبنيه وأركبهم على الحمير، ورجع إلى أرض مصر بعد أن ودع حماه يثرون (الخروج، 4).
في مصر يتصل موسى وهارون بالشعب، الذي يؤمن بهما وبالآيات التي صنعاها أمام عيونهم. ثم يدخل الاثنان على فرعون ويطلبان منه إطلاق بني إسرائيل، فيرفض فرعون مستهزئا بالطلب، ويزيد من أعباء السخرة على بني إسرائيل. بعد ذلك يتكرر دخول موسى وهارون على فرعون عشر مرات ملتمسين إطلاق الشعب، وفي كل مرة يرفض فرعون الطلب، فيرسل عليه الرب كارثة تحل به وببيته وبقومه، فيصرخ فرعون إلى موسى أن يصلي لربه فيرفع غضبه عنه، وعندما يرتفع غضب الرب يقسو قلب فرعون ويرفض من جديد إطلاق الشعب. وأخيرا يرضخ فرعون ويسمح بخروج بني إسرائيل جميعا مع غنمهم وبقرهم وجميع أمتعتهم. وقبل أن يغادروا مساكنهم قال لهم موسى أن يستعير كل واحد منهم من جاره أدوات فضية وذهبية وثيابا. وقد زين الرب للمصريين إعارة جيرانهم فأعطوهم ما طلبوا، فسرق الإسرائيليون المصريين ورحلوا تحت جنح الليل. وكانت إقامتهم في مصر أربعمائة وثلاثين سنة (الخروج، 5-12).
وكان لما أطلق فرعون الشعب أن الله لم يهدهم في طريق أرض الفلسطينيين المحاذية للساحل، مع أنها قريبة؛ لكيلا يعرضهم للحرب مع أهلها فينقلبون على أعقابهم راجعين إلى مصر، بل أدارهم نحو بحر سوف (الذي هو خليج السويس وما يتلوه شمالا من البحيرات المرة)، فرحلوا من مساكنهم في أرض رعمسيس ونزلوا في «سكوت»، وارتحلوا من «سكوت» ونزلوا في إيثام. وكان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود من سحاب ليهديهم في الطريق، وليلا في عمود من نار ليضيء لهم. ولكن فرعون ندم على إطلاق بني إسرائيل، فلحق بهم بجنوده ومركباته فأدركهم وهم نازلون قرب بحر سوف عند فم الحيروت أمام بعل صفون. ففزع بنو إسرائيل وقالوا لموسى: «هل لأنه ليست قبور في مصر أخذتنا لنموت في البرية؟! ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر؟! خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البرية. فقال موسى للشعب: لا تخافوا، قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم ... فقال الرب لموسى: قل لبني إسرائيل أن يرحلوا، وارفع أنت عصاك ومد يدك على البحر وشقه، فيدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة ... ومد موسى يده على البحر، فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل، وجعل البحر يابسة وانشق الماء، فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة، والبحر سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم، وتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم ... فقال الرب لموسى: مد يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين، فمد موسى يده على البحر، فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون، ولم يبق منهم ولا واحد» (الخروج، 13-14).
Неизвестная страница