Арабская мысль в эпоху Возрождения

Альберт Хурани d. 1413 AH
91

Арабская мысль в эпоху Возрождения

الفكر العربي في عصر النهضة

Издатель

دار النهار للنشر بيروت

Жанры

يمكنه، بل يجب عليه، أن يشترك في عملية الحكم، وبأن من الواجب تهذيبه من أجل هذه الغاية، وبأن الشرائع يجب أن تتغير بتغير الظروف، وبأن ما كان منها صالحًا في زمان أو مكان قد لا يصلح لزمان أو مكان آخر، هذا فضلًا عن فكرة الأمة التي لعله استقاها من مونتسكيو الذي ألح على أهمية الظروف الجغرافية في تكوين الشرائع، مما يستلزم القول بحقيقة الجماعة المحدودة جغرافيًا، أي المجتمع الناشئ عن العيش في مكان واحد، والذي ذهب أيضًا إلى أن قيام الدول وانهيارها يخضعان لأسباب معينة، وأن هذه الأسباب تكمن في «روح الأمة»، وأن محبة الوطن أساس الفضائل السياسية. وفي ذلك قوله: «إن محبة الوطن تؤدي إلى دماثة الأخلاق» (٢)، والعكس بالعكس. لم تكن هذه الأفكار بالنسبة للطهطاوي مجرد أفكار نظرية. إذ بينما تعرف إليها نظريًا، أوحى إليه اختباره العملي في باريس بالوجه الذي يمكن لأمته أن تنتفع به منها. وقد التقى ببعض مستشرقي ذلك العهد، كسلفستر دي ساسي، الذي، بفضله ولا شك، تنبه إلى اكتشافات علماء الآثار المصرية في العهد الأول الكبير لهذا العلم. وقد ملأت فكرة مصر القديمة ذهنه، فأضافت عنصرًا هامًا إلى تفكيره. لم يرغب محمد علي في أن يتعرف طلابه إلى الحياة في فرنسا أكثر مما ينبغي. لكن الطهطاوي استطاع أن يقوم بمشاهدات دقيقة للعالم الحديث والقديم معًا، ويقتبس معرفة واسعة عن المؤسسات والعادات السائدة في ذلك المجتمع الأعظم والأكثر ازدهارًا في زمانه. وقد نشر، بعد عودته إلى مصر بقليل، وصفًا لإقامته في باريس بعنوان «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، اشتهر شهرة واسعة، وترجم إلى اللغة التركية. وهو ينطوي على عدة ملاحظات طريفة وصادقة عن آداب الفرنسي الحديث وعاداته. على أن إعجاب الطهطاوي بفرنسا لم يكن إعجابًا أعمى. فهو يرى أن الفرنسيين «أقرب للبخل من الكرم»، وأن «الرجال عندهم عبيد للنساء».

1 / 93