Философские взгляды на кризис времени
آراء فلسفية في أزمة العصر
Жанры
الفصل الحادي عشر
كارل ر. بوبر
(1902م-...)
كارل بوبر أحد رواد فلاسفة العلم في الوقت الحاضر، وكان أصلا عضوا في جامعة فينا الشهيرة التي كانت مصدر إشعاع لمذهب التجريب المنطقي، ولكنه - على خلاف زملائه - أظهر اهتماما شديدا بتاريخ الفلسفة، وبالفلسفة السياسية والأخلاقية. وأشهر ما يعرف به كتابه «المجتمع الحر وخصومه»، وهو كتاب سرعان ما أمسى من الأصول المعاصرة في النظريات السياسية، وفيه يحلل بعض مبادئ إعادة البناء الاشتراكي في ضوء استعراض ناقد لفلسفة السياسة والتاريخ. «إنه يرسم صورة لبعض الصعاب التي تواجهها المدنية التي ترمي إلى الإنسانية والتعقل وإلى المساواة والحرية ... ويحاول - لذلك - أن يعاون على إدراكنا لمعنى الحكم الجماعي، ومغزى الكفاح الدائم ضد هذا الحكم.»
ولد كارل بوبر بالنمسا في عام 1902م، وتلقى علومه في جامعة فينا، واشتغل بالتدريس في إنجلترا، وفي كلية كانتربري الجامعية، بكريستشرتش في زيلندة الجديدة، وبجامعة لندن حيث هو الآن أستاذ للمنطق والطريقة العلمية. وقد حلل في أحد بحوثه الباكرة في الطريقة العلمية الذي نشره تحت عنوان «منطق الكشف العلمي» طرق علم الطبيعة. وقال إن الاختبار الأساسي لمعرفة ما إذا كانت النظرية - أو الحكم - تجريبية عملية هو بتحديد الظروف الطبيعية التي يمكن أن تبطل فيها النظرية أو الحكم.
وبظهور الحكم الجماعي، تنبه بوبر إلى البحث في طرق العلوم الاجتماعية، واهتم بصفة خاصة ببيان الأسباب التي أدت إلى تأخر العلوم الاجتماعية، وأدى به هذا الاهتمام إلى سلسلة من البحوث التي انتهى بها إلى استحالة التنبؤ بالمستقبل، وقد نشر هذه البحوث تحت عنوان «فقر الطريقة التاريخية». والنقطة الأساسية في دعواه هي أننا لا نستطيع أن نتنبأ بالمستقبل؛ لأن التاريخ البشري يتأثر تأثرا شديدا بنمو المعرفة، ولأنه من المستحيل منطقيا أن نتنبأ بنمو المعرفة ذاته، «ومعنى ذلك أنه ينبغي لنا أن ننبذ إمكان وجود «تاريخ نظري»؛ أي وجود علم اجتماعي تاريخي يقابل «علم الطبيعة النظري».»
وقد قرر بوبر - حيثما كانت الحجة منطقية بحتا قبل ذلك - أنه من الضروري أن نرى كيف نشأت المغالطة التاريخية، وانتهى إلى عرض نقدي لأعظم قادة الجنس البشري في مجال الفكر، وبخاصة أفلاطون وماركس، لكي يبين موضع فشلهم. وبعدما قام بذلك نشر بوبر دراسته «المجتمع الحر» الذي يتضمن نبذه للشخصيات التاريخية، والذي يحاول أن يرسم الخطوط العريضة لمبادئ إعادة البناء الاشتراكي الديمقراطي الذي أسماه «الهندسة الاجتماعية المفصلة»، تمييزا لها عن «الهندسة الاجتماعية المثالية».
وفي العبارة التي اختارها بوبر في كلمة الإهداء بأحد كتبه يتبين أن المنطق عنده لا يتنافى مع العقائد العاطفية. يقول في هذه العبارة: «أهدي هذا الكتاب إلى العدد العديد الذي لا يحصى من الرجال والنساء من جميع المذاهب والقوميات والأجناس الذين ماتوا ضحايا للعقيدة الفاشية أو الشيوعية التي تؤمن بالقواعد الصارمة التي تحدد مصير الإنسان.» (1) العقل الناقد
كارل بوبر (1-1) الثورة ضد العقل
كان ماركس من العقليين، فكان يعتقد مع سقراط وكانت في العقل البشري باعتباره أساسا لوحدة البشر. غير أن إيمانه بأن المصلحة الطبقية تتحكم في آرائنا عجل بانهيار هذه العقيدة. وكما أن مذهب هيجل بأن المصالح والتقاليد القومية تتحكم في أفكارنا قد عمل على هدم المذهب، فقد عمل مذهب ماركس على هدم عقيدة العقليين في العقل؛ ومن ثم فإن النظرة العقلية إلى المشكلات الاجتماعية والاقتصادية - بالهجوم عليها من اليمين ومن اليسار - لم تكد تقوى على المقاومة حينما هوجمت في جبهتها من مذهب التنبؤ التاريخي ومذهب اللاعقل المبهم. ومن أجل هذا كان الصراع بين العقل واللاعقل أهم قضية فكرية - بل وربما كان أهم قضية خلقية - في عصرنا الحاضر.
Неизвестная страница