Ар-Рахик аль-Махтум
الرحيق المختوم
Издатель
دار الهلال
Номер издания
الأولى
Место издания
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
Жанры
من الأول، ألا وهو إسلام عمر بن الخطاب، أسلم في ذي الحجة سنة ست من النبوة «١» .
بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة ﵁ «٢» . وكان النبي ﷺ قد دعا الله تعالى لإسلامه، فقد أخرج الترمذي عن ابن عمر، وصححه، وأخرج الطبراني عن ابن مسعود وأنس أن النبي ﷺ قال: «اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام» فكان أحبهما إلى الله عمر ﵁ «٣» .
وبعد إدارة النظر في جميع الروايات التي رويت في إسلامه يبدو أن نزول الإسلام في قلبه كان تدريجا، ولكن قبل أن نسوق خلاصتها نرى أن نشير إلى ما كان يتمتع به ﵁ من العواطف والمشاعر.
كان ﵁ معروفا بحدة الطبع وقوة الشكيمة، وطالما لقي المسلمون منه ألوان الأذى، والظاهر أنه كانت تصطرع في نفسه مشاعر متناقضة، احترامه للتقاليد التي سنها الآباء والأجداد، واسترساله مع شهوات السكر واللهو التي ألفها، ثم إعجابه بصلابة المسلمين واحتمالهم البلاء في سبيل عقيدتهم، ثم الشكوك التي كانت تساوره- كأي عاقل- في أن ما يدعو إليه الإسلام قد يكون أجل وأزكى من غيره، ولهذا ما إن يثور حتى يخور. قاله محمد الغزالي «٤» .
وخلاصة الروايات مع الجمع بينها- في إسلامه ﵁ أنه التجأ ليلة إلى المبيت خارج بيته، فجاء إلى الحرم، ودخل في ستر الكعبة، والنبي ﷺ قائم يصلي وقد استفتح سورة «الحاقة» فجعل عمر يستمع إلى القرآن، ويعجب من تأليفه، قال: فقلت- أي في نفسي- هذا والله شاعر كما قالت قريش،. قال: فقرأ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ [الحاقة: ٤٠- ٤١] قال: قلت: كاهن. قال: وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ. قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ إلى آخر السورة. قال فوقع الإسلام في قلبي «٥» .
_________
(١) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي، ص ١١.
(٢) ستأتي رواية في ذلك.
(٣) الترمذي، أبواب المناقب، مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب ٢/ ٢٠٩.
(٤) فقه السيرة، ص ٩٢، ٩٣.
(٥) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص ٦، ويقرب من هذا ما رواه ابن إسحاق عن عطاء ومجاهد. لكن في آخره ما يخالف ذلك. انظر ابن هشام ١/ ٣٤٦، ٣٤٧، ٣٤٨، ويقرب من هذا أيضا ما أورده ابن الجوزي عن جابر، وفي آخره أيضا ما يخالف هذه الرواية انظر تاريخ عمر بن الخطاب ص ٩- ١٠.
1 / 90