قال براين: «أعرف مكانا يأويني.»
قالت مارجوري: «أغلق فمك القذر. أشفق على هيرب لأنه يتحمل عبئك.» •••
في آخر أيام الدراسة قبل عيد الميلاد، خرجنا مبكرا في الظهيرة. عدت للمنزل وبدلت ثيابي، واتجهت للعمل نحو الساعة الثالثة. لم أجد أحدا يعمل. كان الجميع داخل سقيفة استخراج الأحشاء، حيث كان مورجان إيليوت يلوح بساطور فوق المنضدة ويصيح. لم أستطع تمييز سبب صياحه، وظننت أن أحدا قد ارتكب خطأ فادحا في عمله. ربما كنت أنا المخطئة. بعدها رأيت براين على الجانب الآخر من المنضدة، يبدو شديد التجهم والدنو ، وكان يقف بعيدا. لم تكن نظرة الشبق قد فارقت وجهه تماما، لكنها خفت حدتها وامتزجت بانفعال مشوب بالعجز وبشيء من الخوف. ظننت أن اللحظة قد حانت؛ سيطرد براين بسبب وضاعته وتكاسله. ما زلت أفكر أن هذا ما سيحدث حتى وأنا أميز كلمات مورجان: «منحرف» و«دنس» و«مخبول». كانت مارجوري وليلي، وحتى أيرين صفيقة الوجه، يقفن وقد ارتسمت على وجوههن نظرة بؤس، كالتي ترتسم على وجوه الأطفال عندما يتعرض أحدهم لتوبيخ قاس في المدرسة. وحده هنري العجوز هو من بدا قادرا على إبداء ابتسامة عريضة حذرة على وجهه. لم أر جلاديس في المكان. كان هيرب يقف قريبا من مورجان أكثر من أي شخص آخر. لم يتدخل، لكنه كان يحدق إلى الساطور. كان مورجي ينتحب، رغم أنه لم يبد معرضا لأي خطر مباشر.
كان مورجان يصرخ في براين كي يخرج. صاح: «اخرج من هذه المدينة، أنا جاد فيما أقول، إياك أن تنتظر حتى الغد إذا كنت تخشى على نفسك! اخرج!» ثم لوح بالساطور في حركات درامية باتجاه الباب. تحرك براين، لكنه - عن قصد أو غير قصد - حرك مؤخرته في خيلاء واستهزاء، وهو ما جعل مورجان يستشيط غضبا وينطلق في إثره ملوحا بالساطور على نحو متكلف. انطلق براين، وانطلق مورجان وراءه، بينما صرخت أيرين ووضعت يدها على بطنها. كان مورجان بدينا لا يقوى على الجري، ولا على رمي الساطور لمسافة بعيدة. راقب هيرب ما يحدث من مكانه عند مدخل الباب، وسرعان ما عاد مورجان وهوى بالساطور على المنضدة.
صاح مورجان: «ليعد الجميع إلى العمل! كفوا عن هذه النظرات الحمقاء! أنتم لا تقبضون رواتبكم لتنظروا هكذا! ما الذي تنوون فعله؟» ورمق أيرين بنظرة غاضبة.
قالت أيرين بنبرة مهادنة: «لا شيء.» «إذا كنت تنوين فعل شيء، فاخرجي من هنا.» «لا أنوي شيئا.» «حسنا!»
عدنا إلى العمل. خلع هيرب ثوبه الملطخ بالدماء وارتدى سترته ورحل، ربما ليتأكد من استعداد براين للرحيل في حافلة المساء. لم ينبس ببنت شفة. خرج مورجان وابنه إلى الفناء، وعاد هنري وأيرين إلى السقيفة المجاورة، حيث عملا على نتف الريش الذي وصل حتى ركبتيهما والذي كان من المفترض أن يتخلص منه براين.
قلت بنبرة هادئة: «أين جلاديس؟»
قالت مارجوري: «تسترد عافيتها.» تحدثت هي الأخرى بصوت خافت أكثر من المعتاد، ولم تكن عبارة «تسترد عافيتها» من الكلمات التي تستخدمها هي وليلي في العادة. استخدمت العبارة لوصف حال جلاديس بنية الاستهزاء منها.
لم تريدا التحدث حول ما حدث؛ لأنهما كانتا تخشيان مجيء مورجان وضبطهما؛ مما سيتسبب في طردهما. كانتا تخشيان ذلك، رغم براعتهما في أداء العمل. فضلا عن ذلك، فهما لم تشاهدا شيئا. ولا بد أنهما منزعجتان لعدم مشاهدتهما ما حدث. كل ما علمته هو أن براين إما فعل لجلاديس شيئا أو أراها شيئا لدى خروجها من دورة المياه، فبدأت تصرخ ودخلت في نوبة هيستيرية.
Неизвестная страница