قال لي: «اسحبي.» واستخرجت كتلة لامعة تشبه الكبد. «ها قد حصلت عليها. إنهما الرئتان. ها هو القلب. وها هي القانصة. وها هي المرارة. الآن، لا تفتحي هذه المرارة أبدا داخل الديك وإلا أفسدت مذاقه كله.» استخرج ببراعة من الديك ما فاتني استخراجه، بما في ذلك الخصيتان، اللتان كانتا أشبه بعنقودين من العنب الأبيض.
قال هيرب: «قرط بديع.»
كان هيرب آبوت طويل القامة ممتلئ الجسد قويا. وكان شعره داكنا خفيفا، ومشدودا للوراء بداية من بروز شعره وسط جبهته على شكل رقم 7، وبدت عيناه مسحوبتين بعض الشيء، فكان أشبه بصيني شاحب الوجه أو أشبه بإحدى صور الشيطان، لكنه كان أملس الوجه لطيفا. وأيا كانت وظيفته في حظيرة الحبش - سواء استخراج الأحشاء كما يفعل الآن، أو تعبئة عربة النقل، أو تعليق الذبائح - فقد كان يؤديها بكفاءة وسرعة وخفة. قالت مارجوري: «ستلاحظين في هيرب أنه دائما يمشي وكأن قاربا يتحرك أسفله.» وكانت محقة. كان هيرب يعمل طاهيا على قوارب البحيرة خلال الموسم، ثم يعمل لدى مورجان حتى بعد عيد الميلاد. وخلال باقي الوقت كان يساعد في صالة البلياردو، فيعد الهمبورجر، وينظف المكان، ويحول دون وقوع النزاعات قبل أن تبدأ، وكان يعيش في هذا المكان، حيث يملك غرفة فوق صالة البلياردو تطل على الشارع الرئيسي.
في جميع العمليات التي تتم في حظيرة الحبش، بدا هيرب الوحيد الذي يلقي بالا للكفاءة وشرف المهنة دائما. وكان هو الذي يسيطر على مجريات جميع الأمور. عندما تراه في الفناء يتحدث مع مورجان - الذي كان قصير القامة سمينا متورد الوجه متنمرا على نحو يصعب توقعه - تتيقن أن هيرب هو السيد ومورجان المساعد المأجور، لكن لم يكن الوضع كذلك.
لو لم يعلمني هيرب بنفسه، أظن أنني لم أكن لأتعلم استخراج أحشاء الحبش على الإطلاق. لم أكن أتقن استخدام يدي بصفة عامة، وشعرت بالخزي مرات كثيرة بسبب ذلك، حتى إن أقل أمارات نفاد الصبر من جانب الشخص الذي يعلمني كانت يمكن أن تسبب لي شللا ارتجافيا؛ ولذا لم أكن أطيق أن يراقبني أحد سوى هيرب. وبصفة خاصة، لم أكن أطيق أن تراقبني ليلي ومارجوري، الشقيقتان اللتان بلغتا منتصف العمر، واللتان كانتا سريعتين للغاية وتتنافسان في استخراج الأحشاء بدقة. كانتا تغنيان أثناء العمل، وتتفوهان بعبارات بذيئة حميمية إلى ذبائح الحبش. «لا تجرحني أيها الشاذ!» «ألم تكن مستودعا للغائط فيما مضى؟!»
لم أكن قد سمعت قط امرأة تتحدث هكذا.
لم تكن جلاديس سريعة في استخراج الأحشاء، لكنها كانت دقيقة حتما، وإلا لتغيرت طريقة هيرب في الحديث معها. لم تغن قط، وبالتأكيد لم تكن تتفوه بكلام بذيء. فكرت في أنها متقدمة في العمر، لكن ليس كليلي ومارجوري. لا بد وأنها تخطت الثلاثين. بدت مستاءة من كل ما يحدث، وكانت تحتفظ بالكثير من أحكامها المريرة لنفسها. لم أحاول قط التحدث إليها، لكنها تحدثت معي ذات يوم في المرحاض الصغير البارد خارج الحظيرة. كانت تكثر من مساحيق الزينة على وجهها، وكان لون مساحيق الزينة مختلفا جدا عن لون بشرتها، حتى بدت وكأنها قذفت طلاء برتقاليا فوق جدار مليء بالنتوءات مدهون بطلاء أبيض.
سألتني ما إذا كان شعري مجعدا بطبيعته.
قلت نعم. «ألا تستخدمين مثبتا؟» «لا.» «أنت محظوظة؛ فأنا أضطر إلى تصفيف شعري كل ليلة ؛ فالمواد الكيميائية في جسمي لا تتيح لي استخدام مثبت للشعر.»
ثمة طرق مختلفة تتحدث بها النساء عن مظهرهن. البعض يقلن إنهن يعتنين بأنفسهن من أجل الرجال. وأخريات - مثل جلاديس - يعتبرن ذلك جزءا من مهام البيت التي يفتخرن بصعوبة أدائها. كانت جلاديس أنيقة. أستطيع تخيلها في البنك في ثوب أزرق ذي ياقة بيضاء قابلة للخلع لغسلها ليلا. أتخيلها أيضا غاضبة ولكن فيما يتفق مع الآداب العامة.
Неизвестная страница