كل دور الأنصار خير "الأولى بمعنى أفضل والثانية اسم أي: الفضل حاصل في جميع الأنصار وإن تفاوتت مراتبه"١.
وقد جاء في رواية البخاري المتقدمة أن سعدًا أدرك النبي ﷺ فقال: يا رسول الله خير دور الأنصار فجعلنا أخيرًا فقال: "أوليس بحسبكم ٢ أن تكونوا من الخيار" وفي رواية مسلم أيضًا المتقدمة أنه رجع وقال: الله ورسوله أعلم، وقال بحمار فحل عنه فالحديثان متعارضان، على هذا ولا بد من الجمع بينهما: وقد جمع الحافظ ابن حجر بين هاتين الروايتين فقال: "يمكن الجمع بأنه رجع حينئذ عن قصد رسول الله ﷺ لذلك خاصة، ثم إنه لما لقي رسول الله ﷺ في وقت آخر ذكر له ذلك، أو الذي رجع عنه أنه أراد أن يورده مورد الإنكار والذي صدر منه ورد مورد المعاتبة المتلطفة ولهذا قال له ابن أخيه في الأول: "أترد على رسول الله أمره" إلى أن قال: قوله: "من الخيار أي: الأفاضل لأنهم بالنسبة إلى من دونهم أفضل، وكأن المفاضلة بينهم وقعت بحسب السبق إلى الإسلام، وبحسب مساعيهم في إعلاء كلمة الله ونحو ذلك"أ. هـ٣.
٨- ومن مناقبهم ﵃: أن النبي ﷺ دعا الله لهم بأن يصلحهم، ويكرمهم ويغفر لهم وجمع في ذلك الدعاء بينهم وبين إخوانهم المهاجرين رضوان الله عليهم أجمعين، وتارة أفردهم بالدعاء بالمغفرة لهم ولأبنائهم، وأبناء أبنائهم، كما استغفر لهم ولذراريهم ومواليهم.
فقد روى الإمام البخاري بإسناده إلى أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "لا عيش إلا عيش الآخرة فاصلح الأنصار والمهاجرة"