Копты и мусульмане: с арабского завоевания до 1922 года
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Жанры
وقد كان لهذه الإجراءات أسوأ وقع في النفوس، إلا أن وفاة الخليفة حال في الوقت المناسب دون قيام ثورة في البلاد، لهذا لم يتوان عمر بن عبد العزيز بعد توليته الخلافة في سنة 101ه «719م» في عزل أسامة وتعيين أيوب بن شرحبيل مكانه بعد أن كلفه بتهدئة الخواطر وباستعمال اللين مع السكان، ثم أمره الخليفة بإلقاء القبض على أسامة ووضع حلقة من الحديد حول عنقه وتكبيل يديه وقدميه بأوتار خشبية، وسيق أسامة، وهو على هذه الحال، إلى مكان إعدامه، ولكنه مات في أثناء الطريق.
وقام عمر بن عبد العزيز بعمل آخر على جانب عظيم من الأهمية أكسبه عطف الأهالي وحبهم؛ إذ إنه أمر بإلغاء الجزية على الرهبان والأساقفة،
69
ولم يلبث أن أعيدت الضريبة مرة أخرى في عصر يزيد، وعاد الأقباط إلى سيرتهم الأولى من الشكوى من جور الولاة.
وفي خلافة هشام، أعيد تعيين حنظلة بن صفوان على مصر «119ه/736م»، وكان قد تولى هذا المنصب من قبل في عهد الخليفة يزيد، ولم يتبع حنظلة الخطط الحكيمة التي رسمها له الخليفة هشام، بل رفع الضرائب ولم يقتصر على فرض رسوم على الآدميين، بل تعداه إلى الحيوانات بعد أن أجرى إحصاء عاما لها، وفرض أيضا ضريبة الدمغة على الإيصالات.
وكانت للخليفة هشام سياسة حكيمة تخالف سياسة عامله السيئة، فقد كان يحاول كسب عطف الأقباط، الذين لم يفقدوا بعد نفوذهم في البلاد بدلا من إثارة غضبهم بفرض ضرائب جديدة، ولما ظلوا بدون بطريرك مدة من الزمن، أمر الخليفة بتنصيب رئيس ديني عليهم، وأمر أيضا بتسليم كل شخص سدد ضرائبه براءة رسمية باسمه حتى «لا يظلم أحد ولا يكون في مملكته ظلم»، ذكر الأسقف ساويرس كل هذا، ثم أردف قائلا: «كان هشام رجلا خائفا من الله على طريق الإسلام وكان محبا لسائر الناس.».
ويتضح من سرد هذه الحوادث أن ظلم الولاة للشعب كان في معظم الأحيان ناتجا عن أمور شخصية بحتة، ولم يلبث الولاة أن وجدوا من يقلدهم في تصرفاتهم، فلقد حذا حذوهم الموظفون الذين يعملون تحت إمرتهم، ويقول لنا ميخائيل السوري: «لما غادر المأمون مصر، تعددت المصائب على المصريين، وكان الفرس يدخلون القرى ويكبلون الذين يقاومونهم، كل عشرة أو عشرين معا، ويرسلونهم إلى الفسطاط دون أن يتأكدوا إذا كانوا مذنبين أم لا، وقد زهقت أرواح الكثيرين دون أن يقترفوا أي ذنب، وطلب بعض المقبوض عليهم، وهم في طريقهم إلى الهلاك، أن يقبل جلادهم منهم رشا في مقابل إطلاق سراحهم، وحينما صرفوا له المبلغ، قال لهم الرجل: انتظروا ريثما نقابل أناسا آخرين في الطريق فأكبلهم بالسلاسل مكانكم. ولم يلبثوا أن صادفوا ثلاثة رجال: كاهنا وعربيين كان أحدهما إمام مسجد فأطلق سراح الذين أعطوه الرشا، وألقى القبض على هؤلاء مكانهم.».
70
وكان استهتار الولاة بمصلحة مصر واضحا لدرجة أنه عندما اشتدت الدسائس والمؤامرات في بلاط بغداد في القرن الثالث الهجري، كان من النادر أن يترك شخص ذو نفوذ بلاط الخليفة ويعيش بعيدا عنه، وإذا اختير واليا على قطر من الأقطار، عين وكيلا عنه يدير شئون الحكم باسمه ويخصه بجزء من الدخل مقابل هذا التعيين.
وكان جمع المال هو الهدف الأول للولاة، ولذلك عانت البلاد أزمة اقتصادية شديدة قبل ظهور الدولة الطولونية؛ إذ قل المحصول بسبب استنزاف الحكومة لمواردها جزافا.
Неизвестная страница