فمن ذلك على سبيل المثال: ما ذكره الله في سورة محمد ﷺ: ﴿مّثَلُ الْجَنّةِ الّتِى وُعِدَ الْمُتّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مّن مّآءٍ غَيْرِءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مّن لّبَنٍ لّمْ يَتَغَيّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مّنْ خَمْرٍ لّذّةٍ لّلشّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مّنْ عَسَلٍ مّصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلّ الثّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مّن رّبّهِمْ﴾ [محمد: ١٥]، فبعد هذا الترغيب الجميل، أعقبه بما يخوف النفوس، ويرعب القلوب، فقال: ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النّارِ وَسُقُوا مَآءً حَمِيمًا فَقَطّعَ أَمْعَآءَهُمْ﴾ [محمد: ١٥]
ولما ذكر الله العذاب الشديد في سورة الحج بقوله: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبّهِمْ فَالّذِينَ كَفَرُوا قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نّارِ يُصَبّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلّمَآ أَرَادُوَا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [الحج: ١٩ - ٢٢].
أعقب هذه الآيات الصارخة بالعذاب، والمرعبة للقلوب، بآيات تنطق بالنعيم المقيم، والاطمئنان العظيم برحمة الله ﴿إِنّ اللهَ يُدْخِلُ الّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يُحَلّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ [الحج: ٢٣]
وإذا ذكر الله صفة من صفاته التي توحي بالرحمة، أتبعها بما يرهب من صفة أو عذاب.
قال تعالى: ﴿نَبّئْ عِبَادِى أَنّى أَنَا الْغَفُورُ الرّحِيمُ * وَأَنّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ﴾. [الحجر: ٤٩، ٥٠]