الحمد لله الذي خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من ماء مهين. ثم سوّاه ونفخ فيه من روحة وقال) وجَعَل لَكمُ السَّمعَ والأبصَارَ والأفئدة قليلا ما تشكرون (وقال) ومن آياته خَلقُ السَّموات والأرض واختلافُ ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين (. وقال) وَجعلناكم شُعُوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللهِ أتقاكُم إن الله عَلِيم خبيرُ (.
وصلى الله على محمد النبي المبعوث عِند احلِولاكِ السُّبل، وتبديل المِلَك، وعلى عِترته الطيبين. وآله الطاهرين، وسلم عليه وعليهم أجمعين. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أما بعد فإني نظمت هذا الكتاب وجمعت فيه أنساب العرب وتشعُّب قبائلها وافتراق معديها وقحطانيها، وجعلتها طبقة دون طبقة، فقد روينا عن الكلبي في رواية كتاب الأنساب أنه قال: إنما تعرف أنساب العرب على سِتَّ طبقات. فأولها شعب، وقبيلة، وعمارة، وبطنُ وفخدُ، وفصيلة. وما بينها من الأنباء فإنما يعرفها أهلها.
فمضر شعب، وربيعة شعب، وحمير شعب وكهلان شعب وكذلك ما سواها من القبائل الكبارن وإنما سميت الشعب لأن القبائل تشعبت منها. وسميت القبائل لان العمائر تقابلت عليها، والشعب تجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر، والعمارة تجمع البطن، والبطن تجمع الافخاذ، والفخذ يجمع الفصيلةز فمضر شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقضى بطن، وهاشم فخذن والعباس فصيلة، وعلى هذا يجري.
وحدث محمد بن حبيب الهاشمي، عن ابيه أنه قال: إنما وضعت الشعوب والقبائلن والعمائر والبطون، والأفخاذ، والفضائلن والعشائر على تركيب خلق الإنسانن فلذلك سمي الانسان شعوبًا، وهو الشعبن لأن الجسد تشعب منه، ثم القبائل هو رأسه، وهي الاطباق. ثم العمائر وهو الصدر وفيه القلب، ثم البطون وهو البطن وفيه ما استبطن الكبدو الرئة والطحال والأمعاء، فصار مسكنا لهن ثم الأفخاذ والفخذ أسفل من البطن، ثم الفصائل وهي الركبة لأنها انفصلت من الفخذ، ثم العشائر وهي الساقان والقدمان لأنها حملت ما فوقها بالحب وحُسن المعاشرة، فلم يثقل عليه حمله، وقال القطامي سُميت العربُ - حين تفرقوا من إسماعيل بن إبراهيم، وقحطان بن هود بن عابر - الشعوب، وذلك حين تشعبوا. وقال الشاعر يذكر ذلك:
فبادوا بعد أنهم وكانوا ... شعوبًا شعبت من بعد عاد
ثم القبائل حين تقابلوا ونظر بعضهم إلى بعض في حلة واحدة وكانوا كقبائل الرأس.
قال الله تعالى) وجعلناكم شُعُوبا وَقَبَائل (يريد أهل اليمن وقبائل ربيعة وُمضر) لِتَعَارفوا إن أكرمكم عِندَ الله أتقاكُم (يذكر محمدا ﷺ وآله وسلم.
وقال صبيح بن معدان بن عدي بن أفلت الطائي يذكر ذلك:
قَبَائلُ من شُعُوبٍ لَيَس مِنهُم ... كَرِيمٌ قَد يُعدّض وَلَا نَجيبُ
وقال آخر في مثل ذلك:
قَبِيلة مِن شُعُوب ضَلَّ سَعيُهًم ... لا خَير فيهم سِوى كُثر من العدد
ثم العمائر حين غَمروا الأرض وسكنوها. قال رجل من بني عمرو بن عامر ربيعة بن صعصعة يقال فرازة. لحيَّين من مُحارب يقال لهما عامر ومساجم. أبن أبي السرى: مساجم بالجيم. قال:
عمائر من دون القبيل أبوهم ... نفاهم إلينا عامرٌ ومساجم
ضممناهم ضمّض الكريم بنانه ... فنحن لهم سلم وإن لم يسلم
ولغيره. في مثل ذلك:
لكل أناس من معد عمارة ... عروض إليها يلجأون وج
ثم البطون حين استنبطوا الأدوية ونزولها. وبنو البيوت من الشَّعر ودعم فقالت العرب بيت فلان، وبقي من آل فلان بيتان، وهم أهل أبيات. وقال من الأزد:
بطون صدق من ذوي العمائر ... مِ الأزد فانضمت إلى
وقال آخر:
استنبطوا أو ساروا وقد علموا ... إن لا رجوع لهم ماحبب
وقال عرار بن ظالم بن فرازة حين فارقتهم هاربة بنت ذبيان فحالفوا بني ثعلبة:
استنبطوا البطن لا يألون ما رفعوا ... بذل الجمال فلم تُرفع لهم
كانوا لنا قوم صِدق من عمائرنا ... أيام آبائهم للحل عمّهم
ثم الأفخاذ، والفخذ الأصغر. وقال الأريجي في مثل ذلك:
مقري نبي أرحب للضيف مُترعة ... وكل مقرى لكم تأتيه
1 / 37