الأمثال والحكم
تأليف
علي بن محمد بن حبيب الماوردي (المتوفى سنة ٤٥٠ هـ)
تحقيق ودراسة
المستشار الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد
الأستاذ المشارك بكلية الشريعة - جامعة أم القرى
وخبير البحوث الإسلامية السابق برئاسة المحاكم الشرعية - بدولة قطر
دار الوطن للنشر
Неизвестная страница
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾
1 / 2
الأمْثَالُ وَالحِكَمُ
1 / 3
جَمِيع حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة
الطبعة الأولى
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
دَار الوطن للنشر
الرياض - المملكة الْعَرَبيَّة السعودية
هَاتف: ٤٧٩٢٠٤٢ - فاكس: ٤٧٢٣٩٤١ - ص ب: ٣٣١٠ - الرَّمْز البَريدي:١١٤٧١
° الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected]
° موقعنا على الإنترنت: www.dar-alwatan.com
° التَّوْزِيع بجمهورية مصر الْعَرَبيَّة ت: ٠١٠٠١٤٦٠٨٦١ مَحْمُول
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تقديم الطبعة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (١)
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (٢).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (٣) (٤).
أما بعد،
فقد ظهرت الطبعة الأولى من "الأمثال والحكم" للماوردي منذ قرابة
_________
(١) سورة آل عمران: من الآية ١٠٢.
(٢) سورة النساء: الآية الأولى.
(٣) سورة الأحزاب: الآيتان ٧٠، ٧١.
(٤) هذه خطبة الحاجة، أخرجها أبو داود في سننه ٢: ٢٤٥ رقم ٢١١٨، كتاب النكاح، باب: في خطبة النكاح، والترمذي في الجامع الصحيح ٣: ٤٠٣ رقم ١١٠٥، كتاب النكاح، باب: ما جاء في خطبة الحاجة، والنسائي في سننه ٦: ٨٩ رقم ٣٢٧٧، كتاب النكاح، باب: ما يستحب من الكلام عند النكاح، وابن ماجه في سننه ١: ٦٠٩ رقم ١٨٩٢ كتاب النكاح، باب: في خطبة النكاح، من حديث عبد الله بن مسعود ﵁.
1 / 5
خمس عشرة سنة، وتلقتها الأمة بالقبول بصفة عامة والأدباء بصفة خاصة.
وقد ظهرت خلال هذه المدة من دواوين السنة الكثير، مما أعان المحقق على بذل مزيد من الجهد في عزو الأحاديث وبيان درجتها.
واستفاد من نقد العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني (١) له، ورحم الله امرءًا أهدى إليَّ عيوبي.
_________
(١) كنيته أبو عبد الرحمن، ويلقب بـ"الألباني" لمولده بأشقو عاصمة القطر الألباني، رحل به والده الشيخ نوح، وهو صغير إلى سورية على أثر الانقلاب العلماني على يد ملك ألبانية آنئذ -أحمد زوغو- وتأثره بكمال آتاتورك، وكانت نعمة على الشيخ إذ أتقن اللغة العربية، واشتغل بالمكتبة الظاهرية بدمشق، ووقف على نوادر مصادر الحديث النبوي الشريف، وكتب الجرح والتعديل، وله جهود كبيرة في خدمة الحديث وتحقيق بعض دواوين السنة، والتدريس الجامعي في علم الحديث ورجاله. وهو من كبار أنصار المدرسة السلفية الواعية في العصر الحديث. وله جهود واجتهادات مشكورة غير منكورة.
وهو في نهاية العقد التاسع من عمره المبارك بإذن الله، ختم الله لنا وله بالحسنى وزيادة بفضله وكرمه ومنه.
راجع في ترجمته: محمد المجذوب: علماء ومفكرون عرفتهم ٢٨٧ - ٣٢٥، ومحمد الشيباني: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وآثاره.
وأثناء تصحيح تجارب الكتاب قررت لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية منح الجائزة هذا العام ١٤١٩ هـ/ ١٩٩٩ م وموضوعها: (الجهود العلمية التي عنيت بالحديث النبوي تحقيقًا وتخريجًا أو دراسة) لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، سوري الجنسية، تقديرًا لجهوده القيمة في خدمة الحديث النبوي تخريجًا وتحقيقًا ودراسة، وذلك في كتبه التي تربو على المائة. ويعد الشيخ الألباني شخصية علمية رائدة، وصاحب مدرسة متميزة، وله عطاء حديثي أغنى الحقل العلمي، وأصبحت جهوده وأعماله مراجع لطلاب العلم، وعونًا لدارسي السنة النبوية. (راجع العالم الإسلامي تصدر عن إدارة الإعلام برابطة العالم الإسلامي العدد ١٥٨٦، ٢٢ - ٢٤ رمضان ١٤١٩ هـ، ٩ - ١١ يناير ١٩٩٩ م). الصفحة الأولى.
1 / 6
كما أنه بالمتابعة لمخطوطات الكتاب، وقف على مخطوطة موجزة له بعنوان: "كتاب فيه شيء من الحكم والأمثال للماوردي"، وأخرى مبتورة الأول والجزء الآخر سميت "كتاب الآداب النبوية والحكم الرشدية والأشعار الحكمية" وقد وصفتها ولم يقدما جديدًا يذكر.
وأسأل الله ﷿ أن يتقبل عملي، وينفع به بفضله وكرمه وإحسانه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مكة المكرمة
في ١٥ جمادى الآخرة ١٤١٩ هـ
1 / 7
تقديم الطبعة الأولى
الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به وأتوكل عليه، ونعوذ بالله من شُرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، منْ يهد الله فلا مضل له، ومن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبدهُ ورسولُه، اصطفاه لوحْيه، واختاره لرسالته، بكتاب فصَّله وفضَّله، وأعزَّه وأكرمه، ضرب فيه الأمثال للعظة والاعتبار، وأدبه ربه فأحسن تأديبه، فكان خلقه القرآن، وأيده الله بالحكمة والبيان وجوامع الكلم، فنهل منها الصحابة والتابعون، فصلاة الله عليهم أجمعين، أما بعد:
فإن من توفيق الله وكرمه أن يسر لي تحقيق ودراسة كتاب "الأمثال والحكم" للإمام أبي الحسن الماوردي بعد أن ظل محجوبًا قرابه عشرة قرون.
ولم أضن على هذا الكتاب بالوقت الذي اختلسناه منذ عدة سنوات من أوقات راحتنا، وجعلناه متعتنا في ساعات ضيقنا، وهو جدير بذلك، لمسنا فيه عمارة القلوب، وجلاء الأبصار، وإحياء التفكير وإقامة التدبير بما تضمنه من آداب الرسول الكريم ﷺ، وأمثال الحكماء، وأقوال الشعراء، فالقلوب ترتاح إلى الفنون المختلفة، وتسأم من الفن الواحد. وقد قال علي بن أبي طالب ﵁: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فأهدوا إليها طرائف الحكمة.
وقد بذلت جهدي وطاقتي في توثيق نصوصه، وتخريج أحاديثه، وشرح ما غمض من عبارته، وإن كانت بعض نصوصه عزيز المنال بعيد المرام ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك كله، وحسبي أن أقول: لو كنت أنشد الكمال ما فرغت
1 / 9
مقدمة التحقيق
١ - المؤلف: الماوردي
* معالم حياته.
* آثاره العلمية عامة والأدبية خاصة.
* مكانته العلمية وثناء الأئمة عليه.
٢ - الكتاب: الأمثال والحكم
* المقصود بالأمثال والحكم وأهميتها.
* الكتب المصنفة في الأمثال والحكم قبل الماوردي.
* نسبة الكتاب إلى الماوردي.
* مصادر الماوردي في كتابه الأمثال والحكم.
٣ - نسخ الأمثال والحكم ومنهجنا في التوثيق:
* مخطوطة جامعة ليدن (بهولندا) ووصفها.
* مخطوطة الإسكندرية ووصفها.
* مخطوطة مكتبة أحمد الثالث.
* مخطوطة المكتبة الغربية بالجامع الكبير بصنعاء.
* منهج التوثيق وجهدنا في التحقيق.
كلمة شكر وتقدير.
1 / 10
[١]
المؤلف: الماوردي (١)
* معالم حياته:
هو علي بن محمد بن حبيب الماوردي، وكنيته في أغلب المصادر: أبو الحسن وفي بعضها: أبو الحسين (٢)، ويلقب بـ"الماوردي".
ولد بالبصرة سنة ٣٦٤ هـ من أسرة لم يثبت لدينا اشتغال أصولها بالعلم أو النبوغ فيه، وإنما اشتغلت بصناعة وبيع ماء الورد، واشتهرت به (٣) وأثريت منه.
ويبدو لي أن أسرة الماوردي كانت حريصة على تعليم أولادها، فقد تفقه الماوردي بالبصرة على يد عالمها أبي القاسم الصيمري (٤) (المتوفى ٣٨٦ هـ)
_________
(١) مصادر ترجمته: طبقات الفقهاء للشيرازي ١٧٥، وطبقات الشافعية الكبرى ٥: ٢٦٨، وطبقات الشافعية للأسنوي ٢: ٣٨٧، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١: ٢٤٠، وتاريخ بغداد ١٢: ١٠٢، والمنتظم لابن الجوزي ٨: ١٩٩، ووفيات الأعيان ٣: ٢٨٢، ومعجم الأدباء ٥: ٤٠٨، والبداية والنهاية ١٢: ٨٠، والنجوم الزاهرة ٥: ٦٤، ومرآة الجنان ٣: ٧٢، ومفتاح السعادة ٢: ١٩٠، وهدية العارفين ٥: ٥٨٩، وطبقات الأصوليين ١: ٢٤٠، ومقال: أبو الحسن الماوردي للشيخ محمد أبي زهرة. بمجلة العربي الكويتية ١٩٦٥، كتابنا عن الماوردي.
(٢) تاريخ ابن الوردي: ٥٤٩، كما أن مخطوطة ليدن للأمثال والحكم الكنية فيها: أبو الحسين.
(٣) الأنساب للسمعاني ٥: ١٨١، ١٨٢ (تقديم وتعليق عبد الله البارودي).
(٤) الصيمري (بصاد مهملة مفتوحة ثم ياء ساكنة بعدها ميم مفتوحة) نسبة إلى صيمر من أنهار البصرة، كما قال ابن الجوزي ورجحه النووي. تهذيب الأسماء واللغات الجزء الثاني من القسم الأول ٢٦٥.
1 / 13
ثم ارتحل بعد وفاته إلى بغداد -مركز العلم والمعرفة في عصره- ودرس على إمامها الكبير أبي حامد الأسفراييني (١) (المتوفى ٤٠٦ هـ).
وسمع الحديث من شيوخ عصره: الحسن بن علي بن محمد الجبلي، ومحمد بن عدي المنقري، ومحمد علي الأزدي، وجعفر بن محمد بن الفضل البغدادي المعروف بابن المرستاني.
كما درس الماوردي اللغة والأدب على الإمام أبي محمد البافي (المتوفى ٣٩٨ هـ)، وكان من أعلم أهل زمانه بالنحو والأدب، فصيح اللسان، بليغ الكلام، حسن المحاضرة، يقول الشعر الحسن من غير كلفة، ويكتب الرسائل المطولة بلا روية، وقد تأثر به الماوردي واستفاد منه كثيرًا، ويمكن لنا أن نقول: إنه بزه (فاقه)، وكان أثره وإثراؤه للأدب العربي واضحًا وكبيرًا بما تركه من كتب في الأخلاق والتربية والمواعظ، وصفته كأديب غير منكورة من أحد، بل من لم ينصفه في الفقه من أنصار المذهب يعلل شهرته بما كان يتمتع به من لسان (٢).
وكان الماوردي فقيهًا شافعيًّا مجتهدًا، ينهج نهجًا علميًا في أبحاثه إذ يعرض لوجهات النظر المتعارضة والمختلفة في المسألة الواحدة، ويرجح بينها، وينتهي لرأي يرى فيه وجه الحق والصواب، حتى انتهت إليه زعامة الشافعية في عصره.
وانفرد في تفسيره للقرآن الكريم ببعض الاتجاهات التي تدل على أصالته وعمق تفكيره، خاصة في الآيات المتعلقة بمبادئ الحكم والسياسة.
_________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٤: ٦٤.
(٢) أبو المعالي الجويني: غياث الأمم ص ١١٦ يقول في الماوردي: "استجرأ على تأليف الكتب تعويلات على ذرابة (فصاحة) في عذبة لسانه واستمكانه من طرف من البسط في بيانه".
1 / 14
وتتميز كتاباته بأسلوب واضح بليغ ينتقي ألفاظه ومعانيه، ويؤلف بينها كأنها شعر منثور.
وكان أخلاقيًا في سيرته ومعاملاته بين الناس، وعمر طويلًا، فقد عاش ستًا وثمانين سنة، وتوفي سنة ٤٥٠ هـ، ودفن ببغداد.
* آثاره العلمية عامة والأدبية خاصة:
أفردنا للماوردي كتابًا عرضنا فيه لترجمته، وأشرنا فيه إلى مؤلفاته بالتفصيل، وقدمنا نماذج منها فنحيل إليه لمن أراد التوسع، ونكتفي بالإشارة إليها:
١ - مختصر علوم القرأن: وثابت نسبة هذا الكتاب بما أورده الماوردي نفسه في مقدمته لكتاب أمثال القرآن، ولم يحظ هذا الكتاب بالإثبات في المصادر التاريخية التي بين أيدينا، ويبدو لنا أنه مفقود.
٢ - أمثال القرآن: وقد أفرد هذا الكتاب لأمثال القرآن بالشرح والبيان والإيضاح والتبيين، وتوجد منه نسخة في تركيا (١) وذكره السيوطي واستفاد منه (٢).
٣ - النكت والعيون: وهو التفسير الكبير له، ضمنه أقوال الصحابة والتابعين والمفسرين من قبله، وعرض لما يرجحه منها وأدلى ببعض آرائه في بعض الأحيان، وهو مخطوط مبعثرة أجزاؤه بين مكتبات العالم، نشرته وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت (٣).
٤ - الحاوي: وهو الشرح الكبير لمختصر المزني، لم يطلع عليه أحد إلا
_________
(١) نوادر المخطوطات في مكتبات في تركيا ٢: ٤٠.
(٢) الإتقان في علوم القرآن ٢: ١٣١.
(٣) في أربعة مجلدات، تحقيق الشيخ خضر محمد خضر، الطبعة الأولى ١٤٠٢ هـ.
1 / 15
شهد له بالتبحر في الفقه، لم ير النور منه إلا الجزء الخاص بأدب القاضي بتحقيق الفاضل: محيي هلال سرحان، في أربعة أجزاء، الثالث والرابع في "الشهادات"، وهناك عدة رسالات للماجستير والدكتوراه في جامعة الأزهر وغيرها في أجزاء منه، يحضرني منها: كتاب الزكاة، وكتاب البيوع، وكتاب الحدود.
وطبع الحاوي كاملًا تحقيق وتعليق الدكتور محمود مطرجي، وساهم معه الدكتور ياسين الخطيب بكتاب الزكاة، والدكتور عبد الرحمن الأهدل بكتاب النكاح، والدكتور أحمد حاج ماحي بكتاب الفرائض والوصايا (١).
٥ - الإقناع: موجز دقيق للفقه الشافعي في صفحات معدودة، أعجب به الخليفة القادر وأثنى عليه (٢)، عثر على نسخة منه وحققه الأستاذ خضر محمد خضر المدرس بالكويت.
٦ - الأحكام السلطانية: طبع أكثر من مرة ولم يحظ بتحقيق علمي جاد للآن، وقد وقع بين أيدينا بعض نسخ من مخطوطاته، فتبين لنا أن في الطبعات المتداولة نقصًا وقصورًا، وفي النية تحقيقه إن جعل الله لنا من العمر بقية.
٧ - قوانين الوزارة: قمنا بتحقيقه بالاشتراك مع الدكتور محمد سليمان داود، وطبع أكثر من مرة.
٨ - تسهيل النظر وتعجيل الظفر: في أخلاق الملك وسياسة المُلْك حققه
_________
(١) نشرته دار الفكر، بيروت ١٤١٤ هـ-١٩٩٤ م، وهناك طبعة أخرى تحقيق الشيخ علي معوض، وعادل عبد الموجود، نشره دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٤ هـ- ١٩٩٤ م، وهي طبعة غير دقيقة.
(٢) وقال له: "حفظ الله عليك دينك كما حفظت علينا ديننا". معجم الأدباء (تحقيق أحمد رفاعي) ١٥: ٥٥.
1 / 16
الأخ محيي هلال السرحان، وقدم له وراجعه الدكتور حسن الساعاتي (١)؛ كما حققه الدكتور رضوان السيد (٢).
٩ - كتاب درر السلوك في سياسة الملوك: أهداه لبهاء الدولة، أبو نصر، أحمد بن عضد الدولة بن بويه، المتوفى ٤٠٣ هـ، وهو كتاب وجيز ضمنه جمل من السياسة، وقد حققناه ودرسناه، ونشرته دار الوطن، في ١٤١٧ هـ.
١٠ - أدب الدنيا والدين: عرض فيه الماوردي للمبادئ الخلاقة في تكوين الفرد والجماعة، واستند فيه إلى الكتاب والسنة ومنثور الكلم ومنظومه، ومزج بين تراث العرب وتراث الأمم الأخرى، حسن الصياغة والسبك مفيد في التربية والأخلاق.
١١ - الفضائل: مخطوط، يوجد منه نسخة في الأسكوريال (٣)، ويبدو لي من عنوانه أنه جزء من كتاب أدب الدنيا والدين أو تسهيل النظر.
١٢ - العيون في اللغة: قال عنه ياقوت الحموي: "رأيته في حجم الإيضاح أو أكبر" (٤) و"الإيضاح" كتاب في النحو لأبي علي الفارسي (المتوفي ٣٣٧ هـ). وكتاب العيون مفقود.
١٣ - الأمثال والحكم: وهو محل التحقيق والدراسة.
_________
(١) حقق الكتاب على نسختين، أحداهما مختصرة، ونضيف بوجود نسخة كاملة بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن برقم (٣: ٤٥٨).
(٢) مع دراسة قيمة، نشره المركز الإسلامي للبحوث، ودار العلوم العربية، الطبعة الأولى إبريل ١٩٨٧ م.
(٣) بروكلمان ١: ٣٣٦، والملحق ١: ٦٦٣، وتاريخ آداب اللغة العربية لزيدان ٢: ٣٣٥، والزركلي ٥: ١٤٧، وتاريخ الأدب العربي لفروخ ٣: ١٤١.
(٤) معجم الأدباء ٥: ٤٠٨.
1 / 17
١٤ - أعلام النبوة: أثنى عليه طاش كبرى زاده، واعتبره أنفع الكتب في دلائل النبوة (١). وطبع عدة مرات دون تحقيق علمي.
* مكانة الماوردي العلمية وثناء الأئمة عليه:
اتصف الماوردي -كما يقول بحق الشيخ محمد أبو زهرة (﵀) بصفات جعلته في الذروة بين رجال العلم عبر التاريخ الإسلامي هي:
١ - ذاكرة واعية، وبديهة حاضرة، وعقل مستقيم.
٢ - اتزان في القول والعمل.
٣ - الحلم وضبط النفس.
٤ - التواضع وإبعاد النفس عن الغرور، وكان حييًا شديد الحياء، وفيه وقار وهيبة.
٥ - الإخلاص (٢).
وكان الماوردي محل تقدير جل العلماء لهذه الصفات فيقول عنه مؤرخ الإسلام الذهبي: "كان -الماوردي- إمامًا في الفقه والأصول والتفسير بصيرًا بالعربية" (٣).
ويقول عنه الشيرازي: "له مصنفات كثيرة في الفقه والتفسير وأصول الفقه والآداب، وكان حافظًا للمذهب" (٤).
ووصفه الخطيب البغدادي (تلميذه)، فقال: "كان ثقة من وجوه الفقهاء
_________
(١) مفتاح السعادة ١: ٣٢٢.
(٢) أبو الحسن البصري الماوردي، مقال بمجلة العربي الكويتية، يوليو ١٩٦٥ ص ٥٢، ٥٣.
(٣) العبر: ٣: ٢٢٣:
(٤) طبقات الفقهاء ١١٠، وطبقات الشافعية للأسنوي ٢: ٣٨٨.
1 / 18
الشافعيين" (١).
وقال السبكي عن الماوردي: "كان إمامًا جليلًا رفيع الشأن له اليد الباسطة في المذهب والتفنن التام في سائر العلوم" (٢).
وقال ابن الأثير: "كان الماوردي حليما وقورًا أديبًا" (٣).
وذكره تغري بردي فقال: "الإمام الفاضل .. صاحب التصانيف الحسان .. وكان محترمًا عند الخلفاء والملوك" (٤).
ومن الدراسات الحديثة عن الماوردي، قال الدكتور عمر فروخ فيه: "كان -الماوردي- مصنفًا قديرًا بارعًا تدل كتبه على مقدرة في التفكير وبراعة في التعبير" (٥).
وقال محمد كرد علي: "الماوردي من أعظم الكتاب، معتدل في تأليفه، هادئ في أفكاره، أوحد في فنه وفهمه، محمود الطريقة، مطمئن النفس، حريص على الاستفادة، بعيد عن الدعوى والهوى. . . ولم يقتصر الماوردي على الأخذ عن الشيوخ، وتصفح ما خلفه من تقدموه بل قرن إلى علمه تجارب تنبئ عن نفسها، ومعارف منوعة لقفها من الحياة وما عاناه من مشاكل العالم. . . ." (٦).
_________
(١) تاريخ بغداد ١٢: ١٥٢.
(٢) طباقات الشافعية ٥: ٢٦٣، ومعجم الأدباء ٥: ٤٥٧ يقول ياقوت عنه: "كان عالمًا بارعًا متفننا".
(٣) البداية والنهاية ١٢: ٨٠.
(٤) النجوم الزاهرة ٥: ٦٤، وفي نفس المعنى، شذرات الذهب ٣: ٢٣٦.
(٥) تاريخ الأدب العربي ٣: ١٤٥.
(٦) كنوز الإجداد ٢٤١، ٢٤٢.
1 / 19
[٢]
الأمثال والحكم
* المقصود بالأمثال والحكم وأهميتها:
يروى عن ابن عباس ﵁ أنه قال: "كفاك من علم الأدب أن تروي الشاهد والمثل" (١)؛ لأن الأمثال كما يقول بحق الماوردي: "لها من الكلام موقع الإسماع والتأثير في القلوب، فلا يكاد المرسل يبلغ مبلغها، ولا يؤثر تأثيرها، لأن المعاني بها لائحة، والشواهد بها واضحة، والنفوس بها وامقة، والقلوب بها واثقة، والعقول لها موافقة، فلذلك ضرب الله الأمثال في كتابه العزيز، وجعلها من دلائل رسله، وأوضح بها الحجة على خلقه؛ لأنها في العقول معقولة، وفي القلوب مقبولة" (٢).
وتبدو أهمية الأمثال والحكم أنها وسيلة تربوية لأن فيها التذكير والوعظ، والحث والزجر، وتصوير المعاني تصور الأشخاص والأعيان أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواس، ولذا قيل: "المثل أعون شيء على
_________
(١) العقد الفريد ٢: ٢٠٣.
(٢) أدب الدنيا والدين ٢٧٥، ٢٧٦. ويقول ابن عبد ربه: "الأمثال هي وشي الكلام، وجوهر اللفظ، وحلى المعاني، والتي تخيرتها العرب وقدمتها العجم ونطق بها في كل زمان، وعلى كل لسان، فهي أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، ولم يسر شيء مسيرها، ولا عم عمومها حتى قيل: أسير من مثل، وقال الشاعر:
ما أنت إلا مثل سائر ... يعرفه الجاهل والخابر"
العقد الفريد ٣: ٦٣.
1 / 20
البيان" (١).
والمضمون الإنساني للأمثال والحكم يتصل بالطبائع البشرية، من الخير والشر، والسعادة والشقاء، والفضيلة والرذيلة، وهي أمور تعرفها شعوب الأرض جميعًا في كل وقت وقد حث علماء التربية طلبة العلم على حفظ الأمثال والحكم لأنها الأنغام اللغوية الصغيرة للشعوب ينعكس فيها "الشعور" و"التفكير" وعادات الأفراد وتقاليدهم على العموم (٢).
وقال أبو عبيد القاسم: "إن الأمثال هي حكمة العرب في الجاهلية والإسلام وبها كانت تعارض كلامها، فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق بكناية غير تصريح، فيجتمع لها بذلك ثلاث خلال: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه" (٣).
وقال السيوطي: "المثل: ما تراضاه العامة والخاصة في لفظه، حتى ابتذلوه فيما بينهم، وفاهوا به في السراء والضراء، واستدروا به الممتنع من الدر، ووصلوا به إلى المطالب القصية، وتفرجوا به عن الكرب والمكربة، وهو من أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو
_________
(١) البرهان في علوم القرآن ١: ٤٨٦، ٤٨٧، ومعترك الأقران للسيوطي ١: ٤٦٨، وإتقان علوم القرآن ٢: ١٣١.
(٢) الأمثال العربية القديمة ١٣، ٤٦.
(٣) الأمثال تحقيق الدكتور عبد المجيد قطامش ٣٤، وأوضح الماوردي الشروط اللازمة الأمثال وحددها بأربعة. "أحدها: صحة التشبيه، والثاني: أن يكون العلم بها سابقًا، والكل عليها موافقًا، والثالث: أن يسرع وصولها للفهم، ويعجل تصورها لتكون في الوهم من غير ارتياء في استخراجها، وكدر في استنباطها. والرابع: أن تناسب حال السابع لتكون أبلغ أثرًا، وأحسن موقعًا، فإذا اجتمعت في الأمثال المضروبة هذه الشروط الأربعة، كانت زينة الكلام، وجلاء للمعاني، وتدبرًا للأفهام". أدب الدنيا والدين ٢٧٦.
1 / 21
غير مبالغ في بلوغ المدى في النفاسة" (١).
وتبدو قيمة قول السيوطي في بيان مسألة ثبات الأمثال وتداولها (٢).
ويبدو لنا أن الحكمة هي التعبير عن خبرات الحياة أو بعضها على الأقل مباشرة في صيغة تجريدية، فالحكماء أضفوا على المثل معنى مجرد واستعملوا كلمات عامة، كما أن بعض الشعراء حولوا النثر إلى نظم ذي إيقاع وقافية، فعرفوا بأنهم شعراء الأمثال والحكم: كزهير وصالح عبد القدوس، وأبي العتاهية، والمتنبي وغيرهم. . .
* الكتب المصنفة في الأمثال والحكم قبل الماوردي:
لم يكن الماوردي في القرن الخامس الهجري أول من كتب في الأمثال والحكم؛ لأن العناية بالأمثال نشأت في عهد مبكر.
ويحدثنا الرواة أن صحار بن العياش أو بن عياش أحد عبد القيس وكان في أيام معاوية، أول من وضع كتابًا في الأمثال (٣).
وجاء من بعده عبيد بن شربة الجرهمي (المتوفى ٧٠ هـ)، ويقول ابن النديم عنه أنه أدرك النبي ولم يسمع منه، وأنه وفد على معاوية فسأله عن الأخبار المتقدمة وملوك العرب والعجم، وقد روى علاقه بن كرشم الكلابي كتاب أمثال "عبيد بن شربة"، وأضاف ابن النديم أنه في نحو خمسين ورقة (٤)، ولم
_________
(١) المزهر ٢: ٤٨٦.
(٢) الأمثال العربية القديمة ٢٥.
(٣) فهرست ابن نديم (ليبك) ص ٩٠، ويصحح ابن عباس بما ذكرنا، وراجع البيان والتبيين للجاحظ ١: ٩٦ (تحقيق هارون) ولفظ عياش متداول في أسماء عبد القيس، والأمثال في النثر العربي القديم للدكتور عبد المجيد عابدين ٣١.
(٤) فهرست ابن النديم (نشر فلوجل) ٩٠.
1 / 22
يصل إلينا كتاب "صحار" و"عبيد" فضلا عن كتاب أبي عمرو بن العلاء (المتوفى ١٥٤ هـ)، ولعل أول كتاب في أمثال العرب أفلت من عبث الزمن ووصل إلينا، هو كتاب المفضل الضبي (المتوفى ١٧٨ هـ) برواية ابن زوجته محمد بن زياد الأعرابي الكوفي (المتوفى ٢٣١ هـ)، ويقال: أن لابن الأعرابي هذا كتابًا آخر في الأمثال.
ولمؤرج بن عمر السدوسي (المتوفى ١٩٣ هـ) كتابًا في الأمثال صغير الحجم حققه الدكتور رمضان عبد التواب، وهو متداول ومنتشر. كما كتب في الأمثال أيضًا: أبو عبيدة بن معمر المثنى (٢١٠ هـ)، والأصمعي عبد الملك بن قريب (٢١٣ هـ)، وأبو زيد الأنصاري (٢١٥ هـ). وأبو عبيد القاسم (٢٢٤ هـ)، ويعد كتابه أقيم الكتب المصنفة في الأمثال لما بذله من جهد في تصنيفها موضوعيًا، فضلًا عن مقدار ما جمعه فيه (١)، وقد حظي كتابه بعدة شروح من أهمها "فصل المقال" لأبي عبيد البكري، كما أن لابن السكيت (٢٤٤ هـ) وابن حبيب (٢٤٨ هـ) والجاحظ (٢٥٥ هـ) وابن قتيبة (٢٧٦ هـ)، والمفضل ابن سلمة (٢٩١ هـ) كتبا في الأمثال، لم يصل إلينا منها سوى كتاب المفضل ابن سلمة وعنوانه "الفاخر". وفي القرن الرابع الهجري كان من أهم الكتب المصنفة كتاب "الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة" لحمزة بن الحسن
_________
(١) اعتمد فيه على أربعة من كتب الأمثال الأصلية، وهي كتب الأصمعي، وأبي زيد، وأبي عبيدة والمفضل الضبي، فقد نقل جل ما فيها، ولم يكتف بذلك، بل استعان في تفسير الأمثال بأقوال المشاهير من علماء اللغة ممن ليست لهم كتب في الأمثال. . . كالكسائي وابن الكلبي. واستكثر في الاستشهاد على معان الأمثال بالحديث الشريف وآثار الصحابة والتابعين وأقوال الحكماء والعلماء مما جعل الكتاب أكثر فائدة وأعم نفعًا. مقدمة الأمثال لعبد المجيد قطامش ١٧، ١٨.
1 / 23