أصحابه فقال لقيط في المنذر:
إنك لو غطّيت أرجاء هوة ... مغمسة لا يستبان ترابها
أرجاء البئر؛ نواحيها، والهوة: البئر، مغمسة: خفية مظلمة.
بثوبك في الظلماء ثم دعوتني ... لجئت إليها سادرا لا أهابها
وأصبحت موجودا عليّ ملوّما ... كأن نضيت عن حائض لي ثيابها «١»
قوله: يطلبهم إلى لقيط يقال أطلبني حاجتي أي [أسعفني على] طلبها، وأحلبني أي أعنيّ على الحلب، وألمسني حاجتي أي التمس معي، وقوله: نضيت يقال نضا الرجل ثوبه إذا نزعه، قال امرؤ القيس بن حجر الكندي:
تقول وقد نضت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضّل
وأرسل المنذر إلى الغلمة وقد مات ضمرة، وكان ضمرة صديقا له، فلما دخل عليه الغلمة وكان يسمع بشقة ويعجبه ما يبلغه عنه، فلما رآه المنذر قال: تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه «٢» فأرسلها مثلا- قال الكسائي: الطوسيّ يشدد الدال ويقول المعدّي ينسبه إلى معدّ- قال له شقة:
أسعدك إلهك إنّ القوم ليسوا بجزر- يعني الشاء- إنما يعيش المرء بأصغريه، بقلبه ولسانه، والجزر: جمع جزرة وهي الشاة، فأعجب الملك كلامه وسرّه كلّ ما رأى منه فسماه ضمرة باسم أبيه، فهو ضمرة بن ضمرة، وذهب قوله إنما يعيش الرجل بأصغريه «٣» مثلا.
١٥- أعركتين بالضفير
زعموا أن تقن بنت شريق أحد بني عثم «٤» من بني جشم بن سعد بن زيد مناة بن تميم كانت تحت رجل من قومها، وكان أخوها الريب بن شريق من فرسان بني سعد وأشرافهم، وكانت لها ضرّة، ولضرتها ابن يقال له الحميت. فوقع بين تقن وضرتها شرّ فاستبّتا وتراجزتا، فغلبتها تقن وشتمتها شتما قبيحا، فلما سمع ذلك الحميت أخذ الرمح فطعن به في فخذ تقن فأنفذ فخذها، فلما رأى ذلك أبوه- وكره أن يبلغ أخاها- قال: اسكتي ولك ثلاثون من الإبل ولا يعلم بذلك أخوك، قالت فأخرجها، فأخرجها فوسمتها بميسم أخيها الريب بن شريق وألحقتها بابلها، فكانت في إبلها ما شاء الله.
ثم إن سفيان بن شريق أخا الريب ورد الماء بابله، فلقى الحميت على الماء، فكان بينهما كلام، فضربه الحميت، وكان
1 / 31