Амира Дхат Химма
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Жанры
وهو بالضرورة أمر طبيعي أن تجيء الطلائع البحرية الساحلية من لبنان وفلسطين أكثر استشعارا وترصدا للأخطار المحيطة عنها بالنسبة للبلدان والحضارات الزراعية أو البدوية الرعوية، حتى ولو من مدخل أن تلك الأخطار والغزوات التي لا بد وأن تكون في معظمها بحرية.
وقبل أن نستطرد في سرد الوقائع والأحداث ذات الصبغة السياسية للحقبة أو العصر التاريخي الذي تؤرخ له السيرة، وبدءا على التقريب من مطلع القرن الثامن الميلادي، نعود إلى أهمية وقضية هذه السيرة العربية العملاقة.
وللقارئ أن يتصور أن «سيرة الأميرة ذات الهمة وابنها عبد الوهاب» لا تزال إلى أيامنا مخطوطة مفتقدة، منذ أن نسخها مؤلفها - أو مؤلفوها الحقيقيون - كتراث أو تاريخ شعبي أقرب إلى أن يكون فلكلورا من حيث الافتقاد للمؤلف اليقيني الفرد.
ولا تزال هذه السيرة مخطوطة في عشرات الأجزاء المتتابعة الحلقات، التي تصل في مجموعها إلى 23 ألف صفحة من القطع المتوسط.
والنسخة الأصلية المحفوظة بمكتبة الدولة ببرلين كمخطوطة لم تصلها بعد يد المطبعة، وهي لهذا مصدر فخر لا يبارى لمكتبة برلين المركزية، واحتفى بها أشد الاحتفاء؛ لإنقاذها من الدمار عقب الحرب العالمية الثانية الأخيرة.
هذا على الرغم من أنه كان لهذه السيرة الملحمية أكبر التأثير في مجمل الآداب البيزنطية منذ ما قبل القرون الوسطى، كذلك نقلت أو ترجمت إلى الفارسية والتركية منذ أوائل الغزو العثماني، وعرفت باسم «سيد البطال»، وهو اسم بطلها الخارق المحارب صاحب الألاعيب والخطط الحربية البارعة، التي أوصلت بطلة السيرة وشخصيتها المحورية «ذات الهمة» لأن تصل بمعاركها وانتصاراتها الحربية التاريخية إلى حد أسر الإمبراطور الروماني «ميخائيل»،
1
ودخولها على رأس الجيوش العربية إلى القسطنطينية؛ لتصبح وتتوج إمبراطورة لفترة - ليست بطويلة - على القسطنطينية.
وكما ذكرنا، فإن الهدف الجوهري لهذه السيرة الفلسطينية هو التأريخ لسيرة دمار تلك الأسرة الفلسطينية وحروبها وتصديها للغزو الخارجي، كمقاتلين على الثغور والمداخل البحرية، طالما أن الغزو لا بد وأن يجيء - في ذلك العصر الوسيط الإسلامي البيزنطي - بحريا. «فالصحصاح»، جد الأميرة ذات الهمة، يشارك في الحرب ضد الروم، والمعروفة باسم «حرب الروم» من وجهة نظر التأريخ الشعبي بالطبع، في تلك الحروب الأموية التي اندلعت ضد الروم «البيزنطيين»، ومنها حملة مسلمة بن عبد الملك، وما توالى من خلفاء وحروب متصلة لتأمين حدود الدولة الإسلامية الوليدة.
كذلك لم تغفل سيرة ذات الهمة أن الحصار الذي ضربه العرب حول القسطنطينية امتد لبضعة أعوام، مما اضطر الجيوش العربية إلى تشييد مدينة ضخمة في مواجهة القسطنطينية، تعارفوا عليها باسم «المستجدة».
Неизвестная страница