وهمت ميمونة بأن تتوسل إليه أيضا ليرجع عن عزمه، فإذا بهم يسمعون وقع أقدام مسرعة، فالتفتوا جميعا فرأوا شبحا قادما نحوهم من جهة المدائن، فأجفلت ميمونة وصاحت: «ويلاه، أظنه واحدا من العيارين.»
فسمعت الرجل يقول: «كلا، لست منهم.»
فعرفوا صوت سلمان فدهشوا، وصاح بهزاد: «سلمان ؟»
قال: «نعم يا مولاي.» وكان قد وصل إليهم وهو يلهث من سرعة الركض فابتدره بهزاد قائلا: «ما وراءك؟»
فقال بصوت متقطع: «إن المنزل يا مولاي محاط بالجند والعيارين وهم جماعة كبيرة أرسلهم الأمين ليأخذوك.»
قال: «وكيف أتيت المدائن ورأيت ذلك، وعهدي بك في بغداد.»
قال: «علمت بهذا العزم من مصدره، فاحتلت في الخروج بأسرع ما يستطيع الناس حتى أدركت المنزل وقد سبقوني إليه، ورأيتهم محيطين به يتشاورون في فتحه، فعلمت أنك لست في داخله، وتذكرت أنك تأتي الإيوان في بعض الأحيان فأتيت لعلي أراك وأنذرك بالخطر.»
قال: «وهل أفر؟»
قال: «وهل تلقي بنفسك إلى التهلكة؟»
قال: «هذا لا يكون، فاذهب أنت بهذه الخالة وميمونة إلى الحراقة. أما أنا فلا بد من ذهابي إلى المنزل لأمر مهم، فإذا لقيت فيه جندا فالله يحكم بيني وبينهم.»
Неизвестная страница