قال: «هب أنها لا تحبني، بل يظهر لي أنها لا تحبني الآن، فما الحيلة؟ إني إنما دعوتك لأستعين بك على ذلك؛ فما قولك؟»
فتناول سلمان الدرج من حجره وفتحه وأخذ يقلبه بين يديه ويتظاهر بأنه يقرأ شيئا منه ويعيد القراءة ويطرق، ثم يرفع بصره إلى السقف ويعيده إلى الكتاب، ثم ينظر إلى وجه ابن الفضل ويتفرس فيه، وأخيرا أطرق ويده على لحيته كأنه يفكر ويأسف، ثم قال: «إن حبيبتك انتقلت من مكانها.»
فأجفل ابن الفضل وقال: «أين كانت وأين صارت؟»
قال: «ألم تكن في المدائن؟» قال: «بلى.»
قال: «ليست هناك الآن.» قال: «وأين هي؟ أين ذهبت؟»
فقال: «إني أعلم أنها خرجت من المدائن، ولا أدري أين تقيم الآن. إن ذلك يحتاج إلى بحث.»
قال: «لعلها في الطريق الآن؟» قال ذلك لاعتقاده أنها لو كانت في مكان معين لما خفي ذلك على علم الملفان سعدون.
فقال سلمان: «ربما كانت في الطريق، ولكن هذا ليس بأمر ذي بال. هب أنها في السماء أو في الأرض أو ما بينهما؛ فهي لا تنجو من يدي.»
فأبرقت أسرة الفضل واطمأن خاطره وقال: «جزاك الله خيرا. افعل ما بدا لك ولا تبخل بالإنفاق على إتمام هذا العمل؛ فإني أبذل ما أملكه في سبيل الحصول عليها، إنما أريد أن آخذها بشرع الله؛ لأني أحبها حبا صادقا ولا أدري ما الذي يحملها على مجافاتي.»
فابتسم سلمان وقال مستخفا: «أظنك تدري السبب؛ إن عداوة الآباء تتصل بالبنين.»
Неизвестная страница