مقدمة المؤلف
Страница 7
الحمد لله الذي أمر في الدين بالاجتماع، ونهى عن التفرق والابتداع، فقال عز من قائل: ?واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا?[آل عمران: 103] وقال: ?ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم?[آل عمران: 105].نحمده على البأساء والضراء، والشدة والرخاء، ونشكره إذ أرسل رسله مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وخصنا بأعظمهم قدرا، وأجلهم خطرا، وأرفعهم منزلة لديه، وأكثرهم حبا إليه، خاتم رسله وسيد أوليائه، محمد المجتبى من عدنان، والمرسل إلى كافة الإنس والجان، الذي بصر به من العماية، وأرشد به من الغواية، الدال على الفرقة الناجية بقوله صلى الله عليه وآله وسلم عند انتهاء أجله: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»(1) «أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى»(2) صلى الله عليه وآله وسلم، صلاة أبدية متصلة سرمدية، وعلى أخيه الأورع، ووصيه الأنزع، إمام البررة، وحتف الكفرة،
إمام غدا يمشي مع الحق حيث ما .... مشى، ويدور الحق حيث يدور
وعلى ولديه الإمامين الشهيدين سيدي شباب أهل الجنة أجمعين، وعلى سيدة النساء وخامسة أهل الكساء، فاطمة البتول الزهراء، وعلى آله أئمة الهدى ومصابيح الاهتداء، الذين من تمسك بهم اهتدى، ومن تركهم ضل واعتدى، وعلى أشياعهم المحققين(1) العلماء العاملين إلى يوم الدين، آمين اللهم آمين.
Страница 8
أما بعد: فإنها انتهت إلينا أوراق موسومة ب(المسائل المرضية في اتفاق أهل السنة والزيدية على سنن الصلاة) للسيد الشهير محمد بن إسماعيل الأمير (1) جوابا لسائل محقق أو مجرد مخترق، فرأينا فيها ما يوجب التعقب؛لما فيها من الافتراء والتعصب على أئمة الهدى، بما لا يليق لأهل الدين والتقوى، ولم نسمع (2) لأحد بجواب عما جاء فيه من الصواب، إما جهلا أو تقية، وليس عند الله بمعذرة مرضية، ولم يكن ثم (3) عذر لمن لديه مسكة علم عند باري البرية. فلم يسعنا عند ذلك الإمساك عما رأينا من المهالك؛ لقوله تعالى: ?لتبيننه للناس ولا تكتمونه?،[آل عمران:178]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا ظهرت البدع ولم يظهر العالم علمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (4).
Страница 9
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»(1) .
ولم تزل تبدر من هذا المجيب بادرة في كل وقت من غريب علمه، فتلقى بالقبول عند أتباعه وأشياعه، ممن لم يكن لهم حظ في العلم، ولا تمييز في الفهم، بل إنما هم من العوام.
ولم يرد عليه أحد من أهل العلم مقالا، ولا رفع من شأنه حالا؛ لخلو هذا الزمان من العلماء الأعيان، وفرسان هذا الميدان، فلعمري لقد سكتت بغابغة الزمان.
لعمري وما عمري علي بهين .... لقد سكتت في ذا الزمان بغابغه
فكتبت هذه الورقات، وأرجو أن تكون معدودة من الحسنات، والطريق الموصلة إلى نهج المبرات، مقبولة لدى باري البريات، مع محن علم الله ترادفها، وشغل زمان كثر تضاعفها، والله ولي التوفيق، وهو حسبي ونعم الوكيل.
معنى ألفاظ: آل محمد... أهل البيت.. عترتي
قوله: إذا عرفت هذا فهذه ثلاثة ألفاظ : آل محمد.. أهل البيت.. عترتي.. تطلق على شيء واحد.... إلى قوله: ومفهوماتها متغايرة.
هذا غير مسلم إذ «آل» عند سيبويه (2) أصله أهل كما هو معروف في مظانه. وأما لفظ «عترة» فهو مأخوذ من عتيرة العنب وهو تولده كما نص عليه أهل اللغة. فتلك الألفاظ وإن تغايرت لفظا فهي حقيقة معنى، وإلا لزم أن يكون آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير عترته.
Страница 10
نسب الإمام الناصر الأطروش
وكذا قوله في تعداد ولد الحسن السبط عليه السلام، فقال في زيد بن الحسن: ومن ذريته الناصر المعروف بالأطروش ...إلخ!. فيه أنه نسب الإمام الناصر عليه السلام إلى زيد بن الحسن، وهو ليس كذلك، إذ هو الإمام الناصر للحق الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين، نسب كأن عليه من شمس الضحى نور، ومن فلق الإصباح عمود
الإمامان الهارونيان
وقوله في تعداد أولاد الحسين السبط عليه السلام: ومنهم الهارونية، ومنهم الإمام المؤيد بالله وأخوه الإمام أبو طالب عليهما السلام...إلخ!. إن هذا لعجيب! فلله در المجيب إذ هو في معرفة الأنساب مما يبهر ذوي الألباب، ولكن هما: الإمام الأواه المؤيد بالله، والإمام الناطق بالحق أبو طالب، ابني الحسين بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين. فإذا قد جهل المجيب هؤلاء فهو لما روى من العلوم أشد جهلا.
Страница 11
أهل البيت مع بعض فضائلهم ووجوب اتباعهم
قوله: ومنهم من بقي على مذهب الزيدية وهم الأقلون والأكثرون منهم صارت كل طائفة من الطوائف منهم في أي قطر من أقطار الدنيا على رأي من هم بينهم إلا القليل...إلخ.
Страница 12
في هذا إشارة إلى تعذر وقوع الإجماع من أهل البيت عليهم السلام وكأنه استبعده لما ذكر من تفرقهم ودخولهم في المذاهب، وهاهنا بحث في هذه المغالطة التي صار بسببها(1) إبطال معاني الآيات والآخبار الواردة في أهل البيت الأخيار عليهم الصلاة من ربهم الملك الجبار، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر أنه تارك فينا الثقلين كتاب الله وعترته أهل بيته وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف...» (2) الخبر، وحديث: «أهل بيتي كالنجوم...»(3) الخبر، وحديث: «أهل بيتي كباب حطة...» (4) الخبر، وحديث: «لن تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى يقاتل آخرهم المسيخ الدجال»(1) ، وسيأتيك مخرجا إن شاء الله تعالى وغير ذلك مما يطول ذكره في هذه الأوراق. فعرفنا من هذه الأخبار الواردة الشريفة وجوب الاتباع والاهتداء بهم، والأمن من الضلال باتباعهم، فهم المرادون بما ذكرنا.
Страница 13
إن قلت: الداخلون في مذهب الشافعية (2) فكيف تصنع بالداخلين في مذهب الحنفية والحنبلية والمالكية! ومعلوم تخطئة كل فريق للآخر منهم ونقضه لأقواله! وإرسال سهامه على زخارف أقواله وأفعاله، وتشنيعه عليه في عقائده كما هو مبسوط في مظانه. فلابد من مصداق الأحاديث الشريفة النبوية بالتزام فريق من العترة الزكية، فلم يبق إلا هذه العصابة الموسومة بالزيدية، وإلا فلم يبق لما سبق من الأحاديث معنى، بل قد التجأ القسطلاني (3) في شرح البخاري عند شرح قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان»(4) لما أعوزه ما أعوزه في تفسير الحديث الصحيح، فلم يجد بدا من جعل أئمة اليمن هم تفسيرا للحديث.
وقال النمازي (1) في (شرح العقيدة): إذا تأملت لم تجد أئمة حق على وفق ما جاء في السنة غير أئمة أهل البيت، هذا معنى كلامه. ويدل على هذا متابعة الأئمة(2) الأربعة لهم، فإن الأئمة المتبوعين قد تابعوا وبايعوا وغيرهم كذلك ممن يشق حصرهم. وأيضا فإن المذاهب الذي قلت في جوابك أن بعض آل محمد عليها فيها الجبر والتشبيه، وذلك فيه مفارقة كتاب الله تعالى وهما خليفتان لن يفترقا، وهم عليهم السلام يفرون من ذلك ولا يؤيدون من قال به، فهل ترى أحدا منهم قال بشيء من ذلك في مصنفاته؟!، وأيضا فإن مذهب أهل البيت لا يتبادر إلا إلى مذهب آل محمد، هذا المذهب المدروس في مدارسهم، حتى لو قلت مذهب أهل البيت أن الكلب طاهر استنادا إلى أتباع مالك (3) من آل محمد القائلين ذلك تبعا له لأنكر عليك كل أحد، فالمتبع مضيع لنفسه ومنصبه، فإن الله تعالى جعله متبوعا، فجعل نفسه في الأتباع.
Страница 14
مدح القلة وذم الكثرة
Страница 15
وأما وصفك لهم بالقلة، فالحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال يعرفون بالحق، كما قال أمير المؤمنين، وسيد الوصيين في جوابه لما سأله سائل عن أهل الشام وكثرتهم فراجع ذلك في خطبته(1) إن كنت تعرف له مظانا، وقد مدح الله القلة في كتابه العزيز، وذم الكثرة، ودون في ذلك جواب للإمام الولي زيد بن علي (2) صلوات الله عليه على خالد بن صفوان (3) وقد أرسله هشام (4) وكتابه الذي صنفه واستخرجه من كتاب الله العزيز في مدح القلة وذم الكثرة. وقد بسط العلامة الغزالي (5) في هذا وأوسع في (المستقصي)، ولو كان العبرة بهذا لذهب الجهال المشبهين بالأنعام بالفضل على العلماء الأعلام إذ هم الأكثرون، وأيضا لكانت الكثرة الحجة لفرق الكفر المضلة على فرق الإسلام المقلة إذ هم الأكثرون عددا، والأعظمون محتشدا:
تعيرنا أنا قليل عديدنا .... فقلت لها إن الكرام قليل
مسألة: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام
قوله: بل يقال لمن يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام: خالفت أهل البيت بل خالفت الأكثر...إلخ.
فأقول: هذه أم مسائله التي طمطم حولها ودندن وأراد حمل الناس عليها في السر والعلن، وزعم أن الحق فيها معه، ومن وافقه فيها، فهي الحاجة التي في نفس يعقوب، وكأنه نزلها منزلة أصول الشرائع التي يجب تبليغها إلى الخاص والعام، وأنه يختل بعدم فعلها نظام الإسلام، فأجابه إليها جماعة ممن لا يعرف القرآن ولا شيئا من الأحكام، بل ولا شرائط الإيمان، بل هم كما ذكرنا من العوام.
وكاثر سعدا إن سعدى كثيرة .... ولا ترج من سعدا وفاء ولا نصرا (1)
وقد سمحت فكرة المؤلف * بأبيات كالتعريض لهذا البيت وهي:
ولما جمعت الناس حولك حلقة ... وأوهمتهم سرا وأودعتهم أمرا
ودون الذي تبغي سيوف قواضب ... وشم رماح طال ما قصرت عمرا
فيا بعد ما تبغي من المنية التي ... تروم لقد أفنيت عمرك مفترا (2)
أتذكر ما أسلفت في الدولة التي ... نظرت إليها مغضبا نظرا شزرا
وماذا الذي قاسيت فيها من الردى ... وغربت عن أهليك في بلد قفرا
وما زلت تسعى خاذلا كل قائم ... بتلبيس أقوال تريد بها ذكرا
وما كنت تلقيه إلى الأسود الذي ... زعمت بأن الأمر في كفه أحرى
وهذا مقال منك طال استماعه ... تكني به جهرا وتعلنه سرا
فلا ترج سعدا ناصر بعد موته ... فسعدا طرا قد لايقوم بها طرا
وقائمنا المهدي بذا غير جاهل ... وكيف ترى يخفى الذي هو به أحرى سينزل في ساحاتك المكر والردى ... ويجزيك بالشر الذي تبتغي شرا
Страница 16
ولقد كثر بهم حزبه، بسبب ما فرق من سبيل (1) المسلمين، وما ألقى من العداوة والبغضاء بين المؤمنين، وخالف ما في يديه مما هو بزعمه داع إليه، ولا يخفى ما جاء في من فرق جماعة المسلمين، وطالع إن شئت رسالة الإمام الأعظم، والطود الأشم، والدنا المتوكل على الله إسماعيل(2) رضوان الله عليه إلى ولد أخيه السيد العلامة جمال الدين علي (3) بن أحمد بن أمير المؤمنين القاسم بن محمد صلوات الله عليهم أجمعين، وما نقل فيها من الأخبار والآثار، التي تضيق بنقلها بطون الأسفار، فتدارك بقية أيام عمرك بإصلاح ما فسد من عملك، واسأله التوبة والإنابة، وتقرب إليه بولاية الأئمة من القرابة، نسأل الله لنا ولك حسن الختام، والفوز ببلوغ دار السلام بمحمد خير الأنام، وعترته نجوم الظلام. وحيث قد تعرض المجيب للخوض في هذه المسألة فيحسن الإيضاح في هذا المقام، والتوسع
Страница 17
بما يشفي حر الأوام، فإنها مسألة من مسائل هذا الباب الذي خفي
عليه وعلى كثير فيها وجه الصواب، ونحن موضحون لها بمن العزيز الوهاب.
[حكم رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]
فنقول: لا تخلو هذه المسألة -أعني رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام- وما شابهها مما أجاب فيه المجيب هذا السيد الهمام. إما أن تكون من أركان الإسلام التي يجب تبليغها إلى كافة الأنام والحمل عليها طوعا أو كرها بحد الحسام. أو من فروع الدين التي كل مجتهد فيها مصيب من المسلمين.
فالأول باطل قطعا. والثاني لا يخلو إما أن يكون الدليل عليها قطعيا أو ظنيا، والأول باطل، فصح كونها مسألة فرعية دليلها ظني، إلا أن تدعي قطعية دليلها فهلم بالدليل؟ وليس إليه من سبيل! ولهذا حصل الخلاف في سنيتها وصفتها ومحلها، فورد فيها أخبار مضطربة أكثرها حكاية أفعال ليست بحجة في مقام الجدال كما قرر في الأصول، فروي رفعهما عند تكبيرة الإحرام فقط.
Страница 18
وروي في ثلاثة مواضع عند التكبيرة وعند الركوع وعند الاعتدال منه. وروي عند كل رفع وخفض. وروي أنه لم يكن صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه قط كما سنبينه إن شاء الله تعالى. فمع هذا الاضطراب واختلاف الروايات في هذا الباب مع الإجماع أنه ليس بواجب، رجح إمام اليمن ومحيي الفروض والسنن، الهادي إلى أقوم سنن يحيى بن الحسين (1) وجده ترجمان الدين ونجم آل الرسول المطهرين القاسم بن إبراهيم (2) صلوات الله عليهم أجمعين، ومن وافقهم من الأئمة الأعلام اطراح تلك الأفعال التي لم تثبت بوجه صحيح يعتمد عليه لما عندهم فيها من اختلاف الرجال، ومع ما روي من النهي في الصلاة عن الأفعال وأنها فرضت مع الخشوع والتذلل والخضوع، قال تعالى: ?قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون?[المؤمنون:1،2] والخشوع يعم القلب والجوارح، وهو السكون، قال الله تعالى: ?وخشعت الأصوات للرحمان فلا تسمع إلا همسا?[طه:108] أي سكنت. وأخرج الإمام الحافظ الأواه المؤيد بالله عليه السلام في (شرح التجريد) بإسناده عن النبيصلى الله عليه وآله وسلم أنه رأى رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال: «أما هذا لو خشع قلبه لخشعت جوارحه»، وروي هذا الخبر في أمالي أحمد بن عيسى (1) عليه السلام، وأخرجه الهادي عليه السلام في (الأحكام) وهو في كتب أئمتناآ وغيرهم من علماء الإسلام. وروى الهاديعليه السلام في (الأحكام) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «ما بال قوم يرفعون أيديهم في الصلاة، لئن لم ينتهوا ليفعلن الله بهم وليفعلن». وأخرج الإمام الأواه المؤيد بالله عليه السلام بإسناده عن جابر ابن سمرة (2) قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس، اسكنوا في الصلاة»، وأخرجه مسلم (3) وأخرجه أبو داود(4) مدرجا في حديث الإيماء عند السلام وهما حديثان كما يعرفه صيارفة الحديث ونقاده، الذين هم مصداق ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» (1) . وقال الإمام المؤيد باللهعليه السلام في (شرح التجريد) عن أبي بكر الجصاص (2) أنه قد جاء في بعض الأخبار: «كفوا أيديكم في الصلاة».(3) وأخرج في (اللباب في الجمع ما بين السنة والكتاب) لبعض الحنفية عن الطحاوي (4) عن سفيان (5)، قال: قلت لإبراهيم (6): حديث وائل(7) أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم (يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع) فقال: إن كان وائل قد رآه مرة فقد رآه عبد الله خمسين مرة لا يفعل.
Страница 21
وروى الذهبي (1) في (الميزان) عن بسر بن حرب عن ابن عمر قال: (أرأيتكم ورفع أيديكم في الصلاة، أما والله إنها لبدعة ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعلها قط).
وروى الأسيوطي (2) في (الجامع الصغير) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليسكن أطرافه ولا يتململ كما تتململ اليهود» (3) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «تسكين الأطراف في الصلاة من تمام الخشوع»(4).
Страница 22
قال: رواه الحاكم (1) وابن عدي (2) في (الكامل)، وأبو نعيم (3) في (الحلية)، عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفيه أيضا: وأخرج ابن عساكر(4) عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من تمام الصلاة سكون الأطراف» انتهى منه.
Страница 23
فهذه بعض متمسكات الأئمةآ فهل قد أحطت بما في أيدي العلماء علما؟! أم أنت أكثرهم فهما؟ وأنى لك ذلك وأنت متكئ بين أهل سنتك وجماعتك!!. فالصحيح عندك ما صححه لك ابن حجر وابن السكن(1) وابن القطان (2) ومن شابههم، والباطل عندك ما أبطلوه، فإن كنت بزعمك من أهل هذا الشأن فأين ارتحالك إلى أقصى البلدان وسماعك للحديث من المشائخ أهل الإتقان! وقد عرفت بارتحال الحفاظ من أوطانهم ومفارقتهم لإخوانهم في طلب الحديث، كما فعله الشافعي والشيخان (3) ، وإسحاق بن راهويه (4) وسفيان، ومن حذا حذوهم من أهل العرفان، أتقصر الحق على ما عرفته أنت دون أهل الأرض في طولها والعرض؟! وتضلل من خالفك! وتدعو الجهال إلى ما تحت(5) يدك وتوهمهم أن الحق مقصور عليك، فإذا تقع فيما فررت منه، وعبت على مخالفيك حيث تقول:
Страница 24
قصروا الحق على مذهبهم ... إن ذا المذهب لم يظهر لي فعرفت أن هذا من مسائل الفروع التي بابها رحيب، وكل مجتهد فيها مصيب، وقصة مالك بن أنس الأصبحي مع المنصور أبي الدوانيق (1) مشهورة ، حيث أراد أن يحمل الناس على موطأه فقال: دع الناس ينظرون لأنفسهم، وأباه. وهكذا غيره من العلماء الأعلام، في كل سلف وخلف لم يؤثر عن أحد منهم -مع بلوغهم في هذا الفن أعلى درجات الكمال- أنه دعا أحدا من الجهال إلى تقليده فيما يختاره من الأقوال، فانظر من سلفك الذين تقتدي بهم من أهل مذهبك!!. نعم، القائل بنسخ رفع الأيدي عموما هو الإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه، وقد عرف محله في العلم والزهد، والورع والتقشف العام والخاص، وسيرته وأحواله وأقواله معروفة عند أهل العلم من شيعة أهل البيت وغيرهم، إلا أن تجهلها أنت وحدك فغير بعيد كما جهلت أنساب العترة النبوية، وهو الذي يقول فيه القائل:
ولو أنه نادى المنادي بمكة ... جهارا لمن ضمت عليه المواسم
Страница 25
من السيد السباق في كل غاية ... لقال جميع الناس لا شك قاسم وسبطه الإمام الأعظم الهادي إلى طريق الحق الأقوم، وسيأتيك قطرة من مطرة من فضله، ومجة من لجة من وبله، وهو مذهب أسباطه الأئمة المرتضى (1) والناصر(2) عليهما السلام، وهو مذهب أئمتنا في ديار اليمن جميعا، وهذه كتبهم بين أظهرنا مبسوطة من لدن الهادي إلى الحق عليه السلام إلى الإمام الأواه المؤيد بالله محمد بن إسماعيل(3) ، وكذلك الأئمة من بعده، فكيف يسوغ لمن يدعي العلم ممن يتسطا(1) للأحياء في عصرنا أن يدعو أهل هذه الديار إلى تقليده وتقليد ابن حجر وابن القيم الجوزية ومن شابههم، وهو يقصر عن درجات التقليد، فضلا عن الاجتهاد في مسألة فرعية خلافية ظنية، ويفرق جمعهم ويشتت شملهم، ويدخل الغل بينهم، حتى آل الأمر كما تراه أيها العاقل، وصار أهل هذه البلدة فريقين كل فريق يضلل الآخر ويخطئه!!، وحتى تناهى الأمر إلى الحكام كل حاكم يخطئ الآخر!!، فتحدث المسألة المنصوص عليها من أئمة المذهب ممن قد عمل بها وحكم عليها أفاضل العلماء الأخيار، الذين يقصر هؤلاء الموجودون عن بلوغ درجتهم في خلال الفضل والكمال، فيرفضونها وراء ظهورهم ولا يعملون بما نص عليه الأئمة الهداة في كتبهم، وصرحوا به من مذهبهم، ولله در القائل:
Страница 27
يا ولاة الدين ظلما بيننا ... صمتكم في الدين عن هذا المقال ولقد أفضى الأمر وتعدى إلى الخوض في محاريب مساجد هذه البلدة المحروسة المعمورة بالعلماء الأخيار، والأئمة الأبرار سلفا عن خلف، شككوا على العوام وألقوا إليهم أن هذه المساجد محاريبها إلى غير القبلة ليوهموهم أن صلاتهم باطلة! وأنهم ليس لهم معرفة في جهة القبلة، فضلا عن غيرها!! قاتلهم الله أنى يؤفكون. أما علموا أن في هذه القضية اختلالا في الدين، وتضليلا لآبائهم وأجدادهم الماضين! وتخطئة لمن سلف من الأئمة المهتدين! فإن هؤلاء الأحداث الذين نشأوا في هذه البلدة وزعموا إحياءهم للسنة كان آباؤهم وأجدادهم على هذا المذهب الذي أنكروه، وصلاتهم إلى هذه المحاريب المنصوبة حتى فارقوا الدنيا، منهم والد (1) هذا المجيب ومذهبه وفضله مشهور غير منكور، ولهذا كان يظهر التباعد عنه والنفور، وعموا عما في أيديهم مما أخرجه الطبراني (2) عن وبرة بن عيسى الخزاعي من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر عند بناء جامع صنعاء أن يوجه محرابه إلى يمنة جبل يقال له (ضين)(3) فعلم صحة توجهنا إلى القبلة، وسائر محاريب المساجد لم توضع إلا بآراء واجتماع وأغلب واضعيها أئمة هداة.
Страница 28
[[فضل أتباع وشيعة أهل البيت النبويآ]]
[فضل أتباع وشيعة أهل البيت النبوي عليهم السلام]
قوله: وإلا لزم أن يقال للزيدي من قبيلة همدان: أنت من أهل البيت النبوي(1) .... إلخ
قد بنى المجيب على عدم التحاق الشيعة الميامين بأهل البيت المطهرين فيما يجب لهم وعليهم، وأورد حديث: «سلمان منا أهل البيت»(2) ، ورفعه كما تراه من تأويله الركيك، وهو حجة عليه كما سنبينه فقد ظهر تعصب هذا المجيب، ودفعه بما لا يدفع، ومخالفته عن هذا الحزب حزب الله الغالب بما زخرفه (3) في هذه الأوراق لأهل مذهبه من العوام، ونحن موضحون لما تجاهله في حديثه الذي رواه.
Страница 29