أبشر حبيبي فإنك سيد ولدي الأولين والآخرين فناولنيه ومضى وجعل يلتفت إليه، ويقول: أبشر يا عز الدنيا وشرف الآخرة فقد استمسكت بالعروة الوثقى، فمن قال بمقالتك، وشهد بشهادتك حشر غدا يوم القيامة تحت لوائك، في زمرتك، وناولنيه ومضى، ولم أره بعد تلك المرة.
قال عبد المطلب: كنت تلك الليلة في الكعبة، أرم من البيت شيئا، فلما انتصف الليل إذا أنا بالبيت الحرام قد استمال بجوانبه الأربع، وخر ساجدا بمقام إبراهيم، ثم استوى البيت، فأنا سمعت منه تكبيرا عجيبا ينادي: الله أكبر، الله أكبر، رب محمد المصطفى الآن قد طهرني ربي عز وجل من أنجاس المشركين، ورجسات الجاهلية، ثم انتفضت الأصنام كما ينفض الثوب وكأني أنظر إلى الصنم الأعظم هبل، وقد انكب في الحجر على وجهه، وسمعت مناديا ينادي: ألا إن آمنة قد ولدت بمحمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقد انكشفت عنها سحابة الرحمة، وهذا طشت الفردوس أنزل عليه ليغتسل فيه الثانية.
قال عبد المطلب: فلما رأيت البيت وفعله في الأصنام وفعلها ذهبت من الدنيا حتى لا أدري ما أقول فجعلت أحس عن عيني، وأقول: إني لنائم، ثم أقول: كلا إني ليقظان، ثم انطلقت إلى بطحآء مكة فخرجت إلى باب بني شيبة، فإذا أنا [بياض في الأصل].
Страница 39