رَمَتْنيِ وستُر اللهِ بَيْني وَبَيْنْهَا ... عَشِيَّةَ أَحجارِ الكِناسُ رَميم
فلو كنتُ أَستطيعُ الرّماءَ رَمَيْتُها ... ولكنّ عهدي بالنِّضالِ قديم
فَمَيِّل بين هذا وبين قوله " من الخفيف ":
لم يضِرُها والحمدُ لله شيءٌ ... وانْثَنَتْ نحوَ عَزْفِ نفسٍ ذَهولِ
فتفقَّد النصف الأخير من هذا البيت، فستجد بعض ألفاظه يتبرأُ من بعض، كما قال " من الطويل ":
وبعضُ قريضُ القومِ أَولادُ عَلَّةٍ ... يَكُدُّ لسانَ الحافظِ المتحفِّظِ
" أخبار الشعراء "
" الفرزدق " حدَّثنا يموت بن المزرَّع، حدَّثنا محمد بن حميد، عن أبي عبيدة قال: لمَّا مات الحجَّاج رثاهُ الفرزدق، فقال: " من الكامل ":
ابكِ على الحجاج عَوْلَك ما دَجَا ... ليلٌ بظلمته ولاحَ نهارُ
إِن القبائل من نزارٍ أَصبحت ... وقلوبها جَزَعًا عليكَ حِرارُ
لهفي عليكَ إِذا الطِّعانُ بمأُزقٍ ... تركَ القنا وطِوالهنَّ قِصارُ
إِن الرزيَّةَ من ثقيفٍ هالكٌ ... تركَ العيونَ ونومُهنَّ غِرارٌ
حدَّثنا يموت، حدثنا الرياشي، قال: سمعت الأصمعي يقول: أنشدت يونس بن حبيب يومًا " من البسيط ":
إِن الرياحَ لتُمسي وهي فاترةٌ ... وجودُ كفِّك قد يُمسي وما فترا
فقال لي يونس: من يقول هذا؟ فقلت: الفرزدق؛ فقال: ويلك! فيمن؟ فقلت: في بشر بن مروان، قال: والله الفرزدق من مدَّاحي العرب.
قال أبو بكر، حدثني أبو بكر محمد بن معاوية القرشي، حدثنا أبو بكر بن المزرَّع، حدثنا رُفيه بن سلمة، قال: قال أبو عبيدة.
كان في مقبرة بني حصن مَكاريُّ يقال له: ناب، يحمل النساء على حمارٍ له، وكانت به عجمة، فمرَّ به الفرزدق ومعه ابنه لبطة، فقال له: يا ناب كم علا ظهر هذا الحمار من كعثب نفيس! فقال له: نعم يا مولاي، ما زالت النَّوارُ تركبه. فقال لبطة لأبيه: عرَّضتنا لهذا العلج يا أبه!
" الرَّاعي النُّميري "
حدثني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثني يموت بن المزرَّع، قال حدثني محمد بن حُميد، عن عمِّه؛ وحدثني عبد الله بن جعفر، قال: حدَّثنا المبرِّد؛ قالا: لمَّا أنشد الراعي عبد الملك بن مروان قصيدته التي شكى فيها السُّعاة، فبلغ قوله " من الكامل ":
وتركتُ قومي يقسمون أُمورهم ... أَإِليك أَم يتلبثون قليلًا؟
قال عبد الملك: يتلبثون قليلا، رحمك الله!.
" ذو الرمَّة "
حدثني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثني يموت بن المزرَّع، قال: حدثنا عيسى بن إسماعيل، قال: حدثنا الأصمعي، قال: قال عيسى بن عمر: كنت في يوم من أيامي أقرأ على ذي الرمَّة شيئًا من شعره، فقال لي: أصلح هذا الحرف. فقلت: وإنك لتكتب؟ قال: نعم، قدم علينا حضري لكم فعلَّمنا الخطَّ في الرَّمل.
" القَطامي "
حدثني إبراهيم بن شهاب، قال: حدثنا الفضل بن الحباب، عن محمد بن سلاَّم، قال: كان زُفَر بن الحارث الكلابي قد أسَرَ القطامي في حرب بينهم وبين تغلب، فمنَّ عليه وأعطاه مائة من الإبل، وردَّ عليه ماله، فمدحه القطاميُّ بقصيدة طويلة. يقول فيها " من البسيط ":
مَن مبلغٌ زُفَرَ القيسيَّ مِدحَتَهُ ... عن القطاميِّ قولًا غيرَ إفنادِ
فلمَّا بلغ القطاميُّ قوله فيها:
فإن قدرتُ على يومٍ جزيتُ به ... والله يجعلُ أقوامًا بمرصادِ
وحدثني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثني يموت بن المزرِّع، قال: محمد بن حميد، عن عمه، قال: لما أنشد القطامي زُفَرَ بن الحارث هذا البيت، قال له زُفَرَ: لا قدَّرَك الله على ذلك.
" محمد بن مُناذر "
حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد الكاتب، قال: حدثني يموت بن المزرَّع ابن يموت، قال: حدثني أبي، قال: إني لفي يوم من أيَّامي بالمربد، إذ أقبل رجل على راحلة، فتشوَّف له النَّاس.
فقلتُ: مَن هذا؟ فقالوا: محمد بن مناذر. فعدلتُ إليه، فقلت: سلام عليك أبا عبد الله. قال: ومَن أنت؟ قلتُ: أنا ابن يموت العبديُّ. قال: كيف حالك؟ قلت: بخير. قال: مَن شاعر العراق اليوم؟ قلتُ: الحسن بن هانئ. قال: أُفٍّ لك! هو الذي يقول " من الهزج ":
1 / 3