Надежда и утопия в философии Эрнста Блоха
الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ
Жанры
والمهم في النهاية ألا نرجع هذا التطور الرأسمالي إلى عنصر واحد (العنصر الذاتي، أي الوعي والتفكير المجرد من ناحية، والعنصر الموضوعي أي السلعة والمال والعلاقة الاجتماعية الإنتاجية من ناحية أخرى) لأن علاقة التأثير والتأثر متبادلة بين هذه العناصر جميعا ولا يمكن إرجاع التطور الرأسمالي لواحد منها مستقلا عن الآخر، ولأن تطور الذات الإنسانية وتغيرها قد صاحبه تطور الموضوع وتغيره، وذلك في سياق عملية جدلية شاملة تمخضت عنها أشكال جديدة للفكر وأشكال جديدة للموضوعات. والخلاصة أن الطابع المزدوج لمنتج العمل الذي تحول إلى سلعة، أي باعتباره في نفس الوقت شيئا يستخدم وقيمة، وما ينطوي عليه ذلك من الأشكال المختلفة للقيمة،
48
قد كان هو السبب في ذلك التقابل المشهور في نظرية المعرفة بين الذات والموضوع، بين الفرد والبيئة المحيطة به، وبين الأنا والعالم. وهو تقابل نظري مجرد لم يكن له وجود عندما كانت العلاقة مباشرة بين البشر والطبيعة، وعندما كان في إمكانهم تنظيم عملهم تنظيما اجتماعيا مباشرا بدون توسط عملية التبادل السلعي.
نكتفي بهذا القدر من تحليلات ماركس لجانب واحد من جوانب نظريته عن القيمة لنسأل عن تأثيره على تفكير بلوخ وعن العنصر المشترك الذي تم الإشارة إليه بين الفيلسوفين. لقد اتضح من العرض السابق أن الانفصال بين الذات والموضوع أو الفكر والوجود هو في نظر ماركس مسألة تطور تاريخي وليس حقيقة ثابتة، وأن عملية التبادل السلعي هي المسئولية عن استقلال المنتجات عن منتجيها ومن ثم عن إمكان معرفة «الموضوع» معرفة نظرية عن طريق الذات المقابلة له. هنا أيضا يمكن أن نقول إن بداية تاريخ الفلسفة قد اقترنت بوجود التفكير في ناحية والوجود في ناحية أخرى. وقد تطور هذا التصور مع تطور الفلسفة فأصبح الفكر الخالص في جهة والمادة في جهة أخرى، كما انقسمت الاتجاهات الفلسفية إلى اتجاهات تؤكد الذات على حساب الموضوع أو تؤكد الموضوع على حساب الذات، ومن ثم تكرس الاتجاهات والمذاهب العقلية أو الذاتية في جانب، والمادية أو الموضوعية أو الوضعية أو التجريبية في الجانب المقابل، مع وجود استثناءات تخرج عن هذا التعميم بطبيعة الحال.
وقد سبق القول إن بلوخ ينقد التراث الفلسفي القديم (الكلاسيكي) والحديث ويحاكمه من هذه النقطة بوجه خاص، أي من جهة الفصل بين الفكر والوجود. ومع أن الفلسفة المثالية (التي يغلب فيها الفكر على الوجود) والفلسفة المادية (التي يغلب فيها الوجود على الفكر) قد حاولتا كل على طريقتها أن تقربا بين طرفي الفكر والوجود وأن تقهرا هذه الثنائية العقيمة، فقد بين بلوخ في قراءته لتاريخ الفلسفة ولبعض الفلاسفة الذين اهتم بهم أن الانفصال بين الفكر والوجود ظل هو الطابع الغالب عليهم، كما حاول جهده أن يوحد بين العناصر الإيجابية في الاتجاهين الرئيسيين لتاريخ الفلسفة (أي المثالية والمادية) دون أن ينضم صراحة إلى أحدهما بصورة مطلقة. وسوف يتضح من خلال البحث أن ماديته التي يصر عليها ليست مادية بالمعنى التقليدي الشائع لهذه الكلمة، وإنما هي مادية صوفية ودينية أو مثالية ورومانسية.
إن ماركس وبلوخ يتفقان على شيء جوهري، وهو أن اغتراب الإنسان عن ذاته وعن الطبيعة لن يتوقف حتى يتوقف استقلال الذات والموضوع كل منهما عن الآخر، وحتى تتوقف كذلك إمكانية فكر خالص في ناحية ووجود خالص في ناحية أخرى، والهدف النهائي عند كل منهما هو التوصل إلى «وحدة الإنسان الذي عاد إلى نفسه مع عالمه الذي نجح في تغييره أو تشكيله.»
49
وهذا الهدف النهائي لا يمكن تحقيقه عن طريق التفكير وحده، وإنما يجب أن يرفع أو يلغي استقلال الموضوع عن طريق الممارسة العملية وأن يتم في الواقع. ومن الطبيعي أن يجد بلوخ أسس هذه الممارسة في المادية الجدلية التي يعتبر أنها هي الفلسفة الوحيدة التي يتم فيها التغلب على التضاد بين الفكر والوجود، والعقل والحس، والقبلية والبعدية (أو العقلية والتجريبية) والنزعة الإرادية والنزعة القدرية، وهكذا يتفق النسقان المفتوحان على المستقبل لكل من ماركس وبلوخ اتفاقا جوهريا على أن الذات والموضوع اللذين تم الفصل بينهما يمكن أن يقتربا من بعضهما مع اقتراب كل منهما من نفسه أو عودته إلى نفسه.
ليس هذا العرض السابق - كما تمت الإشارة في البداية - سوى مجرد محاولة لتفسير جانب هام من جوانب تأثر بلوخ بفلسفة ماركس أو على الأقل بجانب واحد منها. أما عن تأثره بالفلسفة الماركسية في مجموعها فهو شيء واضح يفصح عنه قبل كل شيء توجهه الثوري إلى المستقبل. ويمكن القول إن ماركس مهد الطريق أمام بلوخ - الذي تجاوز الماركسية بدوره بل وجعلها تنضوي تحت لواء نسقه الفلسفي - ليقيم «علم الأمل» الذي شيد بناءه على أساس مادي وملأه بمضمون فلسفي بحيث ارتفع هذا الأمل من مستوى العاطفة الذاتية أو الفضيلة الأخلاقية إلى شروط موضوعية محددة، ويحركها وعي ثوري يضمن تحقيق الخلاص في ظل «الجماعة الإنسانية» الحقة التي ستنعم في نهاية المطاف بالسعادة والعدالة والحرية والكرامة والإخاء. (2) مؤثرات فكرية وأدبية
لم تقتصر العوامل الثقافية التي أثرت على بلوخ على الفلاسفة الكلاسيكيين والمحدثين من أرسطو إلى ماركس، وإنما أثر عليه مجموعة من الأدباء والمفكرين المعاصرين الذين ربطته بهم عرى الصداقة، ومن هؤلاء الناقد الأدبي فالتر بنيامين، والفيلسوف أدورنو، والكاتب المسرحي برشت، والمؤلف الموسيقى كورت فايل وغيرهم. ولكن أهم هذه الصداقات - كما سبق القول - هي التي جمعته خصوصا في سنوات شبابه بالفيلسوف المجري جورج لوكاتش (1885-1971م) ولما كان المقام لا يتسع للحديث عن التفصيلات الدقيقة لهذه العلاقات بين بلوخ وبين هؤلاء الأدباء والمفكرين والفنانين - وغيرهم كثير - فسوف نكتفي بإلقاء الضوء على بعضها بالقدر الذي يسمح به سياق الكلام عن أبرز المؤثرات على حياته وتكوينه الفكري، بادئين بأقرب أصدقائه إلى قلبه - على الأقل في سنوات الشباب - وهو لوكاتش. (أ) لوكاتش
Неизвестная страница