المستشرقون والسنة
المستشرقون والسنة
Издатель
مكتبة المنار الإسلامية ومؤسسة الريَّان
Номер издания
بدون تاريخ
Место издания
بيروت - لبنان
Жанры
من تلوين القديسين من هذا الركام نشأ منهج (١)، ولكنه ليس علميا بحتًا، يمكن الاعتماد عليه اعتمادًا كليًا، ولإثبات هذا أذكر مثالًا واحدًا:
يقول «بلتمان»: مثال آخر للطريق التي لعب بها التصور في تطوير المادة القديمة وإتقان القصة.
فيذكر لنا لُوقَا في الإصحاح ٢٣: ٣٩ - ٤٣ استهزاء وكلام المُذنبين المصلوبين مع عيسى.
«وكان واحد من المذنبين المُعَلَّقين يجدف عليه قائلا: " إنْ كنت أنت المسيح فَخَلِّصْ نفسك وإيانا "، فأجاب الآخر وانتهره قائلا: " أولًا أنت تخاف اللَّه إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه ...» بينما يذكر مرقس: ١٥ - ٣٢: «وصلبوا معه لِصَّيْنِ، واحد عن يمينه، وآخر عن يساره ...» واللذان صُلِبَا معه كانا يُعَيِّرَانِهِ. «فإنجيل مرقس أقدم من لُوقَا، بالرغم من المصدر القديم، يعطينا معلومات أقل من المصدر المتأخر، ويرى بلتمان التفاصيل الموجودة في لوقا عبارة عن زيادة في تصوير القصة وإتقانها!»
وخلاصة القول أنَّ هذا المنهج وجد للبحث في منطقة مجهولة مظلمة ذات أشواك، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن هيات هيات! حيث لا يمكن الاعتماد على نتائجه بحال، فكيف يمكن تطبيقه على نقد الأحاديث النبوية، وشَتَّانَ شَتَّانَ ما بين الثَّرَى وَالثُرَيَا!
الطعن في الأفعال النبوية:
ولم يقف الأمر عند حَدِّ الشُبُهَات المتهافتة التي أثاروها حول المفهوم والتدوين، وجهالاتهم حول السند والمَتْنِ - كما أسلفنا - فقد كتبوا في " دائرة المعارف " جهالات تحمل التهافت، يضيق المقام عن ذكرها (٢)، ونقل الأستاذ أحمد أمين بصورة غير رسمية كثيرًا من آراء اليهودي المجري جُولْدْتْسِيهرْ (٣)، كما نقل
_________
(١) انظر: المرجع السابق: ١٠١.
(٢) انظر: " دائرة المعارف ": ٢٩٠١٣ وما بعدها.
(٣) انظر " السنة ومكانتها ": ص ١٨٩ وما بعدها.
1 / 54